على الحبر بحر العلم الحقائق

نريق كصوب المدجنات الدوافق

وما بدموع وكفها متتابع

وحق لذي لب محب ووامق

إراقة دمع العين سحاً ودائماً

على الشيخ إبراهيم شمس الحقائق

على علم الأعلام نجل ذوي التقى

من اشتهروا بالفضل بين الخلائق

همو أظهروا الإسلام في كل وجهة

من الأرض في غربيها والمشارق

همو جددوا الإسلام بعد اندساره

وهدوا رعان الكفر من كل شاهق

فلهفي على شمس تشعشع ضوءها

وبدر سمت أنواره في الغواسق

فما طرقتنا ليلة بمصيبة

ورزء دهى بالمعضلات الطوارق

لست مضت من شهر ذي الحجة انتهى

لست من الساعات في جنح غاسق

لتسع سنين بعد عشرين قد تلت

ثلاث مئتين بعد ألف مطابق

بأعظم منها لوعة ومصيبة

فاعول كل بالبكا والتشاهق

ولا كصباح مر يوماً بمره

كصبح تولوا بالحبيب المفارق

فضجوا جميعاً بالبكا وبالدعا

وسالت جفون بالدموع الدوافق

لفقد محب كان مذ شب يافعاً

وكهلاً إلى غير النهى غير تائق

يروم المعالي باهتمام ورغبة

فأقام إلى هاماتهن الشواهق

بهمته العليا لنيل مرامها

ونهمة مشتاق إليها وشائق

وقلب عقول مطمئن مفهم

يرى إنما تحصيلها في التسابق

فعام بتيار المعارف قاصداً

إلى ثبج هاتيك العلوم الشوارق

علوم أصول الدين والفقه فارتوى

فنال المنى منها بأسنى الطرائق

بهن ينال المرء كل فضيلة

وليس بغير العلم ترجى لوامق

فلله من حبر هزبر محقق

أبى وفي عالم بالحقائق

تقي نقي ألمعي مهذب

كريم سليم القلب دمث الخلائق

لبيب أريب أحوذي موفق

نقيبة التقوى وبغض المماذق

ووقاد ذهن حازم متيقظ

وذي حذر عن معضلات العوائق

وقد كان ذا غفل رزين مؤيد

وليس بطياش ولا التحامق

له في فنون العلم باع ومسرح

وميل إلى القول الصواب الموافق

يغوص بفهم ثاقب متوقد

لحل عويص المشكلات الدقائق

وإدراك ذي علم وحسن ورواية

يفوق بها الأقران من كل حاذق

وحفظ وإتقان وحسن تصور

لما كان معنياً يراد لسائق

يؤم إلى كل العلوم بخبرة

وعلم وتحقيق وحلم مطابق

قريب إلى أهل التقى ذوي النهى

وليس لأعداء الهدى بالمرافق

بعيد عن الأشرار من كل فاسق

وذي دغل جاف جهول منافق

حياه إله العرش هذا تفضلاً

على رغم أنف الكاشح المتحاذق

تراه محباً ظاهراً متملقاً

وليس على ما يدعيه بصادق

وقد كان للطلاب كهفاً وموئلا

إذا ما دهتهم معضلات الوثائق

فيصدر كل من أولئك راجعاً

بكل الذي يهوى بمحض الحقائق

فيفتيهمو بالنص إن كان وارداً

وأقوال أهل العلم من كل سابق

فإن لم يجد أقوالهم قال بالذي

يقولون به الأصحاب من كل لاحق

وقد كان لي بالحق خير مساعد

على قمع صنديد كفور مشاقق

ومبتدع في الدين أو متهوك

بأهل الهدى أو مستريب منافق

كذاك على جاف جهول مفرط

وآخر غال مفرط ذي شقاشق

لئن كان في الدنيا على خير حالة

يفوز بها أهل التقى والسوابق

لدى الملك العلام ذي العرش والعلا

وخالقنا الرحمن رب المشارق

ويرجو بها الزلفى لديه ذوو التقى

ويسمو بها في الناس بين الخلائق

فسيرته محمودة مستفيضة

لدى الناس لا تخفى على كل وامق

بكل جميل من محاسن من مضى

تحلى فأضحى فايقاً كل فائق

فنرجو من المولى له العفو والرضى

ومحو الذنوب المثقلات العوائق

وإن كان قد أضحى رهيناً لرمسه

لقد خلف الأحزان من كل وامق

وأضحت ربوع العلم قفراً دوارساً

من العلم للطلاب بين الخلائق

فيا لهف نفس قد أمض بها الضنى

من الحزن لم يلمم بها حزن ماذق

وإني لذو حزن وإني لصادق

وبعض الورى في قوله غير صادق

فيا من على العرش استوى فوق خلقه

عليه على من فوق سبع الطرائق

أنله الرضى والفوز بالقرب واكفه

لهيب لظى عند احتضار المضائق

وإن كان ربع العلم أقفر بعده

وحل بنا رزء المحب المفارق

عسى الله أن يبقي لنا قمر الدجى

وشمس الهدى للحالكات الخواسق

وأعني به من كان للناس قدوة

إذا دهتهم من ملحد أو منافق

هو الشيخ عبد الله من سار ذكره

من الأرض في غربيها والمشارق

هو الردم للأعداء من كل ماذق

ومن كل شرير ضرير ومارق

هو القطب فينا لو تزيل لاجترى

علينا العدى من كل خصم مشاقق

فيارب حقق بالرجا فيك سؤلنا

وأحسن لنا العقبى لدى كل طارق

وابق بينهم سادة يقتدى بهم

إلى منهج المعصوم أزكى الخلائق

وأورثهموا حكماً وعلماً وهب لهم

ذكاء بها في كل فن مطابق

ووفقهموا للخير فضلاً وهب لهم

زكاء ليكلا ينطقوا بالشقاشق

وصل على المعصوم رب وآله

وأصحابه أهل النهى والسوابق

وتابعهم والتابعين لنهجهم

على السنة المحمود أسنى الطرائق