الديوان » احمد علي سليمان عبد الرحيم » ياسمين والرحيل إلى الله!

عدد الابيات : 47

طباعة

دَمْعُ العيون على (ياسْمينَ) ينحدرُ

والقلبُ مما جرى يأسى وينفطرُ

والنفسُ تجترُ آلاماً تُسَربلها

ويستبدُ بها الإيلامُ والضجر

وتُؤلمُ الروحَ أشجانٌ تُكابدُها

والحزنُ يَزدردُ البُشرى ، ويَستعر

في قصةٍ صُبغتْ بالكرب أحرفها

والنص تخنقُه الآهاتُ والكَدر

أوّاهُ لو تُرجعُ الأحزانُ مَن رحلوا

حزنتُ دهراً على أشاوس قبروا

ياسْمينُ ذِكراكِ لم تبرحْ خواطرَنا

فكم نفاخرُ بالذكرى ، ونفتخر

مازال صوتُك بالقرآن يُطربُنا

فيهِ العذوبة والترنيم والسمر

وفوق مِشجبه الحجابُ نشهدُهُ

وخلفه الدرعُ والجلبابُ والخُمُر

وتحت كُرسِيّكِ السجادة افتُرشتْ

بها احتفى القلبُ والإحساسُ والنظر

صَليْتِ ما شئتِ يا بنتاهُ عن رَغب

وفوق خديكِ بات الدمعُ ينهمر

ثم اشتكتْ ألماً في البطن يُؤلمُها

والطبُ حارَ ، ولاحَ الشكُ والخطر

وفاجأ (اسْتِيفنُ) الجميعَ مُعتذراً

عن أي شيئ خبيرُ الطب يعتذر؟

ماذا وراءك يا دكتورُ مِن خبَر؟

عساه يُسعدُ أهلاً ذلك الخبر

عساك تحملُ بُشرى الخير تُسْعِدُنا

إنا لبُشراكَ يا دكتورُ نفتقر

 ياسمينُ هذي لنا أكسيرُ عِيشتنا

والنورُ والفرحُ بل والسمعُ والبصر

فقال: سِتاً من الشهور عِيشتُها

وبعدهن نرى (ياسْمينَ) تُحتضَر

وينقضي العمرُ ، لا تبقى بشاشتُهُ

وتُصبحُ البنتُ في عِداد مَن قبروا

والجسمُ يُزوى ويُفني الموتُ نضْرتَهُ

إذا دنا أجَلٌ ، وودّع العمُر

يا سيدي سرطانُ الدمّ جَندَلها

وهَدّ قوّتها ، فاستفحلَ الضرر

إن التحاليل هالتْني نتائجُها

طالعتُها ، ودموعُ العين تنحدر

وكنتُ أرجعْتُ في أوراقها بصري

لعل شيئاً عن العينين يستتر

فارتد لي بصري مؤكداً خبراً

كأنهُ الشمس إذ طلعتْ أو القمر

ماذا أقولُ لكم ، واليأس يخنقني

وضِقتُ ذرعاً به ، ما عدتُ أصطبر

ألومُ طبي ومستشفايَ والزملا

ما الطبُ إنْ خيّمَ القضاءُ والقدر؟

البنتُ يا قومنا واللهِ راحلة

وداؤها بين أهل الطب مُشتهر

أقول هذا ، وكُلي حسرة وأسىً

حتى المزاجُ – من المأساة مُعتكِر

أجترّ حزني ، وآلامي تُزلزلني

وليس لي من جوى خواطري وَزر

خذوا الفتاة ، وعِيشوا الست في مرح

كما تعيشُ على التفاؤل الأسر

فعادتِ الأسرة العصماءُ ضاربة

كَفاً بكفٍ ، وأردى حِرصَها الحَذر

والأبّ داهمَه البكاءُ مُكتئباً

وكَسْرُ خاطره ما عادَ يَنجبر

والأم كانت لها الأخبارُ صاعقة

وهل يُطيقُ لظى الصواعق البشر؟

غابت عن الوعي ، أعيتْها مصائبُها

لم تحتملْ أن ترى (ياسْمين) ما ذكروا

أما أخوها فغطاها بدمعته

وغالبتْه عليها أدمُعٌ أخَر

مُسْتبعداً أن يرى (ياسْمين) مَيّتة

ما انفك تندبُه الخِلالُ والسِيَر

قضى المليكُ على الجميع سُنته

والموتُ يا صاح لا يُبقي ولا يذر

وأيقنَ الكل أن الموت مُدركُها

عما قريب سيزوَى شخصُها العطر

أما الطبيبُ فألقى بعضَ أسئلة

على الفتاة يُواسيها ومَن حضروا

فسَلمتْ أمرها لله قانعة

وليس ينفعُها خوفٌ ولا حذر

ولن تُفيدَ مع المصاب هينمة

وفي تلاوة آي الذكر مُزدجَر

والست مرتْ مرورَ الطيف حالمة

وموتُ (ياسْمين) يا للهول يبتدر

والوجهُ أشرقَ لم تُخطئهُ نضرتُهُ

وللرحيل مدىً – بالسعد يُختصر

والسقفُ شُقّ عن الملائك انتشروا

في مَوكب ضاق عنه السمعُ والبصر

وللرواة على الأخبار عُهدتُهم

إني أدوّنُ ما جميعُهم نشروا

وودّعتْ أهلها (ياسْمينُ) راحلة

إلى المهيمن ، نِعمَ المَشهدُ النضر

أراحَكِ اللهُ يا(ياسْمين) من مرض

يَفنى الأنامُ به مُستبشعٌ أشِر

عليكِ رحمة رب الناس ما ينعتْ

ورودُ رَوض ، وفاحَ العِطرُ والزهَر

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1855

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة