الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » الوقوفُ على محرابِ سارة

عدد الابيات : 129

طباعة

يَا دَارَ سَارَةَ، هَلْ سَكَنَّكِ أَنْجُمٌ

أَمْ أَنْتِ مُوحِشَةُ الدُّرُوبِ الْمُظْلِمُ؟

مَرَرْتُ فِيكِ، وَفِي الْمَدَى صَمْتُ الْهَوَى

يَبْكِي، وَيُشْعِلُ مُهْجَتِي الْمُتَأَلِّمُ

هَذِي الْجُدْرَانُ الَّتِي كُنَّا بِهَا

نَرْنُو، وَنَحْلُمُ، وَالْحَنِينُ مُتَرْجِمُ

وَالْبُسْتَانُ الْغَافِي عَلَى أَنْفَاسِهَا

أَيْنَ ارْتَوَى؟ وَدُمُوعُ عَيْنِي تَسْجُمُ

كَأَنَّ كُلَّ حِجَارَةٍ قَدْ نَطَقَتْ

بِاسْمِ الْحَبِيبَةِ، وَالْهَوَى يَتَرَسَّمُ

هَذِي الزَّوَايَا كَمْ تَرَدَّدَ هَمْسُهَا

وَخُطَى الْجَمَالِ، وَصَوْتُهَا الْمُتَبَسِّمُ

يَا دَارَهَا، كَيْفَ الْجَمَالُ تَخَلَّفَ؟

وَسَرَى الْغِيَابُ، وَأَوْرَقَ الْمُتَأَلِّمُ

مَا بَالُ نَافِذَتَيْكِ؟ مَا عَادَتْ تَرَى

إِلَّا السَّرَابَ، وَصَوْتُ قَلْبِيَ أَرْحَمُ

كُنْتِ الْجِنَانَ، إِذَا الْتَقَيْنَا هَا هُنَا

وَالْيَوْمَ، أَنْقَاضٌ وَذِكْرٌ يُلْطِمُ

يَا دَارَهَا، إِنْ عَادَ طَيْفُكِ مَرَّةً

قُولِي لَهُ: هَذَا الْمُتَيَّمُ يُسْلِمُ

الفصل الثاني:

