رسول من الله الكريم إلى الورى 

إلى الحق يهديهم بشيرا ومنذرا

قد اختاره الله العليم مُفَضِّلاً

فكان أجلَّ العالمين وأوقرا

هو الصادق القولِ القليلُ كلامُه 

بعينيه إخبارٌ عن القول عبَّر

وان قال فالقول البليغ المهنَّدُ

يغطّي ضياء الشمس برقاً مؤثِّرا

له هيبةٌ في رحمةٍ قد تجمَّعا

به يأمل اليأسى إذا الدهرُ أعسَرَ

إذا ما دنا منه الصناديد أوجَسوا

مُهابٌ إذا لاقاه من كان فاجرا

إذا ما رأى حقّا فليس لغيره

يَميلُ ولو مالَ الجميعُ تَجَبُّرا  

وليس لمالٍ او لدنيا يُصيبُها

يميلُ ولو أعطوه شمساً وأقمُرا

قويٌ شجاعٌ لا يهاب بليَّةً

حكيم إذا لاقته عادت تَقَهقُرا

ويُغْضي على علمٍ ويَكْتُمُ غيظه 

ويَعْفو عن الغِرِّ إذا الغِرُّ قصَّر

يحارُ به الحُذّاقُ من حُسْنِ رأيِهِ

وظنّوه من خابوا إذا غَضَّ خاسرا

وبالحلمِ ذو الغايات يدنو لقصده

ومن يشتري يأخذ بمقدار ما شرى

ويوم حنين أوقف الجيشَ بأسُه

وإذْ زاغت الأقدام صاح مزمجرا

بأن المحقَّ المستميت سينتصر

وقام أمام الجيش ليثا غضنفرا 

فعاد الجنود المسلمون لنَصرِه

فكان بإذن الله نصراً مُظَفَّرا

ويعفو عن الأعداء بعد تمكُّنٍ

 بقلبٍ رحيم ينبض الرِّفقَ أحمرا

رحيمٌ بكل الناس يرجو نجاتَهم

ولا يبتغي منهم جزاءً مُتاجِرا

ويصغي برفقٍ لا يُصَعِّر خده

بإصْغائِه غيظُ العدو تَبخَّر

يطولُ ندى كفَّيه حاجاتِ خَصْمِهِ

فيُدْني إلى الإسلام من كان مُدْبِرا

كريمٌ ندى كفيه نهرٌ وأبحُرٌ

إلى وَجْهه ذو الحاجِ يأتي مُهاجِرا

فيعطيه لا يخشى من الفقر مثلنا

 وقلبه بَسَّامٌ على النَّفسِ مُؤثِرا

تَبَسُّمَ صدقٍ لا يُغادِر وجهه

 ولو كانت الأيامُ ناراً مُسَعَّرا 

كأن الظروفَ القاسياتِ لَهيبُها

وأخلاقُهُ غيمٌ من الرفق أمطر

ففاضت عليها عينَ ماءٍ جميلةً

تُحيلُ لهيبَ النارِ سعداً وأَزهُرا 

تُحيلُ الصحاري المُقفِراتِ لجنةٍ

ومن صمِّ صخرٍ تُنبِت الخيرَ مُثْمِرا 

كأنَّ الذي يدنو إليها سَيَرْتَوي

برؤياهُ قبل الشربِ من حُسْن ما يرى

فيا رب أدنينا إلى حُسْنِ خُلْقِه

لنشرب من كفَّيه في الحوض آخرا 

ونلقاه في جنّاتِ عدنٍ رَحيبةٍ 

بِرُضْوانِك اللهُمَّ والذنبَ تَغفِر

بِذِكْراه يرتاح الفؤاد ويطرب

فكيف بمرآه عَيانا مسامِرا

ويا رب صلِّ كل صبحٍ وليلةٍ

عليه وجازيه بأحسنِ ما ترى