الديوان » الشاعر.عباس محمود عامر » جِدَارُ البَيْت

جِدَارُ البَيْت ..

للشاعر.عباس محمود عامر 
"مصر"
نَظرَاتُ العيُونِ 
مِنَ العيْنِ السِّحْريَّةِ 
إشْعَاعٌ فَوْضَويٌّ
مدَّ ذِرَاعَهُ خُلْسَةْ
أضْرَمَ النَّارَ فِي حُجْةِ البَيْتِ 
يَأْمَلُ فِي هَيْبَةِ النَّجْمِ 
فِي عُرسِ الأفْلاكِ ،
وهَيْمنَةِ النُّبَلاَءْ ..
إشْعَاعٌ فَوْضَويٌّ
اسْتَقرَّ بِصَدْرِ جِدَارٍ مِنَ الخَرسَانِ ,
فأَهْزَلَهُ ,
فِي التَّوِّ فَرَّ الصَّمتُ ,
وحَامَتْ 
دوَامَةٌ مِنْ بُرَاءِ الشَّوَارعِ ,
ثَائِرَةٌ كالحَمْقَى ,
تَهْذي بحَفِيفٍ
قَالُوا : رَبِيعٌ يَأْتِي ..
رَبِيعٌ يَأْتِي فِي جِلْبَابِ خَرِيفٍ ..! 
يُنَقِّبُ صَفْوَ الدَّارِ بالأتْرِبَةْ ..!
قَشَّةٌ للبَعِيرِ 
تقْذِفُهَا الرِّيحُ فِي كُلِّ اتْجَاه /
عَامِلٌ للبنَاءِ يَحُطُّ بُطَانَاتِ التَّرْمِيمِ                                                                                    
فَوْقَ صَدْرِ الجِدَارِ 
حتَّى لا يُهَارُ مِنَ الأحْمَالِ ،
وارْتِجَاجِ السُّعَالِ /
طبِيبٌ يَخِيطُ الجِرَاحَ 
بلَا خَيْطٍ أَوْ رِتَاقٍ
لمْ يَتْقِنْ وصْفَ الدَّوَاءْ /
مشْعُوذٌ يَبِيدُ السِّحْرَ 
برِطَانٍ غَيْرِ مفْهُومٍ ..
ـ هَلْ نَسْتَلُّ فِي غَدْرٍ نَصْلاً طَائِشَاً 
فِي وجْهِ نَسِيمٍ نَنْشُقُهُ 
فِي ظَهْرِ ظِلَالٍ تَأْوِينَا ..؟
ـ ربَّمَا تِيْمةٌ مُلْقَاةٌ عَلىَ أنْقَاضِ الدَّرَجْ ..
ليْلٌ سَفِيهٌ عَثَا فِي حَرِيرِ النَّهَارَاتِ /
فَخَّخَ حُلَّتَهُ فِي مَلائِكةٍ تَحْرِسُ الأجْوَاءَ
ألمْ تَكْفِيهِ مَا اقْتَرفَتْ مِنْ ذَنْبٍ عَاصِفةُ البَيْدَاءْ
فِي مَأْسَاةِ " الرَّافِدَيْن " ..؟
 
ليْلٌ بَذِئٌ سَاقَ نِمَالَاً 
يرْعَى خِرَافَاً
يَأْوِي نمُورَاً ,
وصُقُورَا ,
هَذِي أشْلاَؤكَ يَا ليْلُ صَارَتْ حُشُودَا
تنْهَلُ مَا طَابَ فِي مَطْبَخِ النَّافِلَةْ 
فِي يَوْمٍ كَانَ مشْهُودَا                                                                                 
وسْوَسَ فِي لُبِّ الشَّمْسِ فَاحْتَرقَ اليَاسِمِينُ ,
وزَهْرٌ يُزَيِّنُ جِيْدَ الشِّتَاءِ ،
وكُلُّ الفُصُولِ ,
فَأَمْسَى شَهِيدَا ,
وشَاهَتْ خَرَائِطُ فِي قُطْرٍ كَانَ مسْعُودَا 
يَا ليْلُ كَفَانَا .. كَفَانَا ..
شَرْخٌ تَهَافَتَ فِي صَدْعٍ غَائِرٍ 
غَيْرِ مَأْمُونٍ فٍي جِدَارِ البَيْتِ ,
وعنْدَ هِجَاءِ الرِّيَاحِ تَأَذَّىَ القَلَمْ 
أُضَاعِفُ أشْرِطَةَ الأقْرَاصِ 
لكَىّْ يسْتَكِينَ الأَلَمْ 
ينْحَنِي جَسَدِي بالشُّرُوخْ
يتَرَقَّبُ فِي وَلَعٍ 
سَكْتَةَ العَاصِفَةْ .. 
 