وصف الرحلة والحنين إليها

يَا دَارَ سَارَةَ وَاللَّيَالِي ظُلَمُ،

مَا بَالُ عَيْنِي حِينَ تُذْكَرُ تَدْمُ؟

هَلْ كَانَ عَهْدُكِ فِي الْفُؤَادِ مَوَاثِقًا

أَمْ كَانَ طَيْفُكِ لِلْغَرَامِ يُتْخَمُ؟

رَكِبْتُ جَنَاحَ الْحُزْنِ نَحْوَكِ وَاجِدًا

وَسُرَى الْحَنِينِ يُسِيلُ دَمْعًا أَسْجُمُ

أَيْنَ الَّتِي كَانَتْ تُضِيءُ مَسَامِعِي

أَلْحَانُهَا شَهْدٌ، وَصَوْتٌ أَعْذَبُ؟

قَدْ كُنْتُ أَرْكَبُ فِي هَوَاكِ مَفَازَةً

لَا يُسْتَبَانُ بِهَا الدَّلِيلُ الْأَقْدَمُ

وَصَحَارَى الْهَوَى جِبَالُ شَوْقٍ حُمُرُهَا

تَغْلِي، وَأَحْجَارُ الدُّجَى لَا تُرْحَمُ

أَنَا فِي رِكَابِي مَا تَخَاذَلَ مَرْكَبِي

مَا دَامَ قَلْبِي بِالشُّجُونِ مُتْخَمُ

كُلُّ الدِّيَارِ الَّتِي مَرَرْتُ بِسَهْلِهَا

كَانَتْ رَمَادًا، وَالْحَنِينُ الْمُلْهَمُ

سَلَكْتُ شِعَابَ الذِّكْرِ فِي لَيْلِ الْأَسَى

وَحَفِيفُهَا نَارٌ، وَخَوْفٌ مُظْلِمُ

مَا بَيْنَ "شَمَّا" حَيْثُ أَوَّلُ دَمْعَتِي

وَبُرْقَةُ الْحُبِّ الَّذِي لَا يُفْهَمُ

وَمَهَارِقُ الْآمَالِ تُنْبِئُ أَنَّنِي

فِي كُلِّ مُنْعَطَفٍ إِلَيْكِ أُهَيْمُ

يَا جَارَةَ الذِّكْرَى، وَيَا ظِلَّ الرُّبَا

كَمْ شَاقَنِي وَجْهٌ هَوَاهُ مُكَرَّمُ

رَأَيْتُ نَارَكِ فِي الدُّجَى مُتَوَهِّجًا

فَأَبَيْتُ إِلَّا أَنْ أُلَامَ وَأُهْزَمُ

أَوْقَدْتِهَا بَيْنَ الْعَقِيقِ وَنَاظِرِي

مَا بَيْنَ رَمْشِكِ وَالْمُنَى تَتَقَدَّمُ

فَتَنَوَّرْتُ الدَّرْبَ، لَكِنَّ الْمَدَى

مُلِئَتْ بِأَوْدِيَةِ الْغِيَابِ وَأَرْقَمُ

سَارَ الرِّكَابُ وَخَلْفَهُمْ وَجَعِي الَّذِي

كَالْمَوْجِ مَا انْحَسَرَ الْأَسَى أَوْ يُهْزَمُ

أَلْهُو بِخَيْلِ الْبِيدِ حِينَ غِيَابُهَا

كَالرَّمْلِ إِنْ لُفِحَ الْهَجِيرُ تَأَلَّمُ

وَأَرَى السَّرَابَ يُنَازِعُ الْعَيْنَ الْبُكَا

وَيَظَلُّ فِي جَفْنِ الْمُحِبِّ مُخَيَّمُ

فَإِنْ تَكُنْ الْأَيَّامُ أَقْسَى مِنْ لَظَى

فَلَدَى الْمَحَبَّةِ لِلْوَفَاءِ تَرْجُّمُ

وَإِذَا انْتَهَى الْمَسْعَى وَلَمْ تُدْرِكْهُ يَدِي

فَالْعِشْقُ فِي عَيْنِ الْحَلِيمِ تَكَرُّمُ

الفصل الثالث:

