بصوت :
ما الذي يُعيب الإنسان إن ارتضى أن يكون الرسّام الوحيد لمشهده؟ ينتقي ألوانه كما يشاء لا كما يُملى عليه يرسم الزوايا الزاهية لا تهرّبًا من القبح بل تمرّدًا راقيًا على تشويه الجمال يرى العالم بعدسة صافية لا تشوبها شوائب السخط ولا تعكرها ضوضاء العتمة لا ينكر الظلال لكنه يختار الضوء في كل انكسار يرى فتحة نور في قلب العتمة يبحث عن بذرة لون عن فتنة الرجاء في ركام العتمة النفس لا تحتمل النظر الدائم إلى القبح دون أن تفقد شيئًا من نقائها الأول ما الضير إن أغمض عينيه أحيانًا لا هربًا بل حفاظًا على إنسانيته؟ يُعيد تأطير وجعه بإرادته ويحيط ألمه بإطار من رضا ليس خنوعًا بل وعيًا بأن الرضا اختيار راقٍ للسلام أليس من العدل أن يُنقّي الإنسان إدراكه من شوائب البشاعة؟ أن يعيش كما يرى هو لا كما يُريده الآخرون؟ أن يمارس الحياة كلوحة حُلم بريشته لا بريشة التاريخ أن يكتب حكايته بحروفه لا بأصوات الجموع أليس في ذلك فلسفة؟ أن يكون سيد رؤيته سادن خياله وقائد تجربته الحياة ليست مرآةً لما يُعرض بل شاشة لِما يُبثّ من الداخل ومن أدرك هذا عاش كما يليق بروحه لا كما يُرضي أعين العابرين
80
قصيدة