عدد الابيات : 34
تَمْضِي الْقَوَافِي إِلَى عَيْنَيْكَ مُنْشَدَةً
كَالْوَحْيِ يَسْرِي بِآيَاتٍ مِنَ الْحِكَمِ
وَيَسْكُبُ الْحَرْفُ فِي الْأَعْمَاقِ أُغْنِيَةً
تُهْدِي الْمَدَى نَبْضَ أَشْوَاقٍ وَلَمْ يُلَمِ
إِنَّ الْمَشَاعِرَ إِنْ صَافَتْ مُجَانِسَهَا
عَاشَتْ رَبِيعًا، وَسَالَتْ نَبْعَ مُغْتَنِمِ
وَتَأْنَسُ النَّفْسُ فِي نَفْسٍ تُوَافِقُهَا
بِالْفِكْرِ وَالطَّبْعِ وَالْغَايَاتِ وَالْقِيَمِ
وَإِنْ تَلَاقَى ضِيَاءُ الرُّوحِ فِي أَلَقٍ
تَبَدَّدَ اللَّيْلُ مِنْ أَسْرَارِهِ فِي الدُّهُمِ
وَالْحُبُّ إِنْ طَابَ فِي الْأَرْوَاحِ جَوْهَرُهُ
أَضْحَى كَنَهْرٍ سَمَا بِالْحُسْنِ مِنْ دِيمِ
لَا يَسْتَقِيمُ الْهَوَى إِنْ لَمْ يَكُنْ حُلُمًا
يَسْمُو وَيُزْهِرُ بِالْأَعْمَاقِ عِزًّا كَالْكَرَمِ
كَمْ صَادِقٍ قَدْ غَفَا بِالْعِشْقِ مُحْتَرِقًا
وَكَاذِبٍ عَاشَ بِالْأَهْوَاءِ مَنْبُوذًا كَالْعَدَمِ
لَكِنْ إِذَا الْتَمَّ نُورُ الْقَلْبِ مُتَّقِدًا
أَضْفَى الْحَيَاةَ عَلَى الْأَرْوَاحِ كَالنَّسَمِ
نَبْضُ الْقُلُوبِ إِذَا صَافَى أُخَيَّتَهُ
تَرَنَّمَتْ فِي الدُّنْيَا الْأَطْيَارُ بِالنَّغَمِ
لَا تُؤْمِنُ الرُّوحُ إِلَّا مَنْ يُطَهِّرُهَا
مِنَ الزَّيْفِ، وَوَهْمِ الْأَقْدَارِ وَالْوَهَمِ
إِذَا وُهِبْنَا قُلُوبًا بِالْوَفَاءِ نَمَتْ
كَالْمَاءِ يُحْيِي جَمَالَ الزَّهْرِ بِالْحُلُمِ
وَإِنْ طَغَى الْحُزْنُ فِي الدُّنْيَا وَأَرَّقَنَا
فَالْحُبُّ يَجْلُو ظَلَامَ الدَّرْبِ مُنْصَرِمِ
إِنَّا خُلِقْنَا عَلَى الْوَفَاءِ بِعَهْدٍ يُوَثِّقُنَا
لَا نُدْرِكُ النُّورَ إِلَّا بِالصِّدْقِ فِي الذِّمَمِ
فَامْضِ بِقَلْبٍ طَهُورٍ لَا تُدَنِّسُهُ
أَوْحَالُ دُنْيَا غَدَتْ غَدْرًا عَلَى قِمَمِ
وَإِنْ تَسَامَتْ دُرُوبُ الْعِشْقِ فِي أَلَقٍ
فَالنَّفْسُ تَسْكُنُ فِي عَيْنَيْهِ كَالْحُرُمِ
تَمْضِي الْقُلُوبُ عَلَى الْأَشْوَاقِ هَائِمَةً
كَالْمَوْجِ يَسْرِي بِلَا قَيْدِ ذُلٍّ وَلَا أَلَمِ
وَإِنْ تَجَافَى صَدَى الْأَرْوَاحِ عَنْ وَتَرٍ
تَاهَ الْغِنَاءُ وَضَاعَ اللَّحْنُ فِي الْعَدَمِ
لَا يَسْكُنُ الْحُبُّ إِلَّا فِي مُطَهَّرِهِ
وَلَا يَبُوحُ بِغَيْرِ الصِّدْقِ وَالْعِزِّ وَالْكَرَمِ
وَإِنْ جَفَى الدَّهْرُ أَهْلَ الْوَصْلِ عَنْ قَهْرٍ
ظَلَّتْ قُلُوبُهُمُ تُهْدِي النَّدَى كَالنَّمِي
الْحُبُّ أَطْهَرُ مِنْ وَهْمٍ يُدَنِّسُهُ
وَأَعْمَقُ الْحُلْمِ أَنْ يَسْعَى لِلْقِمَمِ
مَا ضَرَّنَا أَنْ يُقَالَ الْعِشْقُ مُسْتَهْتِرٌ
فَالشَّمْسُ تُشْرِقُ رَغْمَ الْحِقْدِ وَالظُّلَمِ
هَذِي الْقُلُوبُ إِذَا مَا النُّورُ أَشْعَلَهَا
أَمْسَتْ تُنَاجِي الْمَدَى لِسِدْرَةِ الْحُلُمِ
نَمْضِي عَلَى دَرْبِ مَنْ نَهْوَى بِلَا وَجَلٍ
مَا دَامَ بِالْقَلْبِ عَهْدُ الْوَصْلِ كَالْقَسَمِ
إِنَّ الْقُلُوبَ إِذَا لَاقَتْ مُجَانِسَهَا
هَامَتْ بِهِ حُبًّا كَالْعِطْرِ فِي النَّسَمِ
تَسْرِي الرَّوَابِي عَلَى الْأَشْوَاقِ مُورِقَةً
وَالطَّيْرُ يَشْدُو بِأَلْحَانٍ مِنَ النَّغَمِ
لَا يَعْرِفُ الْوَصْلَ إِلَّا مَنْ يُكَابِدُهُ
كَالسَّهَدِ يَسْهَرُ فِي أَهْدَابِ مُغْتَرِمِ
الْحُبُّ نُورٌ، وَعَهْدٌ لَا يُكَدِّرُهُ
طَيْشُ الْعَوَاذِلِ أَوْ أَهْوَاءُ مُنْتَقِمِ
يَا مَنْ سَكَنْتَ فُؤَادِي لَا تُفَارِقُهُ
إِنَّ الْفُؤَادَ حَزِينٌ دُونَ مُنْتَهَمِ
تَمْضِي السُّنُونَ وَأَفْرَاحُ الْهَوَى ثَمِلٌ
وَالْعُمْرُ يَشْدُو عَلَى أَنْغَامِ مُبْتَسِمِ
لَا الدَّهْرُ يُطْفِئُ أَنْفَاسَ الْمَحَبَّةِ فِي
قَلْبٍ يُرَاوِدُهُ الشَّوْقُ نَارُ الْمُضَرَّمِ
إِنْ غَابَ عَنِّي فَفِي ذِكْرَاهُ مُتَّسَعِي
وَفِي الْأَمَانِي لَهُ وَعْدٌ وَلَمْ يُعْدَمِ
فَاصْغِ لِقَلْبِي إِذَا نَاجَاكَ فِي وَلَهٍ
وَاكْتُبْ سُطُورَ هَوًى فِي خَافِقِي وَدَمِي
113
قصيدة