الديوان » مظاهر ريسان » احتضار المجتمع

يُسِيءُ لِمَاضِ النَّاس مُحْتَقِراً
وَفِي النَّفْسي يَمْضِي لِلْهَوَي وَاللَّعِبِي
لَمْ يَكْتَفَي وَمَشَى مُسْتَكْبِراً
وَأَعْمَالهُ فِي الدَّيْنِ غِطَاءٌ لَهُ
وَالنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ أَغْشوا حَوَاسِّهِمْ 
مُسْتَمْتِعيِّنَ بِمَا اتَاهُمْ مِنْ جَهِلَهِ، 
جَاهِلٌ يُقَابِل أَخِيه.. 
بِالْجَهْل أَخُوة! 
كَمَا بِالنَّفْسي وَالْفِكْرِيّ.
بَدَوِيٌّ جَفَا بِالْقَوْل مُتَنَكِّر
يُصَاحِب مَنْ فِي الضَّمَائِرِ يُنَاوبه. 
وَعَدَّ الْحُرّ دَيْن، تِلْك أَمْثَالهُمْ،
الْوَفَاء طَبِيعَتِهِمْ وَالْغَدْر مَذْمُوم
ذَلِك ظَاهِرِهِمْ وَالْبَاطِن يَخْدَعُهُمْ،
يُقْبَل بِالْعُهُود وَيَنْكث بِهَا، 
نَحْن هُنَا وَنَحْنُ نَعْبَثْ بِمَا نَشَاء، 
قَبِيلَتهُمْ قُوَّتهُمْ، سَيُفْهَم حِكْمَتهُِمْ، 
قَوْلهُمْ دِمَاؤُهُمْ، صَرَاحَتهُِمْ قَبَّحَهُمْ، 
أَمْوَالهُمْ وَسَخَهُمْ، عَادَتُهُمْ ثَارَهُمْ، 
عَصَبِيَّتهُم قِبْلَتَهُمْ، نَهْبَهُمْ وَهَبَهُمْ.
نَاقَةٌ تَمْشِي وَصَوْتُهَا حُنَيْن
تَغْلِبِيٌّ زُغَرَوتٌ يَتَهَرَّأ بِسَهْمٍ أَعْوَج 
أَدْمَاهَا، فَغَضِب صَبِيُّ بَنِي بَكْرٍ فَقَتَلَه، 
أَرْبَعُونَ سَنَةً وَالسَّبَبُ وَاحِدٌ
نَاقَةٌ وَبَدْوِيٌّ وَفِكْرٌ أَهْوَجُ.
صِرَاعٌ حَضَارِيّ وَتَنْاشز مُظْلِمُ، 
حَضَارَةٌ فِي غَيَاهِبِ اللَّيْل انْدَثَرَتْ،
نَحْنُ مَنْ خَطَّ أَوَّلِ حَرْفٍ
فِي نُجُومِ سَوْمِر اسْتَوَتْ. 
رَجَعْنَا الَاف السِّنِينَ 
فِي بَقَايَا الْمَاضِي صِرْنَا، 
حَضَارَةٌ، 
وَقَانُونٌ، 
وَفِكْرٌ، 
وَعلِمٌ، 
وَحَيَاةٌ،
كُنَّا..
فِي عَصْرٍ حَدِيث اخْتَفَتْ، 
رَجَعْنَا لِعَصَورٍ مَظْلِمَةٍ
وَبَقِيَّ وَرَاءَنَا الْمَجْد وَالْعِلْم،
أَنْبِيَاءٌ مِنْ السَّمَاءِ أَرْسَلُ
مَنْ يَعْرِفُهُمْ يَعْرَفُ الْأَمَان 
وَمَنْ يُضِلَّهُمْ يَضِلَّ الْحَيَاة، 
بِاسْمِ الْإِنْسَانِيَّة تَوَحَّدُوا
بِاسْمِ الْحُرِّيَّةِ عُرُفُوا 
بِاسْمِ الإله تَبَاهوا. 
مَعْبَدُ داوُود بِالتَّوْرَات زُخْرُفَ
