عدد الابيات : 21
مَا أَرْوَعَ الْأَيَّامَ حِينَ تُخْصِبُ
فِيهَا الْقُلُوبُ وَيُحْتَفَى بِالْجُرْأَةِ
هَذِي مَيَادِينُ الْفَصَاحَةِ قَدْ بَدَتْ
مَفْتُوحَةً لِمَنِ اسْتَحَقَّ الرُّتْبَةِ
أَنَا مَنْ دَعَانِي الْحَرْفُ حَتَّى خِلْتُنِي
بِمِدَادِ سَطْرِي أَسْتَثِيرُ الْعُصْبَةِ
وَلَئِنْ رَكِبْتَ مِنَ الْبَيَانِ جِيَادَهُ
فَلَقَدْ سَبَقْتَ رُكُوبَهُمْ بِالْقُدْرَةِ
شِعْرُ الْمُعَلَّقَاتِ نَبْعٌ مَا انْتَهَى
وَلَكِنْ نُعِيدُ صَفَاءَهُ فِي الْخُطْبَةِ
هَلَّا رَأَيْتَ الْقَافِيَاتِ تُؤُمُّنِي
وَتَرَى الْقَصَائِدَ خَاشِعَاتٍ رَغْبَةِ؟
يَا صَاحِبِي، إِنِّي ابْنُ مَجْدٍ سَاطِعٍ
وَسَلِيلُ حَرْفٍ لَا يُجَارَى نُخْبَةِ
مَا زِلْتُ أَطْعَنُ فِي الْكَلَامِ بِسَيْفِهِ
وَأَصُوغُ مِنْ لُغَةِ السَّمَاءِ ضَرْبَةِ
مِنْ أَيْنَ لِي هَذَا الْبَيَانُ؟ كَأَنَّهُ
وَحْيٌ تَنَزَّلَ فِي الْحَشَا بِالْعِبْرَةِ
يَا لَائِمِي فِي الشِّعْرِ، مَهْلًا إِنَّنِي
حَمَلْتُ عَنْ فُصْحَى الْعُلَا مَا صُبَّةِ
وَإِذَا كَتَبْتُ، تَسَابَقَتْ أَلْفَاظُهُمْ
كَالرَّعْدِ فِي بَرْقَاتِهَا وَالنُّدْبَةِ
فَاذْكُرْ بِأَنِّي إِنْ أَرَدْتُ مُفَاخِرًا
جَاءَتْ قَصَائِدِيَ الْعِظَامُ الْهَضْبَةِ
أَفَأَنْتَ تَرْجُو أَنْ تُنَافِسَ خِطَّتِي؟
وَتَحُوزَ مِنْ وَهَجِي الْوَهِيمِ نُخْبَةِ؟
مَا كُلُّ مَنْ سَجَعَ الْقَصِيدَ بِشَاعِرٍ
حَتَّى يُقِيمَ عَلَى الْبَدِيعِ نُهْبَةِ
إِنِّي اقْتَفَيْتُ خُطَى الْأُلَى لَمَّا بَدَوْا
وَمَلَأْتُ كُلَّ مَفَاصِلٍ بِالرُّتْبَةِ
أَعِدُّوا، وَلَكِنِّي بَلَغْتُ نِهَايَةً
مَا بَعْدَهَا إِلَّا انْكِسَارُ التُّرْبَةِ
جِئْتُ التَّحَدِّي لَا أُبَالِي مَنْ مَضَى
أَوْ مَنْ أَتَى، فَالشِّعْرُ عِزُّ الصُّحْبَةِ
هِيَ قِمَّةٌ، وَأَنَا رَفَعْتُ جِدَارَهَا
وَبَنَيْتُ مِنْ نَارِ الْحُرُوفِ قُبَّةِ
سَارَتْ قَوَافِينَا، وَمِنْ أَمْدَائِهَا
صَارَتْ لِعِزِّ الْعَرَبِيَّةِ لُبَّةِ
سَارَةُ، إِلَيْكِ مِدَادُ حِبْرٍ خَاشِعٍ
فَالْعِشْقُ مَجْدِي، وَالْقَصِيدُ خُطْبَةِ
119
قصيدة