الوصف الجمالي للحبيبة

مَا سَارَةُ إِلَّا فَجْرُ فِتْنَتِهِ سَنَا،

يَبْكِي الْخُزَامَى إِنْ سَنَاهَا يُظْلِمُ

لَهَا إِذَا مَشَتِ الْغَزَالَةُ خَجْلَةٌ،

وَالْبَدْرُ يُطْفِئُ وَهْجَهُ الْمُتَرَسِّمُ

حَوْرَاءُ إِنْ نَظَرَتْ كَأَنَّ بَنَانَهَا

نَارٌ، وَأَحْدَاقُ الْحِسَانِ تَحَطِّمُ

وَإِذَا تَكَلَّمَتِ الْيَرَاعَةُ خَرَسَتْ،

وَالْمَاءُ مِنْ شَفَتَيْ هَوَاهَا يُعْلَمُ

مَمْشَاهَا غُصْنٌ فِي رُبَى سُنْدُسَةٍ،

وَالصَّوْتُ إِنْ نَطَقَتْ نِدَاءٌ مُبْهَمُ

لَوْ أَنَّ نُطْقَ الْبُلْبُلِ اشْتَاقَ الصَّدَى

لَأَتَى صَدَى سَارَةَ وَهُوَ مُتَرَنِّمُ

وَإِذَا تَمَايَلَ عِقْدُهَا فِي جِيدِهَا

خَجِلَ الْهِلَالُ وَلَاذَ وَهُوَ مُهَشَّمُ

أَبْصَرْتُهَا فَانْتَفَضَ الزَّهْرُ اغْتِبَاطًا،

وَغَدَا النَّسِيمُ لِعِطْرِهَا يَسْتَرْحِمُ

مَا زِلْتُ أَرْجُو حِينَ أَلْقَاهَا نَدًى

لَكِنَّنِي مِنْ فَيْضِ حُسْنِكِ أُعْجَمُ

يَا قُدْسَ حُسْنٍ لَا يُدَانَى مِثْلُهُ

صُبَّ الْغَمَامُ عَلَيْكِ حَتَّى تُكْرَمِي

مَا أَبْهَى التُّفَّاحَ فِي خَدَّيْكِ لَوْ

أَنَّ الْعَقِيقَ يُقَاسُ وَهُوَ مُدَمْدَمُ

عَيْنَاكِ إِنْ نَظَرَتْ تَمَادَتْ نَخْوَةٌ،

وَالْمَاءُ يَهْمِسُ فِي الضِّفَافِ وَيَغْرَمُ

فِي جِيدِكِ اللُّؤْلُؤُ الْمُصَفَّى خَاشِعٌ،

وَالْكَفُّ وَرْدٌ، وَالْحَدِيثُ تَرَنُّمُ

يَا سَارَةُ، الْوَجْهُ الْبَهِيُّ كَأَنَّهُ

فَلَقُ الصَّبَاحِ إِذَا النُّجُومُ تُوْسِمُ

أَشْكُو إِلَيْكِ جَمَالَكِ الْمَسْحُورَ بِي،

فَبِكِ الْجِرَاحُ، وَبِكِ أَنَا أَتَعَلَّمُ

وَكَأَنَّ فِي أَنْفَاسِكِ الزَّهْرَ الَّذِي

تَخْشَى النَّوَارِسُ فِي الْمَدَى أَنْ تُحْرَمُ

سَمْرَاءُ إِنْ طَلَعَتْ فَكُلُّ قَصَائِدِي

تَرْكَعْ، وَتَنْسَى أَنَّهَا تَتَكَلَّمُ

وَالْقَلْبُ مُذْ رَآكِ أَصْبَحَ رَهْنَكُمْ

لَا يَسْتَفِيقُ، وَلَا الْهَوَى يَتَقَدَّمُ

إِنِّي خُلِقْتُ لِأَمْتَطِي سِحْرَ الْمُنَى،

وَلِأَعْبُدَ الْحَسْنَاءَ، لَا أَتَحَرَّمُ

فَإِذَا جَمَالُكِ فِي الْقَصَائِدِ قِبْلَةٌ

فَالرُّوحُ فِي مِحْرَابِ عَيْنَيْكِ تُحْشَمُ

الفصل الرابع:

الاعتراف بالعشق

يَا سَارَةُ، الْقَلْبُ الَّذِي لَمْ يُفْتَتَنْ

يَوْمًا، غَدَا فِي هَوَاكِ مُهَشَّمُ

أَهْوَاكِ مَا بَيْنَ الضُّلُوعِ لَوَاعِجٌ

تَصْلَى، وَأَسْرَارِي إِلَيْكِ تُسَلَّمُ

مَا كُنْتُ أُبْدِي ضَعْفَ قَلْبِيَ هَائِمًا

لَكِنَّ حُبَّكِ فَوْقَ مَا أَسْتَعْصِمُ

أَخْفَيْتُهُ، لَكِنَّ عَيْنَيَّ اشْتَكَتْ

وَسَرَى الْهَوَى مِنِّي كَرِيحٍ تُرْجَمُ

مَا عَادَ بِي صَبْرٌ، وَلَا لِي حُجَّةٌ

فَأَنَا بِعِشْقِكِ نَادِمٌ مُتَنَدِّمُ

هَذِي يَدِي مُدَّتْ إِلَيْكِ مَشَاعِرِي

فَخُذِي الْهَوَى إِنْ شِئْتِ، أَوْ فَتَنَدَّمِي

إِنِّي عَشِقْتُكِ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقْ رُؤَى

وَقَبْلَ أَنْ يُسَمَّى الْهَوَى وَيَتَرَسَّمُ

وَبِكِ اسْتَقَامَ الْقَلْبُ حِينَ تَخَلَّعَتْ

أَضْلَاعُهُ فِي غَفْلَةٍ لَا تُرْحَمُ

أَقْسَمْتُ، لَا عِشْقٌ سِوَى عِشْقِ الْهَوَى

إِنْ لَمْ يَكُنْ بِاسْمِكِ، فَلَا يَتَقَدَّمُ

إِنِّي احْتَرَقْتُ بِنَارِكِ السُّكْرَى، فَمَا

يَنْجُو الْمُحِبُّ إِذَا هَوَاهُ مُتَمِّمُ

الفصل الخامس:

