غُصينُ البَانِ تلثِمُهُ نُسَيْماتُ الضُّحى

فَيَهيمُ فيهِ الشاعرُ الولهانِ 

مِلْءُ القلوبِ جمالُهُ وحُسَينُه

يسبي العقولَ بسحرِهِ الفتَّانِ 

يَختالُ في تيهِ النَّسيمِ كأنَّهُ

عَذْراءُ تمشي في رُبى الأغصانِ 

ما بينَ مَيْلٍ وانثناء ناعم

يرنو إليكَ كمقلةِ الوسنانِ 

ويُلوِّنُ الأرجاءَ في أنوارهِ

حَسَبَ الفصولِ وبهجةِ الألوانِ 

قد علَّم الورقَ الحنينَ بنغمه

فرَنتْ له نَوْحَ الحمَى والبانِ 

كادتْ جُذوعُ النخلِ تَغشى سِرَّهُ

لو لا تمايلهُ كسِحرِ جِنانِ 

تَحكيهِ زُخْرُفُ لوحة مرسومة

بمدادِ روحٍ لا بلمسِ بنانِ 

فإذا مررتَ به فسلْ أشجارَهُ

هل مثلُه في ساحةِ الأكوانِ؟ 

أو هل تَرَنَّمَ طائرٌ في فَجرِهِ

إلا أَفاضَ الشجوَ بالألحانِ؟ 

هو روضةُ العشّاقِ إن ذَكروا الهوى

ذَكروا انحناءَ الساق في الأغصانِ 

يا غُصنَ بانٍ كمْ سَقيتَ مشاعري

وجرَيتَ دمعًا في خُفوقِ حنانِ 

يمشي النسيمُ على خُطاهُ مَسافراً

في سِرِّهِ النامي بلا عُنوانِ 

يا غُصنَ بانٍ كمْ سَرَتْ بكَ زَفرةٌ

ومشتْ إليكَ بأدمعِ الحِيرَانِ 

لو قيلَ: ما رمزُ الجمالِ بوصفهِ؟

قلنا: الغُصونُ تمثّلتْ ببيانِ