‏ 

هذي الحروفُ التي بالكادِ تفهمُها 

كانت مساميرَ أجدادي على الطِّينِ

 صحيفةُ المُلك قبل المُلك أملكُها  

والسِفرُ سِفريَ والتكوينُ تكويني

في لحظة البدء كان الماءُ يغمرني

ولا يباس سوى أوروك يؤويني 

العامُ صِفر و لا تاريخَ يسبِقُهُ

وزرقةُ الدَّمِ سالت في شراييني

لاشيء أقدم مني ماخلا قِدَمي  

وعشبةُ الخلد تنمو في بساتيني

هذي المسلاّت في نيبور شاخصةٌ 

والعالم الحرُ حرٌّ من قوانيني

(أنام ملء جفوني عن شواردها)

وإن كتبت فنسخٌ من دواويني  

أنا خلقتُ إله الحبِّ من قلقي

وكلُّ من جاء بعدي يقتفي ديني  

لقّنتُ من جاء بعدي أبجديَّتَهُ

وحينَ كنتُ تولى الله تلقيني

كلُّ الأساطير نسجٌ من مخيّلتي 

وكل حادث دهرٍ كان تخميني 

قبل الخليقة دسَّ الله حكمته  

وأودع السرَّ والإعجاز في جيني

لما تحدَّثَ للأملاك عن بشرٍ 

سَيَعمرُ الأرضَ كان الله يعنيني

إذا تحيَّرتَ سل (دالي)التي اكتشفت 

في غمرة الطّينِ بعضاً من نياشيني 

أنا خُلقت لأبقى هكذا كُتبت 

على جبينيَ أنَّ الأرض سجّيني 

اقلقتُ أرضاً عليها قصتي بدأت 

لما اعترضت على خلقي وتهجيني 

فأُرسِلَ الماءُ طوفاناً ليغرقني 

وأُرسِلَ الفلكُ كيما منه يُنجيني 

ومن عجائب ربّي حين أغرقَني

بعد المماتِ تولّى طقسَ تأبيني 

ثمّ اجتباني وبثَّ الروحَ في جسدي  

حتى أصيرَ مُطيعاً حين يُحييني

قضى على نسليَ الطّوفانُ أجمعِهِ

إلا قليلاً.. ولكن كان يُغنيني

من القليل أعدتُ الأرضَ مزهرةًً 

وامتدَّ نسليَ حتى طورِ سينينِ

وجاب في الأرض يُحييها ويَعمرُها

من الفرات جنوباً للفراعينِِ  

هل تعرف (الهور) ؟

كان الهورمملكتي

 كيشًا وسرجونُ كانوا من سلاطيني

النّاصريّةُ  عفواً هل سمعتَ بها؟ 

مهدُ الحضاراتِ والشُّمِّ الأساطينِ

من سومريٍّ عظيمٍ كان يسكنُها

الى العساكرِ من كيشٍ وإخميني

فيها ترعرعَ واشتدّتْ سواعدُهُ  

أبو النبيّينَ قِدْماً بالبراهينِ

أولى المحاكم في أرجائها بُنيت

لا بالأظانينِ تقضي بل بقانونِِ 

هل تعرف البرج ؟كان البرجُ معجزتي

 مدى الحضارات من نحتٍ وتلوينِِ

قبلَ الرجالِ رجالي حلةً لبسوا  

وروّضوا الخيل تعدو في الميادينِِ

وقبل أن تخصف الغاداتُ من خَفَرٍٍ  

جرّت نسائيَ أذيالَ الفساتينِ

أنا ابتكرتُ شراعًا حينما سكنت

ريحُ المحيطات بين الهند والصِّينِِ 

لم تكبحِ الرّيحُ فُلكي حينما مخرتْ

صدرَ المحيط بأسلافي الميامين

ليَ الجنائنُ والشطُّ القديمُ ولي

قيثارةُ الرّيحِ أُشجيها وتُشجيني 

هنا رسمتُ لهذا الكون خارطةًً 

بلا مراصدَ تلقاها ببرلينِِ 

انشارُ كيشارُ آكيشٌ وما اكتشفوا 

من الكواكبِ من كشفي ومكنوني  

مازلتُ لغزاً وما انحلّتْ معادلتي

من أين جئت بعلمي أو قوانيني  

قالوا بأنّ رجالاً بضعةً قدِموا

من السماءِ وكانوا نحو خمسينِ 

من كوكبٍ ثامنٍ  في الغمرِ مستترٍٍ

نيبرو يقال لهُ يغلي كآتونِِ 

بنوا على ضفة الأهوار قاعدةًً

فيها جنائنُ من كرمٍ ومن تينِ

فيها صحونٌ الى الآفاقِ طائرةٌٌ

فيها مراكزُ أبحاثٍ لتهجيني

وعلّموني علوماً كنت أجهلها

فُلكاً وزَرعاً وأبياتاً لتؤويني

عن الرمال عزلت الفِلزَ مكتشفاً

سحراً لأصنعَ محراثي وسكّيني

بعضٌ يقولُ بأنّي جئتُ من جبلٍ

خلفَ البحار لأحيا في الأفانينِِ

بعضٌ يقول من القوقاز بعضهمُُ

من شاطئ الهند أو أرض البراكينِ

عزفتُ والطيرُ في أعشاشه خَرِسٌ

فأصبح الطيرُ يشدو من تلاحيني 

وقلت للماءِ أن يجري فسال على 

ظهرِ البسيطةِ فاخضرّتْ بساتيني 

لم أسرقِ اللَّوحَ خُطَّ اللوحُ في بلدي 

وإن كتبت فنسخ من دواويني

هنا الذي نام ليلا عن شواردها 

وأسهر الخلق من نجد لحطينَ

هنا العراق الذي لاشيءَ يُشبِهُهُُ  

إلّا العراقُ  وهذا العزُّ يكفيني...