ويكاد يُبصر خطوةً قدّامه..
ويداه بالتلويح مثقلتان..
وعليه نافذتا حريقٍ
تشعلان غيابه
وبه إلى المجهول تنطلقان..
سفرٌ حديثٌ ليس يُدرَك يافتى
كتحاور النسيان للنسيان..
لادارَ..
لا أنحاءَ.. 
لا أسبابَ..
كلٌ منك للاشيء يلفظ روحه
ويحاور
 المأساة بالمأساة
والأحزان بالأحزان..
ياغيم ُ..يا أحجار..
يا عمرا من الأطفال
 والألوان..
ياا أسواار..
هذا الجرح أعمق من
ظلامٍ فيك...
أقسى أن تداري جُرحَه الجدران..
ياااا قيدُ..
ليس عليك ثَم يدان..
بل رئتا غريبٍ بائسٍ 
وأنين مطعون ٍ
على أثوابه البيضاء موسيقى
وغاباتٌ من الكلمات والألحان..
يا أغصان.. 
أنت جرحتِهِ باليُتم
قبل رهافة الأغصان..
******
يا كيف أصبح للدماء 
مجاهلٌ تقتاتها
وتفتّ نبضَ عروقها الكثبان..
هذي الرياحُ عقيمةٌ..
ومسافرٌ أضحى
رهينَ غيابة الأيام
مصلوبٌ على ليل الرؤى
ومظنة العنوان..
من علّم الأشجار
وهي بكل ماعقدتْ
من آي اللّطف أن تلقى..
على هذي الدروب
قساوة الصوّان..
الخالدون هنا..
وقد ذبلت عروق الليل 
ماذبلوا..
قرأوا كتابَ مسافرٍ من لا مكان
يحاور الطرقات فانتقلوا..
وأنا أصيخ لقمحةٍ في القلب 
تدرك أنهم وصلوا..
عادوا لمنفاهم وقد نقّوا 
صحائفهم بماء الصبح
واغتسلوا..
وطووا جراح العمر 
وانسدت على ممشاهم السبل ُ..
هم أيقظوني من ..(قفا نبكِ)
وأهدوني.. (صبووورٌ أنت يا جملُ)
وأنا رقصت وسال قلبي
من هواك المر
ماءَ..
ورقصتُ أخرى 
سال أطفالٌ يتامى
يسألون نوافذ التاريخ
عن أصغاث حبٍ
قد تراءى
ورقصتُ..
قد سخرت من اسمي الخمر
لم أحفل بها..
غنيتُ..
ألفتني غريق الكأس
فانتشتِ انتشاءَا  ..
غنيت ماغنيت..
مرتجفا ومنكسرا
أنا أقسى غناءً منك ياخرطوم
أقسى منك ياهذي حداءا..
لاتجرجيني وانظري لهشاشتي
وأنا أصبّ حماقتي في الغيم
أسكبُ كل ما أوتيتُ من غضبٍ
فكوني يامعذبتي إناءا
كوني معي..
وتعلقي بالشمس
هل تصغي لمن رحلوا
وصبّي في مسامعها هراءا
****
هل كان لونك أسمرا ياشمس
إذ نفضتْ عروقك
صِبيةً يتشاكسون
ويرسمون غزالةً سمراء
ينساقون ملء ضفيرتيها
نشوةً..
ويجللون خريف نهديها هناءا..
هل كان لونك أسمرا
حتى تشظّى كلهم شعراً
وسالوا في محبتها دماءا..
هل كان لونك أسمرا
فسرتْ بهذا الكون
 موجدةٌ على خديك
وانطفأت قرىً..
فجريتِ في أفقٍ سديما غاضبا
وجريتِ في نقلٍ عماءا..
 
ورأيت ثمّ رأيت
لكن لن أسامح..
ورأيت نيلا فيك
مطّرحاً بكارته
ونيلا فيك نازح..
ورأيت موسيقى
 تمطّ شفاهها بالحزن والبلوى
وتبصق في المسارحْ..
ورأيت أشباحا وقد
لعنتهمُ الفلوات
يتّبعون(أتروبوس)
تنسِلٌ في المساجد والمسالحْ..
...
ورأيت في ماقد يرى الأموات..
جوعى وهم يلقون أقلاما 
بماء النهر..
يجفل ماؤه 
وتظل تسخر منهم الأقوات..
ورأيت فجرا عابسا
قد غطّني بيديه مرتعشا
وأهداني عصافيرا من الأنّات..
وأنا أهيلُ الشِّعر
في أنقاض ذاكرتي
وأهربُ من خيالاتي
فيحصِدني صدىً
ويجرُّني من ياقتي
ويقول لي:هيهاتْ..
عامان..
كنت 
هنا 
مع الشجر الهزيل
أعيبه بتساقطِ الأوراقِ
في كلّ الفصول..
فينثني ليُجيبني 
ب(رُطانة) الأوقات..
ياهدهداً ذبحوه..
ظلّت روحه تهمي
وظلّ الجرح نازفْ..
ويكاد يصرخ 
لستُ مازعموه..
ياا بلقيس إنّي لستُ آصفْْ..
ويصيح ..ياريح انتظر
وجعي هنا عاصٍ وعاصفْ..
من كلّ فجٍ غادروا
وتلمّظوا أثر القوافل
اوسعوا هذي الخرائط بالسفر
وظللت بين يديك متكئا
وفي عينيك واقفْ..
إنّي انا الشجر الذي...
شرب النبيذ بكأس(أوبيرو)
وأهدى جِذعَه خُيلاءها..
ضحكتْ لي الصحراء 
ملء رمالها نشوى
وقد علمتْ بأنْ.. 
ماسرّها ..قد ساءها..
وأنا الذي قطفتْ(نعم) في قوله
وبكل فخرٍ (لاءها)..
نزفتْ من المأساة أخيلتي
وألقتني غريبَ الدار في وطني
فسِرتُ إزاءها..
وتعلّقتْ بمدارج الأفلاك أسئلتي
ألقمتُ طفلَ قصائدي 
أثداءها..
أرسلتُ طيفي للشوارد والأوابد
فانثنى بخطامها 
وأجاءها...
ناديت ..هذا الصوت
 اسرابٌ تناغيني
تدسُّ عناقها في القلب..
قد حفظتْ ببابل سرّها
وتعلّمتْ أسماءها...
لكنّ في الخرطوم وجهًا
لايني أنْ هدّني..
وأذاب من نفسي أسىً أحشاءها..
عبرت نساءٌ ظلّ قافيتي..
فغسلنني من دمعهن بدمعهنّ
عبرنني ..لوّحنَ لي بيدٍ
فذقتُ الشعر حين رأيتها
وقد ارتدتْ حناءها..

الخرطوم
أبريل 2025

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبدالقادر المكي المجذوب

عبدالقادر المكي المجذوب

1

قصيدة

شاعر وكاتب

المزيد عن عبدالقادر المكي المجذوب

أضف شرح او معلومة