وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون
وَأَسْوَدُ العُيُون
لَوْ لَمْ تَكُونِي حَاضِني لَكُنْتُ مِمَّ أحْتَضنَ المَنُون
يا أَسْوَد العُيُون
كَأنَّ بِي مُنْتَظَرٌ خَلْفَ سِتَارِ بَيْتِكُمْ وَالْأَهْلُ يَسْأَلُون
أَما انْقَضَتْ تِلْكَ الْعِجَافُ الْأَرْبَعِين؟
مَا الْأَمْرُ يا (يَمَامَة)؟
فَلْتَحقُنِي دَمُ امْرُؤٍ يُبْلِغُكِ سَلَامَه
دَارَتْ رَحَى الْبَسُوسُ فِي رَبِيعهِ الحَزِين
بَيْنَ دُوَيْلَاتِ الهَوَى وَالنَّفْسِ وَالمَلَامَة
أَما انْقَضَتْ سِنِينُ الحَرْبِ يا (يَمَامَة)؟
ها قَدْ أَتَى (جَسَّاسُ) طَالِباً يَدَيْك
وَأَمعِني لِكَيْ تَرَي (كُلَيْبُ) رَاكِباً جَوَادَه، وَلْتَرْضَ مُقْلَتَيْك
أَجِيبِي يا يَمَامَة
كَأنَّ بِي مَسَامِعِي قَدْ مَرَّهَا حُلُم
كَأَنَّهَا قَدْ سَمِعْت أُنْشُودَة الْحَمَام
مِنْ شَفَتَيْ حَمَامَة
هَلْ قَالَتْ نَعَمْ يَمَامَة؟
يا مَعْشَرَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالبَنَاتِ وَالبَنين
لَيْت الذي بِدَاخِلَيْ يَخْفِقُ تَسْمَعُون
لَيْتَ الذي في مِحْجَري يَجُولُ تَنْظُرُون
ولَيْتَكُمْ يَا قَوْمِ تَعْلَمُون
آهٍ عَلَي لَوْ أَنَّكُمْ يَا قَوْمِ تَعْلَمُون
فَلْتَجْلِبُوا مُنَادِياً لِيَرْتَقِي مَآذِن الجَوَامِع
وَلْتَقرَعَوا الأَجْرَاسَ في كَنِيسَةِ القِيَامَة
لا تَنْظُرُوا لِي هكذا قَالَتْ نَعَمْ يَمَامَة
يَا أَيُّهَا العَزِيز
قَدْ مَسَّنا الشَّوْقُ وَجِئْنَا بِقُلُوبٍ خاوِيات
فَإسْقِنَا بِالحُبِّ كَيلاً مِنْ عَطَايَا مُقْلَتَيْكَ السَّاحِرَة
نَفِذَ الصَّبْرُ لَدَيْنَا مُنَّ بِالكَيْلِ عَلَيْنَا
قَدْ أَتَيْنَاك لِنَشكُو ظُلْمَةَ الدَّهْرِ وَآهْاتِ اللَّيَالِي الْمُمْطِرَة
جِئْتُ كَيْ أَرْمِي نَفْسِي جُثَّةً هَامِدَةً فَوْقَ رُباكِ الزَّاهِرَة
يا وَردةً مُزْهِرِةً مَا مَرَّها خَريف
هَلْ تَذْكُرِينَ عِنْدَمَا نَمُرُّ بِالجُمُوع
هَلْ تَذْكُرِين كَيْفَ كَانُوا يُطَلِقُونَ الْقَهْقَهَاتِ السَّاخِرَة
أَيْنَ هُمْ الآنَ لِكَيْ أُسْمِعُهُمْ
قَهْقَهَة مِنْ مُهْجَتِي الْمُسْتَعِرَة
أَيْنَ هُمْ الآنَ لِكَيْ أَرْوَى لَهُمْ
قِصَّةً فِي شَرَفِ الْحَبِّ وَصَبْرُ الْقَلْبِ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي المُغْبِرَة
أَيْنَ هُمْ مِنِي لِكَيْ أَصْرَخُ فِيهِمْ
صَرْخَةً مِنْ صُوْرِ إسْرَافِيلَ تَجْتَاحُ سَمَاهُمْ
صَرْخَةً عَالِيَةً حَتَّى يَضَنُّوا أَنَّهُ حَانَ مُعَادُ الآخِرَة
الوَقْتُ حَانَ يَا (يَمَامَة)
حَانَ مُعَادُ الشَّمْسِ كَيْ تُشْرِقَ في سَرِيرَتي
حَانَ مُعَادُ الشَّمْسِ كَيْ تُشْرِقَ في مَدِينَتِي
مَدِينَةُ الظَّلَامِ وَالغَمَام
مَدِينَةٌ أَبْوَابُهَا وَسُورُهَا وَدُوْرُهَا حَاوَطَها الْحُطَام
مَدِينَةٌ غَادَرَهَا الحَمَام
مَدِينَةٌ سُكَّانُهَا نِيَام
مَدِينَةٌ مَاتَ بِهَا الغَرَام
قَبِيلَةٌ رَحَالَةٌ مَحْرَوقةَ الخِيَام
مَدِينَةٌ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ فِتْنَةِ البَسُوس
فَاسْتَقْبَلَتْ مِنْ بَعْدِهَا الطُّوفَانُ والطَّاعُونُ وَالجُذَام
هَيَّا بِنَا لِنُعْلِنَ السَّلَامَ يا يَمَامَة
هَيَّا بِنَا لِنَتْرُكَ الْخِصَامَ يا يَمَامَة
هَيَّا بِنَا لِنَرَسمَ الْعِشْقَ على أَجْنِحَةِ الحَمَام
وَليَصْفِقْ الطَّيْرُ جَنَاحَيْه بِنَا نَحْو السَمَا
وَلنُسمِعَ اللِّئَامَ مِنْ عُذّالِنا أُنْشَودَةَ الغَرَام
يا مَعْشَرَ الأَنَام
يا مَعْشَرَ الْأَهْلِ و يا مَعَاشِرَ الأَصْحَابِ وَالْأَقَارِب
يا مَعْشَرَ الْعَقَارِب
يا مَعْشَرَ الدَاعُون بالخَيْرِ ويا مَعَاشِرَ النَّوَائِب
تَذَّكَرُونِي جَيداً يا أَيُّهَا الفَانُون
غَداً على أَبْوَابِكُمْ سَيُثْمِرُ الزَّيْتُون
تَذَّكَّرُونِي حِينَمَا يَرْزُقُكُمْ إِلهُكُمْ بِالمَالِ وَالبَنُين
قُصُّوا على أَطْفَالِكُمْ مِنْ سِيرَتِي الجَمِيلَة
قُصُّوا عَلَيْهِمْ قِصَصَ البُطُولَة
قُصُّوا عَلَيْهِمْ سِيرَتِي كَيْ يَأْخُذُوا دَرْساً بِهَا عَنْ الرُّجُولَة
قُصُّوا لَهُمْ عَنْ عِشْقِنا
قُصُّوا لَهُمْ عَنْ صَبْرِنا
وَعَلِّمُوهُمْ كَيْفَ يَحْيَا المَرْءُ في كَرَامَة
قُصُّوا لَهُمْ عَنْ سِيرَتِي
قُصُّوا لَهُمْ عَنْ فَرْحَتِي
يَوْمَ سَمِعْتُ أَنَّهَا قَالَتْ نَعَمْ يَمَامَة
4
قصيدة