هل ينام من يحمل هذا الوجع ؟
من يسهر لأن العالم يبكي،
ومن يشعر أن عليه أن يكتب قبل أن يرحل؟
وأنا لم أنم،
كتبت هذا لأني لم أستطع الصمت،
سهرتُ طول الليل أكتبُ بدمعي،
خشيت أن يأخذني الموت،
قبل أن أصرخ بهذه الكلمات :
أنا لست شاعرًا فقط،
أنا شاهدُ ألمٍ،
أنا صرخةٌ من قلبٍ لم يعرف إلا الحب،
ومع ذلك،
يحترق كل يوم برؤية ما يصيب الأبرياء،
ولم يعد يملك إلا أن يقول:
ابكي يا عين، ابكي،
فربما تنبت من دموعنا
زهرةُ رحمةٍ
في قلبٍ قاسي.
ابكي يا عين، ابكي،
ابكي دموع قلبي وروحي،
فالعالم احترق، والإنسانية تنزف،
والأبرياء يسقطون ولا أحد يبالي.
ابكي يا عين، ابكي،
كما بكت كل أم على أطفالها،
من رحلوا شهداء تحت الركام،
ومن بقي، جائعًا، عاريًا، وحيدًا،
يعيش في الشارع، سقفه السماء،
والسماء صامتة،
خلَت من الرحمة، ومن الدفء، ومن اللهفة.
ابكي يا عين، ابكي،
كما تبكي عيون الأطفال،
الذين ولدوا في زمنٍ
قُتل فيه السلام،
ومات فيه الأمان،
ودُفن فيه الحب تحت الركام
بسبب الحقد والجشع،
وخان فيه الإنسان إنسانيته.
ابكي يا عين، ابكي،
على آباءٍ لم يبقَ لهم أحد،
خسروا البيت، والأهل، والذكريات،
ورفعوا أيديهم إلى السماء،
يطلبون الرحمة،
لكن السماء صمّاء،
لا تسمع صلاتهم،
أو لعلها تبكي هي أيضًا،
لكن بكاءها صامت لا يُرى.
ابكي يا عين، ابكي،
حتى يجف الدمع،
ويصحو العالم من سباته،
أو نموت نحن من دون أن نُسمَع.
ابكي يا عين، ابكي،
أنا لست فقط شاعرًا،
بل ضمير حي لا يعرف النوم أمام أنين الأبرياء.