مَسَوَّدَاتُ الْعَاشِقِ
كَانَتْ تَهُبُّ عَلَيْهِ كَنَسْمَةٍ تَسْتَعِيرُ رِقَّتَهَا مِنْ رُوحِهِ،تَتَمَايَلُ فِي الْهَوَاءِ كَأَنَّهَا دُعَاءٌ يَبْحَثُ عَنْ سَمَاعٍ،وَهُوَ يُخَاتِلُهَا بِصَمْتٍ يُشْبِهُ بُعْدَ الْمَسَافَاتِ،لَكِنَّ قَلْبَهُ كَانَ يَتَأَرْجَحُ بِهَا كَفَانُوسٍ تَحْتَ رِيحِ الْغُرْبَةِ.
يَجْمَعُ مَسَوَّدَاتِه كَأَطْيَافٍ تَرْقُصُ عَلَى حَافَّةِ الْوَجَعِ،أَشْعَارٌ تَتَنَفَّسُ ذِكْرَاهَا بَيْنَ كُلِّ سَطْرٍ وَنَظْرَة،يَحْلُمُ بِلِقَاءٍ تَأْتِي فِيهِ كَنَجْمَةٍ تَهْدِي سُفُنَ الْحَيَاةِ،وَلَكِنَّهَا كَانَتْ تَتَأَرْجَحُ فِي عَيْنَيْهَا بِشَكٍّ لا يَفْهَمُهُ.
أَتَاهَا كَمَطَرٍ يُفَاجِئُ صَحْرَاءَ الْهَجْرِ،سَافَرَ إِلَيْهَا كَظِلٍّ يُقَاتِلُ الْمَسَافَاتِ بِالدُّعَاءِ،وَعِنْدَمَا الْتَقَيَا، تَعَثَّرَتْ عَيْنَاهَا فِي هَيْئَتِهِ كَحَجَرٍ،فَاكْتَفَتْ بِمَسَوَّدَاتِهِ كَذِكْرَى تَتَمَايَلُ فِي يَدَيْهَا.
انْفَصَلَتْ كَسَحَابَةٍ ضَلَّتْ طَرِيقَ الْمَطَرِ،وَتَرَكَتْهُ يُحَاوِرُ شَبَحَهَا فِي عُزْلَةٍ تَحْتَفِي بِالأَسَى،مَا زَالَ يَكْتُبُ أَشْعَارًا تَتَرَاقَصُ فِي جُرْحِهِ كَجَمْرَةٍ صَامِتَة،وَيُحْرِقُ مَسَوَّدَاتِهِ كَأَحْلَامٍ تَتَبَخَّرُ فِي الرَّجَاءِ وَالنَّارِ.
89
قصيدة