عدد الابيات : 26
هجرة المختار ما أعظمـــها
في دروب الصبر آيات وعـــبره
كم تحملها شجـــى متوثبٌ
لم يخف في الله لوما أو مضره
كان في الغار المدى يحكي له
أن نور الحق قد زلزل صخره
صاحَب الصدّيق فيها صفـــوةً
ما خشوا إلا الإله لاشيء غيره
تركوا الأوطان لما علموا
أن فجر الدين لا يُرجى بســتره
ما انتظرنا النصر من كسل ولا
جاءنا مجدٌ من التهليل فـتــره
بل مضوا في الدرب، لا يثنيهمُ
خوف باغ، أو هوانٌ، أو مضـــره
كم رأينا من سيوف حولهم
لم تزدهم غير بأس أو مـــسره
هاجر المختار، لا خوفٌ به
بل رؤى تُزهى، وعزمٌ وصبره
خطَّ دربا للهدى نسكا، فما
زلَّ من قد سار في نهج وأجـره
كم من الأفلاك قد باركته إذ
كان يمشي والسماء تفيض نـــوره
ليتنا في الدرب نحذو حذوه
ونسير اليوم في خطو بـُــذُرَه
لا نُفَرّط بعد ما أوصى بنا
بل نذود اليوم عن دين وذُخـــره
نستعيد العهد إن جد العِدى
فنرى الإسلام يُزهر في زُهـره
قد أتى طه إلى يثربها
فاستنارت أرضها نورا ببشره
واشتهاها القلب من شوقٍ لها
كم تمَنّى الصحبُ أن يلقوا مَقرَّه
فإذا الأنصار في حب أتوا
يملأ الأفئدةَ الإيمانُ فخره
زُفّ طه بين تكبير بدا
ومدى الأرواح قد طابت بسُره
طلعتُ البدر علينا ساطعا
فارتقى التاريخُ بالتسبيحِ دهره
سكنتْ طيبة مناهلَ سُؤْدَد
واستوى الإسلامُ بالحق وطهره
فاهنأوا يا قوم، قد جاء الهدى
وابتنى للمجد في الأرواح قصره
بالقلوب النورُ قد عمَّ المدى
والمنى تزهو بصفو وسحره
فاختموا القولَ بصوتٍ خاشعٍ
يملأُ الأكوانَ تمجيدا بذكره
صلِّ يا ربي على خير الورى
ما غفا ليلٌ، وما لاح نوره
عدّ قطرِ الغيث، والأنفاسِ في
كل قلبٍ ذكر المختارَ عمره
106
قصيدة