وَكَنِيسَةُ عِيسَى بِالطُّرُقَات تَهْتِف
وَجَامِع مُحَمَّد بِالْقُرْان تَوَحَّد
لِأَجْلِ أَمْرٍ وَاحِدٍ سَارُوا 
لِأَجْلِ أَيْمَانٍ بالحُرِّيَّة نَاضًّلُوا
كُلٌّ بأَمْرٍ وَاحِدٍ اتَّحَدُوا
بِاسْمِ الْإِنْسَانِيَّة تُوُفَّقُوا.
بَعْدَ كُلِّ تِلْكَ التَّضْحِيَات، 
لَازَال مَيْلِهِمْ لِلْجَاهِلِيَّة تَبَاهيا، 
تَخلَّفٌ، وَطَائِفِيَّةٌ، 
وَقَتلٌ، وَإِرْهَابٌ، 
وَتَعَصُّبٌ، وَعُدْوَانٌ، 
إِلَى أَيْنَ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ اسْتَفَاق
إلَى مَتَى وَالْعُرَاق شَهق بِالْحُرُوب
عَثَرَاتٌ وَزَمَن طَوِيل
أَعْيَن الْأَطْفَال لِلأَحْلام لَوَّحَتْ، 
وَادَّمع الْأُمَّهَاتُ لِلشُّهَدَاء ذُرَفَتْ، 
وَفَتَاةٌ بِالْأَمْس تَشِعْ بِنُورِهَا
وَمِنْ أَوَّلِ كَلِمَةٍ انْطَفَأَتْ
قَالَتْهَا وَدَمْعُ الْعَيْنِ يَذْرِف دَمْاً:
أَحَبُّ الْحَيَاة..
لَمْ يُحِسَّ بِهَا أَحَدٌ، فَقَالَتْ:
أُحِبُّ السَّلَام..
لَمْ يَفْهَمْهَا أَحَدٌ، فَقَالَتْ: 
أُحِبُّ الْأَمَان.. 
لَمْ يَشْعَرْ بِهَا أَحَدٌ، فَقَالَتْ: 
أُحِبُّ الْعُرَاق..
فَقُتِلتْ!. 
مِيلُ الْأَيَّامِ يَمْضِي
وَنَوَارسُ حلَقْت
مَا لِي أَرَاكَ أَسْوَد الأَحْزَاني. 
شَجَرَةُ الأُمْنيَات تُودَعُ رَاحِلِّيهَا
عَلَى وَرَقَةٍ وَحَبْر الْقَلَم مِنْ دَمٍ
شَرِبْتْ حَتَّى اسْتَفَاق عَطَّشَهَا
مِنْ كُؤُوس الدَّمْ دَمُ
تَكْتُبُوا رَاحِلِّيهَا وَأَسْمَاءٌ لَا تَنْتَهِي
عِنْدَمَا تَمُوت، يَمُوت الْكَوْن
جُذُورُهَا مُتَشَعِّبَة فِي أَعْمَاقِ الأَرْضِ
تَمْتَصُّ سُمُّ أَقَاوِيلِهِمْ الْمُسَخَّرَة
فَضَغَثَ
الْمَاءُ بِالدَّم
الْمَوْتُ بِالْحَيَاة
الْحَضَارَةُ بِالتَّارِيخ
فَمَرِض الْجَمِيع
وَاحْتَضَرَ الْمُجْتَمَع
فَعَاشَ الْعُرَاق!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مظاهر ريسان

مظاهر ريسان

12

قصيدة

مظاهر ريسان، كاتب وباحث وشاعر، لدي العديد من القصائد ومن ابرزها: الذكرى الأخيرة، وحيدٌ انت ايها المنسي، الخ...

المزيد عن مظاهر ريسان

أضف شرح او معلومة