كُلُّهُمْ جَاءُوا يَحْمِلُونَ ضَحِكَاتِهِمْ كَأَكْيَاسٍ فَارِغَةٍوَأَنَا انْتَظَرْتُكِ كَبَائِعٍ يَبِيعُ الرِّيحَ فِي سُوقٍ مَهْجُورٍكُنْتِ وَعْدًا يَتَمَايَلُ كَوَرَقَةِ يَانَصِيبٍ لَا تُصِيبُ أَبَدًاعَيْنَايَ تَتَرَاقَصَانِ عَلَى الْبَابِ الْمُغْلَقِمِثْلَ قَلْبٍ نَسِيَ كَيْفَ يَنْبُضُ
أَجْلِسُ مَعَ ظِلِّي نَتَبَادَلُ الصَّمْتَكَصَدِيقَيْنِ خَسِرَا كُلَّ شَيْءٍأَحِبُّكِ، لَكِنَّ حُبِّي سِيجَارَةٌ تُطْفَأُ بِالْمَطَرِيَدْخِنُهَا عَابِرُ سَبِيلٍ ثُمَّ يَرْمِيهَا فِي الْعَتْمَةِبَيْنَنَا جِدَارٌ لَيْسَ مِنْ حَجَرٍبَلْ جِدَارٌ مِنْ صَمْتٍ يَتَنَفَّسُ كَسِجْنٍ بِلَا نَوَافِذَ
نَتَنَفَّسُ فِيهِ الْهَوَاءَ نَفْسَهُ حَتَّى نَمُوتَعَيْنَاكِ تُنَادِينَنِي كَصَدًى فِي بِئْرٍ جَافٍّأَحِبُّكِ، لَكِنِّي أَكْرَهُ الْحُبَّلِأَنَّهُ يَشْبَهُ الْحَيَاةَيَعِدُ بِالْكَثِيرِ ثُمَّ يَتْرُكُنَا عُرَاةً
وَالْمَطَرُ يَتَسَاقَطُ كَدُمُوعٍ تُطْفِئُ السِّيجَارَةَلَكِنَّهُ لَا يُبَلِّلُنِي، لِأَنِّي جَافٌّ مِنَ الدَّاخِلِمِثْلَ بَائِعٍ يَقِفُ فِي سُوقِ الْوَهْمِأَبِيعُ انْتِظَارًا لَا يَأْتِيأَسْتَمِعُ إِلَى نَبْضِ الصَّمْتِ بَيْنَ الظِّلِّ وَالْبَابِ
لَكِنْ فِي لُجَّةِ الْغِيَابِ حَيْثُ تَتَرَاقَصُ الْأَنْفَاسُقَدْ تَبْزُغُ نَغْمَةٌ مِنْ جِدَارِ الصَّمْتِ الْمَكْسُورِقَدْ يَكُونَ الْحُبُّ ظِلًّا يَحْمِلُ جَسَدَ الْوَعْدِأَوْ يَظَلَّ الِانْتِظَارُ سِيجَارَةً تَحْتَرِقُ بِلَا دُخَانٍوَأَنَا أَبْقَى بَائِعًا يَرْقُصُ فِي سُوقِ الْعَدَمِ
89
قصيدة