فأنَا والحَبِيبَةُ فِي ظَهْرٍ وَاحِدٍ
أهْلُنَا الحَيْرَى والرِّفَاقْ 
حُلْمُنَا :
كَسْرةٌ مِنْ فِتَاتٍ تَفِي جَوْعَنَا /
لبْدَةٌ مِنْ غَزْلٍ وَنَسْجٍ مِنْ صُنْعِنَا ..
حُلْمُنَا :
فِي ذَاكِرَةِ الشَّرقِ حَرْثٌ جَدِيدٌ
والمَاءُ يجْرِي بيْنَ جَدَاوِلِهِ ,
عَلَّ يّأْتي رَبيعٌ فِي ثَوْبهِ 
كالظَهِيرَةِ يزْهُو بألْوَانِهِ ..
أيْقُونَةُ الخَلْقِ صَاغَتْ أسْطُورةً
 للعصَافِيرِ تَحْلَمُ مثْلَ النَّوَارِسِ 
لَنْ تنْسَى دِفْءَ أوْكَارِهَا /
لاَ نُسَامِحُ سِرْبَ الرُّعُودِ التِي 
تخْتِلُ البَحْرَ , تَشْعُلُ بالبَرْقِ أمْوَاجَهُ , 
لَكِنْ ,
نَنْزَعُ الشَّوْكَ مِنْ عُشْبٍ أخْضَرٍ 
صَافَحَ الأوْرَاقَ بِلَا ضَرَرٍ
للأرْضِ غَزَالتُهَا تَغْسِلُ الأرْوَاحَ مِنَ الدَّمْ ..
حُلْمُنَا :
كالبسَاطَةِ عَابِرَةِ القَارَاتِ 
لَكَىْ نَبْسِطَ الإشْرَاقَ عَلَى العَالَمِينْ
كُلَّمَا شَيَّدْنَا صَرْحَاً مِنْ رَمْلَةِ الشَّاطِىءْ ,
تَجْرِفُهُ الأمْوَاجْ .. !  
 
فأنَا والحَبِيبَةُ فِي ظَهْرٍ وَاحِدٍ
أهْلُنَا الحَيْرَى والرِّفَاقْ 
نحْتَسِي مِنْ مَآقِي الصَّبَّارِ , 
صُبْحَاً ومسَاءَاً
ننْعَسُ فِي سَفَرٍ
غَابَ عَنْهُ مَحَطُّ النُّزُولْ ,
عَنْ غُثَاءِ المُرِّ بِجَوْفِ الدَّهَالِيزِ 
تقْعُرُنَا فِي غُفْلٍ بَالُوعَةٌ للظَّلَامِ ,
كَأَنَّ النَّهْرَ تَلَحَّى بلَوْنِ الغَسَقْ ,                                                                      
فنَسِيرُ بلَا رَجْعَةٍ فًوْقَ كَتْفِ الزَّبَدْ ..
تدْهِشُنَا 
رَعْشَةَ الفَجْرِ لمَّا رَأَى الذُّؤْبَانَ
تُطَاردُ ذيْلاً مِنَ الضَّوْءِ ,
ينْبُضُ فِي لَحْدِ الأيَّامْ , 
والثَّعَالِبُ تَنْصُبُ مِنْ لغْوِهَا
سَاسَةً فِي الميَادِينِ , 
والرُّخُّ يَسْقُطُ فِي لِعْبَةٍ مَاكِرَةْ ..
رَبَّاه ..
رَبَّاه ..
نَوْبَةٌ للصَقِيعِ سِيَاطٌ عَلَى الأبْدَانِ ,
فنَلْتَمسُ الصَّيْفَ أحْيَانَاً 
كَمْ ألْهَبَتْنَا قَدَّاحَةُ الوَجَعِ المَوْصُولْ /
نَخْرٌ يَتَجَدَّدُ فِي عَبَثٍ دَائِمَاً 
فِي عِظَامٍ فَقِيرٍ 
لا يقْوَى عَلَى السَّيْرِ فِي الأسْوَاقِ ,
ومسَايَرةِ القَامَاتِ 
ذِي الأرْقَامِ الفَارِعَةْ ..
نقْرِعُ زِرَّ الأجْرَاسْ /
نسْتَجْدِي العَطَايَا مِنْ فَضْلِ العَابِرِينْ 
قَدْ نُجَالِسُ فِي يَوْمِنَا السَّائِلِينَ عَلَى الأرْصِفَةْ 
أصْبَحْنَا مِثْلَ الصَّعالِيكْ 
هَلْ نُعَاصِرُ سُخْطَ العُثْمَانِيينَ فِي تَارِيخِهِمْ ..؟
ينْحَرُنَا سَيْفُهُمْ كالمَمَالِيكْ ..؟                                                                         
الوعُودُ سَبَايَا ,
والعُهُودُ تَمُرُّ ,
وتنْهَشُ مَا يَتبَقَّى لنَا مِنْ خَزِينِ البَيْتِ
جَهَارَاً ,
وخَفَاءً ,
بعْدَ رَحِيلِ " عُمَر " ,
فالجِدَارُ غَدَا كَوْمَةً مِنْ رَمِيمٍ 
يُحَاطُ بِلَا أَمَلٍ ,
بالعسَاسِ 
والعِتَادِ  
فِي قَاعِ المَدِينَةْ 
مرْفُوعٌ عَليْهِ لَافِتَةٌ
" ممْنُوعُ الإقْترَابِ ,
والتَّصْوِيرْ "
                *******

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشاعر.عباس محمود عامر

الشاعر.عباس محمود عامر

21

قصيدة

الشاعر . عباس محمود عامر = مصرى من مواليد الوراق .. محافظة الجيزة .. جمهورية مصر العربية . = عضو نقابة اتحاد كتاب مصر =عضو الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب . = مدرج في"معجم البابطين

المزيد عن الشاعر.عباس محمود عامر

أضف شرح او معلومة