عدد الابيات : 36
صَبَابَةَ عُمْرٍ بِالْهَوَى تَسْتَفِيدُ
سَرَى بِي هَوَاهَا ثُمَّ أَبْدَى صُدُودَهُ
فَقَلْبِي عَلَى شَطِّ الْهَوَى يَسْتَغِيدُ
أَمَا كُنْتِ تَدْرِينَ الْمَوَدَّةَ بَيْنَنَا؟
عُهُودٌ بِهَا الْمُشْتَاقُ دَوْمًا يَفِيدُ
فَمَا كَانَ هَذَا الْبُعْدُ مِنْكِ بِمُوحِشٍ
وَلَكِنَّ قَهْرَ الصَّدِّ سَهْمٌ يَكِيدُ
تَقُولِينَ لِي: اصْبِرْ، وَقَدْ ذُقْتُ لَوْعَةً
كَأَنَّ صَبُورِي فِيكِ نَارٌ تَزِيدُ
أَيَا سَارَةَ، مَا هَذَا الْجَفَاءُ؟ أَلَيْسَ لِي
مَكَانٌ بِقَلْبٍ فِي هَوَايَ عَنِيدُ؟
إِذَا كُنْتُ أُهْدِيكِ الْوَفَاءَ، فَأَيْنَمَا
وَفَاؤُكِ؟ أَمْ قَدْ ضَلَّ عَنْكِ رَشِيدُ؟
ذَكَرْتُ اللَّيَالِي حِينَ كُنْتِ قَرِيبَةً
فَكَيْفَ أَرَى الْأَوْهَامَ وَهِيَ شُهُودُ؟
أَلَا قَدْ غَدَوْتِ الْيَوْمَ عَنِّي غَرِيبَةً
وَمَا كَانَ عَهْدُ الْحُبِّ أَنْ يُسْتَجِيدُ
فَيَا زَهْرَةَ الْعُمْرِ الَّتِي كُنْتُ أَبْتَغِي
بِهَا الرُّوحُ تَسْتَسْقِي الْجَمَالَ الرَّفِيدُ
تَرَكْتِ الْحَبِيبَ الْمُسْتَكِينَ بِلَهْفَةٍ
وَصِرْتِ كَطَيْفٍ بِالسَّرَابِ يَجُودُ
أَلَا فَارْجِعِي، لَا تَتْرُكِينِي وَحِيدًا
فَبُعْدُكِ نَارٌ وَالْفُؤَادُ وَقُودُ
أَمَا قَدْ عَرَفْتِ الْحُبَّ عَهْدًا مَصُونًا؟
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا طَاهِرٌ وَتَلِيدُ
فَلَوْ كُنْتُ أَدْرِي أَنَّ قَلْبِي يُغَافِلُ
بِمَا كَانَ مِنْكِ، مَا اسْتَكَانَ يَبِيدُ
أَيَا لَيْتَ عَيْنِي مَا رَأَتْ مِنْكِ خَيْبَةً
وَلَكِنَّ دَرْبَ الصَّدِّ غَدْرٌ شَدِيدُ
فَعُودِي إِلَى عَهْدِ الْهَوَى يَا مَلِيكَتِي
فَإِنِّي عَبْدٌ، وَالْهَوَى لِي سُجُودُ
تُعَاتِبُنِي الْأَيَّامُ إِذْ صَارَ بَيْنَنَا
سِيَاجٌ مِنَ الْبُعْدِ الثَّقِيلِ وَقُيُودُ
وَإِنْ قُلْتُ: يَا سَارَةُ، قُولِي لِحُبِّنَا
أَمَا كَانَ ذَا الْقَلْبُ الرَّقِيقُ حَمِيدُ؟
أَمَا كُنْتُ مِنْ أَهْلِي وَأَنْتِ مَلِيكَتِي؟
وَمَا كُنْتُ عَنْ حُبِّ الْجَمَالِ أَحِيدُ
فَكَيْفَ أُلَاقِي فِي الطَّرِيقِ مَلَامَةً؟
وَفِي الْقَلْبِ شَوْقٌ لِلْوِصَالِ عَنِيدُ
أَمَا كُنْتِ لِي حُلْمًا جَمِيلًا يُدَاعِبُ
خَيَالَاتِ قَلْبِي وَالْمُنَى لَا تَبِيدُ؟
تَذَكَّرْتُ عَيْنَيْكِ، وَأَقْسَمْتُ بَيْنَنَا
عُهُودًا عَلَى الدَّهْرِ الْجَمِيلِ شُهُودُ
أَيَا سَارَةَ، هَذَا الْفُؤَادُ مُكَابِدٌ
جِرَاحًا، وَفِي جُرْحِ الْهَوَى لَا جُمُودُ
فَلَا تَهْجُرِي مَنْ كَانَ يَهْوَاكِ صَادِقًا
فَكُلُّ خَلِيلٍ فِي الْحَيَاةِ يُفِيدُ
سَأَبْقَى وَفِيًّا رَغْمَ بُعْدِكِ صَابِرًا
فَهَذَا وَفَاءٌ بِالْكِرَامِ عَتِيدُ
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ يَعُودُ لَنَا الْهَوَى؟
فَنَحْيَا كَمَنْ كَانَ الْوِصَالُ عَمِيدُ
فَيَا طَائِرَ الشَّوْقِ الَّذِي بَاتَ سَاهِرًا
عَلَى غُصْنِ وَجْدِي، مَا رَجَاهُ بَعِيدُ
فَهَلْ تَنْظُرِينَ الدَّهْرَ يُلْقِي صُرُوفَهُ؟
فَتَبْقِينَ عِنْدِي وَالْعُهُودُ قُيُودُ
فَمَا كُنْتُ يَا سَارَةُ أَرْجُو مَلَاحَةً
وَلَكِنَّ وُدَّ الْحُبِّ أَغْلَى نُقُودُ
أَمَا كُنْتِ تَعْرِفِينَ الْهَوَى كَيْفَ يَزْرَعُ؟
قُلُوبًا عَلَيْهَا الْحُسْنُ ظِلٌّ عَمُودُ
فَيَا سَارَةُ، مَا زِلْتُ فِي الْحُبِّ عَاشِقًا
وَأُقْسِمُ أَنِّي لِلْهَوَى صَدٌّ لَا أَعُودُ
وَلَكِنَّنِي أَهْفُو إِلَى وَجْهِ فِتْنَةٍ
تُضِيءُ، وَعَهْدُ الْحُبِّ فِيهَا فَرِيدُ
أَمَا كُنْتِ تَسْمَعِينَ نِدَاءَ عَاشِقٍ؟
فَإِنْ كُنْتِ عَنْ قَلْبِي تَصُدِّينَ، عُهُودُ
فَيَا رَبَّ حُبٍّ مَا تَفَرَّقَ أَهْلُهُ
وَجَاءَ بِظِلِّ الْوُدِّ يَوْمٌ بَهِيجٌ سَعِيدُ
فَإِنِّي إِلَى سَارَةَ أُهْدِي سَلَامَهَا
وَفِي الْقَلْبِ عَهْدٌ بِالْهَوَى لَا يَبِيدُ
112
قصيدة