عدد الابيات : 17
لم نَكُنْ فِي البِلَادِ ، إِلا مُلُوكًا؟
للورى عزُّنا، وكان العدى ترهَبُ
يومَ بدرٍ، ويومَ فتحٍ، وليلٍ
فيهِ صوتُ "المنادي" للمجدِ يُكتَبُ
خَطَّ بالقادسيّةِ السيفُ فخرًا
وبعينِ الجِمالِ دمعٌ يُشَـذّبُ
كم أفاقَ الزمانُ من خَطوِ جُندٍ
فيه "سعدٌ"، وفي لوائهِ النصرُ يُنْصَبُ
ثم جاءَ الرشيدُ يرقى الثريّا
وعلى الأرضِ نورُ علمٍ يُقلَّبُ
فتبوأت بغدادُ كلَّ علياءٍ
وسقى دجلةَ العلومَ مَن أحبّبُ
وانبعثنا حضارةً حينَ كُنّا
نعبدُ الحقَّ، والضلالُ يُسْلَبُ
كلما جالَ في المدى فارسٌ من
نسلِ طارقْ، رأيتَ ليلَهم يُذهَبُ
يا لهُ من غُبارِ عصرٍ تأخّى
فيه تِيهُ الزمانِ، والجرحُ يُلعَبٌ
أينَ تلك العُيونُ كانتْ تُنادي
للأذانِ، وفي دمائِها موهَبُ؟
هل نسينا صلاحَنا حينَ صلّى
وعلى القدسِ وجهُ نصرٍ يُقرّبٌ؟
ما الذي غيرَ السيوفَ نحيبًا
وجعلنا نُقادُ مِن كلِّ مَغْلَبُ؟
غيرُنا الآنَ قد بنى وارتقى، ما
بينَنا غيرُ وهمِ ماضٍ مُكذَّبُ؟
غيرُنا يحكمُ الفضاءَ وعلمًا
ونُفَتِّشُ في الرُّفاتِ لمن نَغْضَبُ
لكنَ فجرَ الشعوبِ آتٍ وإنْ طال
الظلامُ، فربُّنا لا يُكذَّبُ
سوف نبعثُ، مثلما الفجرُ يُروى
حينَ يُحيي الغمامُ جُرحًا مُصلَّبُ
أمتي، يا نداءَ كلِّ البواقي
فاستفيقي، فإنّ حاديكِ يعرَبُ
46
قصيدة