عدد الابيات : 24
عُوجوا على دارِ آبائِي بأَخبارِي
دارُ المُحبِّينَ هلْ عادَتْ بِسُمَّارِ؟
وأبلِغوا الدارَ أنِّي بعدَ فرقتِهِمْ
ما بِتُّ إلّا على شَوقٍ وتذكارِ
ضاعَتْ سِنيني بأحلامٍ مُعَلَّقَةٍ
ما بينَ مَنفى الأسى والمصرَعِ الجارِي
إنِّي غريبٌ، وهلْ في الأرضِ من وَطَنٍ
يُؤوي الفُؤادَ المُعَنّى بينَ أخطارِ؟
تاهَتْ خُطايَ على قومٍ ذوي شَطَطٍ
سُودِ الصّحائفِ من إثمٍ وأوزارِ
وقفتُ فيها غداةَ اليومِ أسألُها
أينَ المروءَةُ؟ أينَ العهدُ للجَارِ؟
أينَ الذينَ إذا نادى الزّمانُ بهم
ثاروا كرامًا لنصرِ كلِّ مُختارِ؟
أمْ هلْ نَسُوا نَسَبًا في الأرضِ قد شَرُفَتْ
بهِ المُلوكُ، وجاشَتْ سادةُ الدّارِ؟
فاستجمعتْ دارُ آبائي تُهَيِّجُني
وما لها نَفَسٌ يُشْجي بإخبارِي
وقفتُ فيها، وجُدرانٌ بلا خَبَرٍ
تَشْدو بأوجاعِ ماضٍ دونَ إنكارِ
هبّتْ عليَّ صدى الأجدادِ في ظُلُمٍ
هفّتْ تُسائلُني: أَنتَ ابنُ أحرارِ؟
نادَيْتُهمْ فتوارَتْ دونَهمْ شُقُقٌ
حتّى غدوتُ رهينَ الصّمتِ والعارِ!
يا دارُ قومي، أما في الأُفْقِ من قَبَسٍ
يُحْيي الحميّةَ في أحشاءِ ثُوّارِ؟
ألا نُفيقُ؟ أَلا نَبكي لمَرقدِنا؟
أمَا نُثيرُ الدّما في وجهِ فُجّارِ؟
أينَ النّقوشُ؟ وأينَ الخطُّ في يَمَنٍ؟
كانوا مُلوكَ الوَرى نَمضي بأذكارِ؟
ضاعَ التّرابُ على الأقدامِ من سَفَهٍ
يَجري بهِ الذّئبُ في أعرافِ غُدّارِ
فارفعْ يمينَكَ إنّ المجدَ تَعرِفُهُ
بيضُ السّيوفِ، ونارُ الثّأرِ، للعَارِ
واصرُخْ: أنا ابنُ كرامٍ لا تُراقُ دَمي
بالسّهلِ سِلمًا بلا رَدٍّ ولا ثارِ
إنْ مُتُّ، مُتُّ أراني فوقَ رايتِهمْ
حيًّا أُهَلِّلُ في جُثمانِ أطهارِ!
وإنْ نَهَضتُ، فوجهُ الأرضِ يَعرِفُني
شيخَ القَنا وفَتى الهيجاءِ والثّارِ
أنا ابنُها، وابنُ مَن صاغوا خُلودَهُمُ
فوقَ المدائنِ، في سَطرٍ وأحجارِ
سَنَبْعَثُ المجدَ من أطلالِها قَدَرًا
ونستفيقُ على نصرٍ وإكبارِ
ونُلبِسُ الأرضَ أثوابَ السّنا فَخَرًا
كأنّنا الشّمسُ في تيجانِ أحرارِ !
"مايو 2025"
15
قصيدة