عدد الابيات : 31
سَرَى الْحُبُّ فِي أَعْمَاقِ رُوحِي مَشْعَلٌ
يُضِيءُ ظَلَامَ اللَّيْلِ، يَا بَدْرَ تَأَمُّلِي
وَمَا زِلْتُ أَرْنُو لِلِّقَاءِ مُكَابِدًا
صِرَاعَ اللَّيَالِي، وَالصُّبْحِ الْمُقَاتِلِ
أَرَاكِ طَيْفًا فِي خَيَالِي مُحَلِّقًا
تُرَاقِصُ أَحْلَامِي بِلَحْنٍ مُتَمَايِلِ
وَقَفْتُ عَلَى الْأَطْلَالِ أَسْأَلُ خَافِقِي
أَفِي الْقُرْبِ أَمَلٌ أَمْ سَيَفْنَى تَسَاؤُلِي
وَمَا لِجَوَانِحِي إِلَّا صَدًى مِنْ صَبَابَةٍ
يُرَدِّدُ ذِكْرَى، فِي الدُّرُوبِ الْمُجَاهِلِ
أَيَا سَارَةَ الْحُسْنِ الَّذِي لَا يُضَاهِيهِ
بَدْرٌ وَلَا نَجْمٌ بِسِحْرِ الْمَحَافِلِ
كَتَبْتُكِ فِي شِعْرِي وَأَبْقَيْتُ لَحْنَكِ
أُنْشُودَةَ صَبْرِي، حِينَ طَالَ التَّوَاصُلُ
أَمَا كُنْتِ تَدْرِينَ الْمُحِبَّ مَتَى جَفَا
يُعَانِي لَيَالٍ فِي عَذَابٍ مُسَائِلِ
تَمَاوَجَتِ الْأَحْلَامُ فِي عُمْقِ مُهْجَتِي
كَبَحْرٍ عَظِيمٍ لَا يَبُوحُ بِنَاهِلِ
وَصَبَرْتُ كَصَخْرِ الْوَادِي إِذْ يَحْفَظُ الرَّجَا
وَأَلْقَيْتُ نَفْسِي فِي عُبَابِ الْأَسَاوِلِ
وَفِي كُلِّ فَجْرٍ كُنْتُ أَرْجُو شُرُوقَهُ
فَأَبْصَرْتُ لَيْلًا فِي مَدَى غَيْرِ زَائِلِ
وَهَلْ يَعْبُرُ الْعُشَّاقُ صَحْرَاءَ شَوْقِهِمْ
دُونَ مَاءِ أَمَلٍ أَوْ رِيَاحٍ نَوَاهِلِ
سَرَتْ بِيَ رِيحُ الصَّبْرِ حَتَّى إِذَا بَدَتْ
مَعَالِمُ رُؤْيَاكِ، أَتَيْتُكَ كَنَائِلِ
وَمَا لِي سِوَى عَيْنَيْكِ يَا مَلِكَةَ الْهَوَى
إِذَا أُطْفِئَتْ أَنْوَارُ أَيَّامِ قَوَافِلِي
فَيَا زَهْرَةَ الْأَحْلَامِ عُودِي لِيَوْمِنَا
لِنُكْمِلَ أَلْحَانًا بِقَلْبٍ مُوَاصِلِ
فَلَا الصُّبْحُ يُنْسِينِي، وَلَا اللَّيْلُ يُطْفِئُ
نُجُومَ انْتِظَارِي فِي اللَّيَالِي الثَّقَائِلِ
وَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا يَنْثَنِي الْقَلْبُ عَاشِقًا
وَأَنْ يَبْقَى كَالسَّيْفِ يَرْفَعُ مَشَاعِلِي
وَإِنْ طَالَ دَهْرُ الِانْتِظَارِ فَإِنَّنِي
رَجَوْتُكِ فِي سِرِّي وَفِي كُلِّ جَائِلِ
تُحَلِّقُ بِيَ الْآمَالُ مِثْلَ طُيُورِهَا
إِلَى حَيْثُ يُزْهَى طَيْفُ حُلْمٍ مُكَافِلِ
وَيَا مَنْ سَكَنْتِ الْقَلْبَ أَبْحَرْتُ نَحْوَكِ
بِشَوْقٍ كَمَوْجِ الْبَحْرِ يَنْسَابُ هَائِلِ
فَلَا تَسْأَلِي صَبْرِي وَقَدْ كُنْتُ رَاجِيًا
لِقَاءَكِ فِي دُنْيَا الْغَرَامِ الْمَشَاعِلِ
وَلَا تَسْأَلِي دَمْعِي، فَفِي كُلِّ قَطْرَةٍ
حَكَايَا انْتِظَارٍ لِلْعُيُونِ الْقَوَاطِلِ
كَأَنِّي سَفِينٌ فِي بِحَارِ تَأَمُّلِي
أُصَارِعُ مَوْجَ الْبُعْدِ وَالْبَحْرَ حَافِلِ
وَلَكِنَّنِي مَا زِلْتُ أَحْيَا بِأُمْنِيَاتِي
كَزَهْرٍ يُضِيءُ تَحْتَ ظِلِّ الْمُجَابِلِ
فَإِنْ جَاءَ يَوْمٌ وَالْتَقَيْنَا بِنُورِهِ
فَإِنِّي سَأَرْوِي حُبَّنَا بِالْمَنَازِلِ
وَإِنْ كَانَ دَهْرُ الشَّوْقِ يُبْطِئُ خُطْوَتِي
فَفِي قُرْبِ رُؤْيَاكِ انْتِهَاءُ الْمَفَاصِلِ
وَيَا سَارَةَ الْأَشْوَاقِ قَدْ بَاتَ لَفْظُهَا
قَصِيدًا عَلَى شَفَتِي، وَدَمْعًا بَهَائِلِ
فَلَا تَسْتَكِينِي إِنْ بَدَا الْحُبُّ حَالِمًا
فَمَا الْحُبُّ إِلَّا حُلْمُ عَاشِقِهِ الْوَاصِلِ
وَإِنْ جَاءَ فِي تَارِيخِ شِعْرِي قَصِيدَةٌ
تَحَدَّتْ عُصُورَ الْعَاشِقِينَ الْقَبَائِلِ
فَهَيَّا إِلَى الدُّنْيَا نُسَطِّرُ حُبَّنَا
قَصِيدًا يُعَانِقُ كُلَّ حُلْمٍ وَنَائِلِ
112
قصيدة