الديوان » محمد القرني " الأزدي" » بَقَايَا مِن بَقَايَا

عدد الابيات : 30

طباعة

وَدَّعْتُ دَارًا بِهَا كَانَ الهَوَى وُؤِدَا

وَرُمْتُ أَنْسَى ،طَرِيقًا دَلَّهَا وَهَدَا

وَدَّعْتُهَا جَوفَ مَحْمِولٍ عَلَى نَعَشٍ

نَحوَ القُبُورِ رَحِيلًا لَمْ يَعُدْ أَبَدَا

خِلْتُ التُّرَابَ كَفِيلًا أَنْ يُغَيِّبَهَا

تَغْيِيبَ رَمْلٍ لِغَيثٍ نَحوَهُ عَمَدَا

وَدَّعْتُهَا طِفلَ مَكْلُومٍ قَضَى أَجَلًا

كَانَ الوَحِيدُ لِشَيخٍ فَارَقَ السَّنَدَا

كَانَ البَشِيرُ لَهُ بِالوَعيِ فِي أَمَلٍ

فَصَارَ كَابُوسَ حُلمٍ بَعْدَمَا سَهِدَا

دَارٌ بِنَتْهَا مَوَاثِيقُ الوِصَالِ فَلَمْ

تَبقَى سِوَى بَعضَ أَطْلَالٍ لِمَى عُهِدَا

ضَلَّتْ تُبَارِي صُرُوفَ الهَجْرِ آمِلَةً

لِلدَّارِ أَهْلًا وَلِلأَظْعَانِ مُلْتَحَدَا

دَارٌ بِهَا دَلْوُ بِئْرٍ لَم يَرِد وَسَلَا

حَبْلَ التَّذَكُّرِ حَتَّى لُبِّسَ القِدَدَا

تِلْكَ الحَبَائِلُ كَم سَاقَتْ لِمَا زَرَعَت

وَاليَومَ رَثَّتْ بِتُرْسٍ طَالَ مَا فَدَدَا

دَارٌ شَدَت لِلْهَوَى أَلْحَانَهُ نَغَمًا

وَاليَومَ جَرَّت أَزِيزَ الصَّمْتِ طُولَ مَدَى

آلَتْ لِصَمْتِ القِفَارِ بَعْدَمَا عَزَفَتْ

لَحنَ التَّضَاحُك أَنْغَامًا لَهَا وَصَدَى

دَارٌ سَجَتْهَا ثِيَابُ النُّورِ مِن فَرَحٍ

كَانَ الوَقُودُ لَهَمْ عِشقًا وَقَد نَفِدَا

كَانَتْ مَنَار الهُدَى لِلحُبِّ فِي غَسَقٍ

وَالآنَ صَارَتْ لِدَيجُورِ الشِّقَاقِ سُدَى

دَارٌ خَلَت مِن أَهَالِيهَا وَقَد خَمَدَتْ

نَارٌ بِهَا طَالَمَا ضَمَّت بِهِمْ سَعَدَا

دَارٌ بَقَايَا بِنَاهَا كَلَّمَا نَظَرَتْ

عَينيَّ فِيهَا تَجُرُّ الدَّمْعَ والنَّهَدَا

ضَلَّتْ أَمانِيَّ تَبْنِي هَدْمَهَا أَمَلًا

شَاخَ الزَّمَانُ وَمَا نَالَ الرَّجَا جَهَدَا

دَارٌ وَلَمَّى أَضَعتُ العُمرَ مُنْتَظِرًا

كَانَ الرَّحِيلُ لِزَامًا لَم يَكُن صَدَدَا

طَالَ انتِظَارِي كَأنِّي زَهرَةٌ نَبَتَتْ

فِي قَفرَةٍ حَولَهَا أَمسَ الفَنَى وَغَدَا

لَو طِعتُ قَلبِي وَآمالِي وَأَوهَامِي

مَا جَادِتِ الدَّارُ إِلَّا أَرضَهَا لَحَدَا

حَايَلْتُ سَاقِي لِبَابٍ نَحوَهُ جُرَّتْ

قَهرًا كَأَنَّ الخُطَى فِي أَرضِهَا وَتَدَا

نُزِّعْتُ مَع كُلِّ خَطوَاتِي بِهَا قِطَعًا

رَفضًا ،فَمَا كَادَ يَلْقَى بَابُهَا جَسَدَا

ألفَيتُ فِي بَابِهَا أَنِّي وَصَلتُ عَلَى  

بَعضِي وَسَاقَطُّتُ جُلِّي عِندهَا شُهَدَا

كَأَنَّنِي نَحتُ رَملٍ شَادَهُ وَلَدٌ

فِي شَطِّ بَحرٍ فَهَالَ المَدُّ مَا حَشَدَا 

وَدَّعْتُ فِـي نَعيَهَا تَأْبِينَهَا بِدَمِي

بِالبَابِ نَصًّا: هُنَا قُبرُ الهَوَى خَلَدَا

وَسِرْتُ عَنهَا أَحُثُّ السَّيرَ فِي عَجَلٍ

حَتَّى ذَوَى عَن عُيُونِي زَولَهَا بَدَدَا 

كَأَنَّهَا شَمْعَةٌ لِلشَّمْسِ قَد حُذِفَتْ

رَاحَتْ تَغِيبُ كَطَيرٍ حَطَّمَ الصَّفَدَا

مَاكَانَ لِلبُعدِ عَنهَا أَن يُطَمِّرَهَا

عَن مُبعَدٍ أُرغِمَ الهُجْرَانَ مَضطَهَدَا 

فِي شَغفِ قَلبِي لَهَا سُلطَانُ بَايَعتُهُ

وَالدِّينُ أَوصَى لِبِرِّ العَهِدِ إِن وُعِدَا

وَالدَّارُ فِيِّ وَلَو مَاتَتْ مَشَارِبهَا

فِي غُصنِهَا يَانِعُ الأَطلَاعِ مَا خُضِدَا

وَالدَّارُ لَو أَقفَلَ الأَبوَابَ هَاجِرُهَا

لِلشَّوقِ مِفْتَاحَهُ فِي قَلبِ مَن وَصَدَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد القرني " الأزدي"

محمد القرني " الأزدي"

17

قصيدة

محمد شاعر يرى ان للحرف العربي سحرٌ مازال يبهره كل يومٍ وساعة. قارئ للتاريخ ومتشوفٌ للسانيات وتهفو نفسه دوما الى علم الفضاء.

المزيد عن محمد القرني " الأزدي"

أضف شرح او معلومة