وصف اللقاء الأول

وَاللَّهِ، مَا أَنْسَى اللِّقَاءَ، فَإِنَّهُ

كَالرُّوحِ تَنْفُخُ فِي الْفُؤَادِ الْمُعْدَمُ

جَاءَتْ كَنُورٍ فِي الظَّلَامِ، وَحَوْلَهَا

سِرُّ النُّبُوَّةِ، وَالصَّبَاحُ الْمُبْهَمُ

مَرَّتْ كَأَنَّ الرِّيحَ نَثَّتْ وَرْدَهَا

وَالْعِطْرُ فِي أَذْيَالِهَا يَتَرَسَّمُ

فَانْشَقَّ مِنْ عَيْنِي سُكُونٌ هَائِمٌ،

وَرَأَيْتُنِي رَجُلًا كَأَنِّي أُكْرَمُ

مَا كُنْتُ قَبْلَ لِقَائِهَا ذَا نَشْوَةٍ

لَكِنَّنِي بِهَا اغْتَدَيْتُ مُعَظَّمُ

جَفْنِي تَلَعْثَمَ فِي الْبُكَا، فَكَأَنَّمَا

خَفَقَ الدُّمُوعُ، وَأَيْقَظَ الْمُتَرَنِّمُ

كُنْتُ الْغَرِيبَ عَلَى رَصِيفِ تَشَوُّقِي

حَتَّى أَتَيْتِ، فَأَصْبَحَتْ لِي مَعَالِمُ

مَا بَيْنَنَا كَانَ الْغَرَامُ كِتَابَهُ،

وَالْحُبُّ مِنْ قَسَمَاتِ وَجْهِكِ يُلْهَمُ

وَاللَّهُ يَعْلَمُ كَمْ تَمَرَّدَ خَاطِرِي

فِي لَحْظَةٍ، ثُمَّ انْثَنَى يَتَنَدَّمُ

مَا بَيْنَ نَبْضِ اللَّحْظِ، كِدْتُ أَقُولُهَا:

يَا سَارَةُ، أَنْتِ الْجَمَالُ الْمُلْهِمُ

الفصل السادس:

وصف الألم والغياب

غَابَتْ سَرَاهَا، فَانْكَفَأْتُ كَأَنَّنِي

قَمَرٌ تَهَاوَى، مَا لَهُ مِنْ مَغْنَمُ

مَا عَادَ فِي الدُّنْيَا ضِيَاءٌ يُرْتَجَى

وَلَا الْفُصُولُ تُفِيضُ غَيْرَ التَّهْيِيمُ

صَارَتْ أَيَّامِي كَظِلِّ غَمَامَةٍ

تَعْدُو، وَلَا تَهَبُ الرَّجَاءَ بِمَطْرِمُ

كَأَنَّ رُوحِي فِي مَهَبِّ غِيَابِهَا

جُرْحٌ يُحَدِّثُ كُلَّ لَحْظَةِ مَأْتَمُ

مَا لِلنَّهَارِ إِذَا أَتَى، يَتَثَاءَبُ؟

وَالشَّمْسُ تَبْكِي، وَالضِّيَاءُ مُتَيَّمُ

أَرْنُو إِلَى الطُّرُقَاتِ، عَلِّي أَلْتَقِي

طَيْفًا لَهَا أَوْ رَجْعَ صَوْتٍ مُنْعَمُ

لَكِنَّنِي مَا بَيْنَ قَلْبِي وَالْمُنَى

أَبْنِي الرَّجَاءَ، وَيَهْدِمُ الْمُتَقَدِّمُ

النَّاسُ حَوْلِي، وَالسَّكِينَةُ نَزَفَتْ

وَالصَّمْتُ يَجْزَعُ، وَالْفَرَاغُ مُتَرْجَمُ

فَإِذَا ذَكَرْتُ مَلَامِحًا أَوْ ضَحْكَةً

ذَابَتْ فُؤَادِي، وَاسْتَثَارَ التَأَلُّمُ

كَأَنَّ بَعْدَكِ أَلْفُ عَامٍ مَرَّتِ

كُلُّ الدَّقَائِقِ مُوحِشٌ مَا يُرْسَمُ

الفصل السابع:

