الديوان » جمال قيراطة » مساكين بنو هذا الزمان

عدد الابيات : 45

طباعة

مساكينٌ بَنو هذا الزَّمانِ

يَظُنُّونَ المَعِيشةَ بالتَّفاني 

يَشنُّونَ الحُروبَ لِغيرِ داعٍ

ويَنتَظِرونَ عيشاً في أمانِ 

تَغُرُّهُمُ الدُّنى ودَروْا يَقِيناً

بأنَّ المرءَ فيها مَحضُ فانِ 

ويَستَعْلي صَغِيرُهُمُ وهُمْ إنْ

عَلا أعلاهُمُ فَعلى حِصانِ 

يُعاني المرءُ مِن عِظَمٍ بِنَفسٍ

إذا غطَّى الكَواكِبَ بالبَنانِ 

ويَحسِبُ نَفسَهُ فوقَ الثُّرَيَّا

وما بينَ الخَلائِقِ منهُ ثانِ 

وتُلْزِمُهُ الفِراشَ أخَفُّ حُمَّى

ولا تقوى على الرَّدِّ اليَدانِ 

جرى داءُ الجَهالةِ في البَرايا

فَعمَّ الخلقَ مِنْ إنسٍ وجانِ 

وما عَرفَ السَّلامةَ مِنهُ ناجٍ

فداءُ ذَوي العُقولِ مِنَ البَيانِ 

وفي العصرِ الحَديثِ نرى فَساداً

يَشِيبُ له الفَتى قبلَ الأَوانِ 

فذي امرأةٌ تَبِينُ بِلا حَياءٍ

وذا رَجُلٌ تَشبَّهَ بالغَواني 

وذا شِبلُ العُروبة باتَ هِرّاً

يُعلِّمُهُ الدَّلالَ أبو فُلانِ 

ومُرتَئِسٍ يُلوِّثُ مجدَ عُرْبٍ

بِأنواعِ المَذلَّةِ والهَوانِ 

وما عَجبي مِنَ الرُّؤساءِ لكنْ

منَ الشَّعبِ المُصَفِّقِ لِلجَبانِ 

ومِن عَجَبٍ بِنا الإسلامُ خابٍ

ونَزعُمُ عِزَّةً وعُلُوَّ شانِ 

هدَمنا ما بَنى الأسلافُ مِنَّا

ورُحنا فاخِرينَ بِكُلِّ بانِ 

وهَيهاتَ المَعالي مِن جُدُودٍ

تُوَرَّثُ كالدَّراهِمِ والمَباني 

وما نَفْعُ القَرابَةِ مِن كِرامٍ

وليسَ القُربُ إلا بِاللِّسانِ 

أمِن قِمَمٍ سنَبلُغُ أو مَكانٍ

ودينُ اللهِ مُختَرَمُ العِنانِ 

بِشَرعِ اللهِ نَحكُمُ غَيرَ أنَّا 

نُساوي بَينَ مُلْتَزِمٍ وزَانِ 

وأَصبحَ ما يُؤَهِّلُ شَيخَ دينٍ

إلى الفَتوى عَمامَةُ أُرْجُوانِ 

لقدْ عدِمَ الأَنامُ سَبِيلَ رُشْدٍ

فباتَ الجُلُّ مَسخرةَ الزَّمانِ 

وصِرنا لا نُؤَاخِذُ عُمْيَ قَوْمٍ

لِكَوْنِهِمُ عَواماً في الكِيانِ 

وهذي ميتَةٌ ليستْ بِرُزْءٍ

يُصابُ بهِ العِبادُ أوِ امْتِحانِ 

وأَحبابٍ يَحِلُّ بِهمْ فِرَاقٌ

يُوَقِّيهِمْ شُرُورَ الإفْتِتانِ 

وأَهلُ العِشْقِ قدْ عابوا التَّنائي

وما عَلِموا بأَضرارِ التَّداني 

وحافِظُ وُدِّ أَهلِ الوُدِّ بُعْدٌ

وما حَفِظَ الهَوى مُتَقارِبانِ 

وأَفضلُ زائِرٍ طَيفٌ بِلَيلٍ

خَيالٌ مِن حَبيبٍ غَيرِ دانِ 

تَمتَّعْ بالخَيالِ فرُبَّ حُلْمٍ

تَحقَّقَ ما أَسَرَّ سِوى ثوانِ 

جَمالُ الحُلمِ أنْ يبقى مُراماً

وأَنفَسُ ما لَدى المَرْءِ الأَماني 

وهادِمُ حُلمِهِ رُكناً ومَبنىً

مُحاصِرُهُ بِوَقتٍ أو مَكانِ 

ولا تحفلْ بِمُسهِرَةِ اللَّيالي

فليسَ على البَسِيطَةِ أيُّ هاني 

هِيَ الدُّنيا عُقُوبَةُ آدَمِيٍّ

ومَنزِلُ كارِهٍ وعَناءُ عانِ 

ولوْ كانَ الرَّخاءُ لنا نَصِيباً

لَكُنَّا الآنَ نَنْعُمُ في الجِنانِ 

كَرِهتُ إِحاطَتي بالناسِ عِلْماً

فما غيرُ الإِحاطَةِ ذي شَقاني 

وإنْ أكُ حاسِداً فَلأهْلِ جَهلٍ

فما مِنهُم شَقِيُّ أو مُعانِ 

ولي عقلٌ يَدُرُّ عليَّ وَعياً

ولي قلبٌ يقولُ له كَفاني 

بُلِيتُ بِمَعشَرٍ لمْ ألقَ فِيهِمْ

أَخا لبٍ شَجاهُ ما شَجاني 

كأنَّ الناسَ كُلَّهُمُ نِيامٌ

ووَحْدي من تَنبَّهَ لِلزَّمانِ 

صَحَوتُ فَبِتُّ في أرضي غَرِيباً

أُفَتِّشُ عن شَريكٍ في المَعاني 

صَديقٍ يَشتَفي منهُ فُؤادي

شَريفٍ مُستَحِقٍ لي هِجانِ 

فلمْ أرَ في الوَرى رَجُلاً حَكِيماً

أقرِّبُهُ وأُشرِكُهُ بِشاني 

وعاشَرْتُ الكَثِيرَ فَلمْ أُقابِلْ

نَقِيَّ الصَّدرِ مُصْطَلِحَ الجَنانِ 

ولكنْ كلَّ ذي طبعٍ ذَمِيمٍ

له نابٌ وسُمُّ الأُفْعُوانِ 

ولَولا أنَّني رَجُلٌ كَريمٌ

بَخِلتُ على اللَّئِيمِ بِأنْ يَراني

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جمال قيراطة

جمال قيراطة

15

قصيدة

جمال عبدالناصر قيراطة شاعر سوري ولد في قرية طعوم في ادلب السورية عام 2002 وانتقل الى تركيا عام 2012 واكمل دراسته في تخصص الرياضيات

المزيد عن جمال قيراطة

أضف شرح او معلومة