الديوان » أحمد مرعي » زفرات مهموم

 
وفي كل يوم ننتظر الفرج مرات
ننتظر شروق شمس الحياة
يهفو بنا بعض النسم
فنستقل النواضح إلى الفلاة
نحلم أن تشرق شمس الحب 
جلية في كل القلوب
نحلم أن تشرق 
ولو فى وقت الغروب
كحلم الميت بضم الحبيب
كشيء يثور ثم لا يؤوب
يا أيها المرتعد جوعًا
من يمسح الخوف
القابع فى بطون الثكالى؟ 
ومن يمسح عرق الكادحين؟!
هل يمكن أن تحيا الحضارة وتعاد الأمجاد
بضغطة زر على الهاتف الخلوي؟! 
أو ليس يعمل بخاصية اللمس؟
من يحمل المشاعل؟!
لينقل إلى "ناسا" –من بيننا بعض الجثامين؟
كماء أجاج خرجت الكلمات
كلعنة الفراعين 
وكالماء الفار بعيدًا جدًا 
أسفل قيعان البراري والفيافي
يا أيها اللاعن
قـامـوسـك المـيـّـت
 كغصن البان
كلون الأقحوان
يشجب في ربوع المعمورة
عند السواقى المسحورة
في انتظار المطر بالزنابق السوداء
يا أيها السنونو الباكي 
من سرق من فتاتي عقلها المعوج؟
من عانق بعد السحور الدموع؟!
يا زهرتي وأفناني
أنا السرب الهارب لولاك
أنا وهج حروف العاشقين
أنا أمسية الأرامل واليتامى
أنا صلوات الليل التى هجرت
أنا حقوق الإناث التى نهبت
أنا صلة الأرحام التى قطعت
أنا الأعمال السفلية التى عملت
أنا رقاب الأحرار 
التى علقت على مشانق الحرية
أنا رياح الكراهية السوداء 
التى تهب على الغاصبين
أنا النزف الداخلى بين شقوق الأرض ينمو
ليطعم الفقراء من أكوام القمامة 
حيث لا زكاة ولا صدقة 
ولا أحد يربت على كتف أحد
أنا دموع المشرئبة أعناقهم 
إلى العلم والمجد
ثم لا وظائف ولا سفر
أنا المخبر المحموم غليظ الكفوف 
فى بلاد إما السلم أو العدالة
أنا الجرح الذى طال سديم الأفق
أنا الوطني الذى يخشى الإرهاب
وأنا الجبان الذي يخشى المرور على كمين
أنا القمح الذى شاخ فوق السنابل 
من أصداء قرطبة، ومن سماء غرناطة
 ومن أرض فلسطين الأبية حذرت:
يومًا ما سيتقاسمون أجسادنا 
كما تقاسموا أوطاننا يا أخرق
فى البلاط لاحظت أن السمك متجاوز الطموح 
يأكل كرزًا أحمر
والزيتون ممتنع أن ينمو بشكل طبيعي 
فى وجود الغرنق
والدهر أضحى كالمحيط رائحته مرعبة 
في كل يوم تزيد وتفرق 
ياوطني لا تبكي ..لا تقلق، 
فأنا لست من ذوي السن الأزرق
أنا ديوان العروبة المسطر 
في كل يوم أزيد وأكبر
لكني بلا أدنى ذاكرة تذكر
أعشاش طير تلم فتات الخوف 
والعم سام عليَّ مسيطر
نفط الخليج، هضاب سوريا 
وجبال لبنان، ونيل مصر، 
وأرض وقمح السودان، 
وما بقي من بلاد الشام والعراق والإسلام
كل هذا يشجب.. ويدين وينكر 
نبارك، نعانق، نفرش النمارق، 
والموت لكل مُنكر!
أين ماء الوجه؟! 
أين ماء الحياة؟!
لا طوبى يا "مستر"؟!
هلا أهدوني نيشانًا فى حب البلد!
هو شئ بمذاق الدمع الكاذب
وشمع بلون الثلج الغائب 
وطبشور بلون القمر المهاجر
فى ظل واحة قصيرة المآرب
ناديت و إسلاماه! 
ثم...واااا قوميتاااااه! 
فلم يجب حتى الصدى!
أضحوا يعيرونني بالعروبة 
لم أعد أكترث
وآخرون وضعوا رؤوسهم في المراحيض النجسة 
شعرت بالغثيان لهم ومنهم
... كدت أنطق
لا تنطق، صرخوا في وجهي 
أطعموني الخبز المتعفن
عذبوهم بضغط الماء.....حرقوا أصابعهم،
لعنوهم بكل لغة يعرفونها أو لا يعرفونها
ثم طعنوهم بألف سيف لا تنسى مرارتها
ناديت بأعلى صوت.... 
يا مصر! يا عراق! يا سوريا! يا مغرب!
 يا ليبيا! وموريتانيا، وكل وطني وبلادي!
ما من مجيب!
إلى بلاد لا تأكل القمح ولا تعرف الشمس غيبوهم
وإلى الذئاب والسباع والضباع .....ألقوهم
أنا ذاهب.. أنا غارب!
سأكون ككل شئ... ناحب
الدبلوماسي والشيخ  
والطالب والزاهد والراهب 
لكن قبل الرحيل لي سؤال:
عروبتي كيف قبلتِ أن تضيعي، وأن نضيع؟!
دون تقدمة أو عنوان
 فى غيابات الجب وفي بحور النسيان؟!
يا تهامي...هل من وديع؟!
ولو صرخنا بدلًا من عام ألف عام
يا أمتي اتحدي
يا أمتي انتفضي 
 يا أمتى انتبهي
كفاكِ السبات
كم حقًا يؤسفنا أن يفرض عليكِ الصمت!
كم صار يؤلمنا أن أقصاك تحت السوط!
يا كل قومي.. لن يجدي ذا الهمس
هلموا.. فلتشرق الشمس !!!!
فلن نرضى أبدًا بالذل  
ولن نخضع أبدا للظلم
وسنبقى دوما للكل
 في كنف الحق والسلم 
ياشمس حضارة دنيانا
يافجر هداية حيرانا
يمناكِ! ما أطيب مرءاكِ!
وما أخصب زرعك ونماكِ!
يا نيل الجنة يغشاكي
والله حاميكِ ويرعاكي
أشتاق يقينا لهواكِ
 وأرتاح سنينا بهداكِ
يا خير جنود الأرضية 
وأسعد أقدار البشرية 
وبلاد الأزهر عربية
تهواها قلوب الحرية!!!
عودوا دومًا للكل 
عونًا ونجاة من سام!!!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد مرعي

أحمد مرعي

11

قصيدة

مترجم وكاتب وباحث دكتوراه بكلية الآداب- صدرت لي عدة أعمال- منها ديوانان- ورواية- وعدة كتب أكاديمية

المزيد عن أحمد مرعي

أضف شرح او معلومة