الغيرة من النسيم والناس

إِيَّاكِ أَنْ يَمَسَّ النَّسِيمُ جَدَائِلًا

أَوْ يُدْنِيَ الْأَزْهَارَ مِنْكِ بِسُلَّمُ

سَارَةُ، إِنِّي فِي غَرَامِكِ فَارِسٌ

يَغْشَى الْعِدَى، وَيَصُولُ فِيه الْمُتَكَتِّمُ

أَغَارُ مِنْ كُلِّ الْعُيُونِ، فَإِنَّهَا

تَسْرِي إِلَيْكِ، وَتَحْمِلُ التَّرْجُمُ

مِنْ لَحْظَةٍ نَظَرَتْ إِلَيْكِ بِغَيْرَتِي

فَأَنَا الْحَرِيقُ، وَمُقْلَتِي مُتَضَرِّمُ

كَأَنَّكِ الْمِحْرَابُ فِي شَرَفِ الْهَوَى

لَا يَسْتَبِيحُ حُرُمَتَكِ مُتَوَسِّمُ

مَا لِلْخَلَائِقِ؟ هَلْ نَسُوا أَنِّي أَنَا

مَنْ قَدْ حَمَاكِ بِقَلْبِهِ الْمُتَقَدِّمُ؟

لَوْ أَنَّ طَيْفًا مَرَّ فِيكِ لَعَاتَبَتْ

عَيْنَايَ حَتَّى الْعَيْنَ فِي التَّحَلُّمُ

أَغَارُ حَتَّى مِنْ صَدَى ضَحَكَاتِنَا

أَنْ يُسْتَعَادَ، وَيُسْتَرَقَّ تَعَلُّمُ

وَإِذَا سَرَى عِطْرٌ بِجَوِّكِ، اشْتَعَلْتُ

كَأَنَّنِي لَهَبٌ غَيُورٌ مُنْعِمُ

لَكِ وَحْدَكِ الْحُسْنُ الَّذِي لَا يُنْتَهَى

وَلَكِ الْهَوَى، وَلَكِ الْفُؤَادُ الْمُخْتَمُ

الفصل الثامن:

مدح الحبيبة ومكارمها

يَا سَارَةُ، الْأَخْلَاقُ فِيكِ سَمَا بِهَا

شَرَفُ الْمَعَانِي، وَاسْتَوَى فِيكِ الْحِكَمُ

مَا الْجُودُ إِلَّا مِنْ عَطَائِكِ يُقْتَدَى

وَإِذَا عَفَوْتِ، تَسَامَقَتْ بِيَ الْأَنْعُمُ

تَمْشِينَ وَالْمَجْدُ الْمُصَفَّى فِي خُطَاكِ

يَخْطُو، وَيَنْثُرُ فِي الْمَدَى تَبَسُّمُ

لَيْسَ الْجَمَالُ بِحُسْنِ وَجْهٍ نَاعِمٍ

بَلْ فِي خُلُقٍ بِالرِّضَى مُتَوَسِّمُ

مِنْ أَيْنَ جِئْتِ؟ أَبِالْمَلَائِكَةِ انْتَسَبْتِ؟

أَمْ فِيكِ سِرُّ الطُّهْرِ، لَمْ يَتَصَرَّمُ؟

كَأَنَّ فِيكِ مِنَ الْكَرَامَةِ أُمَّةً

تَمْشِي، وَتَبْعَثُ فِي الْقُلُوبِ تَكَرُّمُ

وَالْحِلْمُ فِيكِ، كَأَنَّهُ عَرْشُ السَّمَا

وَإِذَا غَضِبْتِ، فَالْحَيَاةُ تُسَلَّمُ

سَيِّدَةٌ تَمْشِي الْوَقَارَ بِكَفِّهَا

وَيُخَاطِبُ الزَّمَنُ الْكَرِيمَ الْمُحْتَرَمُ

مَا أَنْتِ إِلَّا آيَةٌ مَكْتُوبَةٌ

فِي لَوْحِ صِدْقٍ، بِالضِّيَاءِ مُخَتَّتَمُ

فَاسْلَمِي، يَا مَنْ بِهَا فَاضَ الْهَوَى

وَتَطَهَّرَتْ نَفْسِي، بِهَا تَتَكَرَّمُ

الفصل التاسع:

الحنين للأيام معها

مَا كَانَ يَوْمٌ، إِنَّمَا هُوَ جَنَّةٌ

كُنْتِ السَّحَابَ بِهَا، وَكَانَ مُتَبَسِّمُ

كُنَّا نُغَنِّي، وَالْحَيَاةُ قَصِيدَةٌ

تَنْسَابُ مِنْ ضَحْكِ الْعُيُونِ، وَتَنْعِمُ

مَا أَجْمَلَ الْأَيَّامَ حِينَ مَشَيْتِ بِي

فِي الدَّرْبِ، حَيْثُ الشَّوْقُ يُحْيَا بِالدَّمُ

كُلُّ الزَّمَانِ تَجَمَّلَتْ سَاعَاتُهُ

مِنْ هَمْسِكِ الْعَذْبِ النَّقِيِّ، الْمُلْهِمُ

كُنْتِ الْحَيَاةَ، وَمَا سِوَى عَيْنَيْكِ لِي

نَبْضٌ، إِذَا غَابَ الْهَوَى، لَا يُنْعِمُ

كَمْ كُنْتُ أَرْتَشِفُ اللِّقَاءَ، كَأَنَّهُ

خَمْرٌ تُرَاقُ، وَلَيْسَ فِيهَا مَأْثَمُ

كُنْتُ الْأَمِيرَ، وَفِي ابْتِسَامِكِ عَرْشُهُ

وَسَرِيرُهُ مِنْ نُورِ عَيْنَيْكِ يُرْسَمُ

يَا مَنْ بِهَا الْأَيَّامُ تَصْفُو كُلُّهَا

لَوْ تَعْلَمِينَ بِقَلْبِيَ الْمُتَأَلِّمُ

إِنِّي أُطَارِدُ كُلَّ ذِكْرَى مَرَّتِ

فَأَرَاكِ ضَوْءًا فِي دُجَايَ الْمُظْلِمُ

إِنْ عَادَ ذَاكَ الزَّمَنُ، فَامْسَحِي دَمْعِي،

وَاحْضُنِينِي، فَالْمُنَى لَا يُحْرَمُ

الفصل العاشر:

الخاتمة والدعاء

يَا رَبِّ، إِنْ فَارَقْتُهَا فِي هَذِهِ

الدُّنْيَا، فَاجْمَعْ بَيْنَنَا فِي الْمَنْعَمُ

إِنْ لَمْ تَكُنْ لِي فِي الْحَيَاةِ مُقَدَّرًا

أَنْسَى الْجَمَالَ، وَيُطْفَأُ الْمُتَقَدِّمُ

يَا رَبِّ، هَذَا الْقَلْبُ مَا عَرَفَ الْهَوَى

إِلَّا بِهَا، فَجَزَاهُ عَفْوَ الْمُنْعِمُ

وَإِنِّي مَا سَأَلْتُكَ سِوَى قُرْبٍ لَهَا

فِي جَنَّةٍ فِيهَا الرَّجَاءُ الْمُتَرْجِمُ

هَبْ لِي رُؤَاهَا فِي الْمَنَامِ، فَإِنَّهُ

دَوَاءُ قَلْبِي إِنْ تَبَاعَدَ مَرَاحِمُ

وَاجْعَلْ دُعَائِي فِي هَوَاهَا سَاجِدًا

حَتَّى أُلَاقِيهَا، وَفِيهَا مَآثِرِي

هِيَ سِرُّ عُمْرِي، بَلْ هِيَ الْعُمُرُ الَّذِي

لَا يُسْتَعَادُ، وَلَا يُعَادُ بِهِ مَغْنَمُ

يَا رَبِّ، إِنْ كَانَتْ دُمُوعِي وُدَّهَا

فَاقْبَلْ دُعَائِي فِي الظَّلَامِ الْمُفْعَمُ

أُحْبِبْتُهَا طُهْرًا، وَعَفَّ هَوَايَ مَا

خَانَ الْمَوَدَّةَ، أَوْ طَغَى أَوْ أَجْرَمُ

فَاجْعَلْ خِتَامَ الْحُبِّ جَنَّةَ سَارَةٍ

وَاكْتُبْ لَنَا وَعْدًا بِلُقْيَا مُكْرَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

41

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة