عدد الابيات : 41
أَأَبْكِي عَلَى ذَاتِ السَّنَا وَالشَّمَمْ؟
وَفِي صَدْرِهَا نَارُ الصُّدُودِ تَضِمْ
وَفِي قَلْبِهَا طُهْرُ الطُّفُولَةِ إِنْ
تَنَفَّسَتِ الصُّبْحَ الْمُضِيءَ بِهِمْ
تُحِبُّ الصَّفَاءَ، وَتَأْنَفُ مَا
يَشُوبُ الْقُلُوبَ مِنَ اللُّؤْمِ غَمْ
كَأَنَّ بِهَا رُوحَ مَلَاكِ سَمَا
تَعَطَّرَ بِالْحُبِّ، لَا بِالْبَذَمْ
حَدِيثُ الْعُقُولِ لَهَا مَوْعِدٌ
وَلَيْسَ بِأَمْرٍ وَلَا بِزَمَمْ
تَفِي فِي الْوُعُودِ، وَتُولِي الرِّضَا
لِمَنْ كَانَ بِالصِّدْقِ خَيْرَ الْقَسَمْ
وَتَبْغُضُ حِقْدًا إِذَا اشْتَعَلَتْ
نُفُوسُ الْوَرَى فِي لَهِيبِ السَّقَمْ
وَإِنْ خَدَعَتْهَا الْوُجُوهُ الَّتِي
تُزَيِّنُ بِالزُّورِ كُلَّ الْكَلِمْ
تُوَلِّي بِظَهْرٍ، وَلَا تَنْثَنِي
كَمَا الطُّهْرُ إِنْ لَاحَ فَوْقَ الْعَلَمْ
هِيَ الْحُبُّ، بَلْ نَادِرٌ شِبْهُهَا
كَحُلْمٍ يُطِلُّ عَلَى مُنْعَدِمْ
إِذَا مَا مَشَتْ زَلَّتِ الْأَرْضُ مِنْ
حَيَاءٍ، وَخَرَّتْ عَلَى قَدَمِ
تُقَاسُ اللَّيَالِي بِهَا إِنْ أَتَتْ
وَيُكْتَبُ فِي ضَوْئِهَا الْقَلَمِ
كَأَنَّ الْجَمَالَ تَعَلَّمَهَا
فَعَادَ يَسِيرُ عَلَى نَغَمِ
رَقِيقَةُ طَرْفٍ، بِهَا يُرْتَجَى
سَلَامُ الْمَدَى مِنْ لَظَى السَّقَمِ
وَفِي وَجْنَتَيْهَا وُعُودُ الرَّبِيعِ
وَهَمْسُ الْخُزَامَى، وَنَدَى الْقُدُمِ
عَذَارَى الْهَوَى إِنْ رَأَيْنَ السَّنَا
بِهَا، خَرَّ سِرُّهُمُ الْمُعْتِمِ
وَتَبْكِي الْوُرُودُ إِذَا مَا جَفَتْ
حَدِيثَ النَّسِيمِ بِلَا تَرَحُّمِ
لَهَا مِنْ دُعَاءِ الْخُلُودِ ارْتَقَى
بِهِ الصِّدْقُ عَنْ فَحْمَةِ الْغَنَمِ
تُؤْنِسُ بِالْحُبِّ كُلَّ الَّذِي
تَقَطَّعَ فِي عُزْلَةِ النَّدَمِ
وَتَحْمِلُ حُزْنَ الْيَتِيمِ، وَإِنْ
كَتَمَتِ الْجَوَى بَيْنَ مُحْتَدِمِ
إِذَا قُلْتُ: هَذِي مَلَاكُ الْمَدَى
فَإِنَّ السَّمَاءَ لَهَا تَتَسِمِ
وَتُذْعِنُ فِينَا الْفِرَاسَةُ إِذْ
رَأَيْنَا بِهَا سِرَّ مُسْتَتِمِ
مَتَى مَا تَنَفَّسَتِ الطُّهْرَ فِي
مَسَاءِ الْقُلُوبِ، غَفَا الْأَلَمِ
وَتَبْقَى، كَأَنَّ الطُّفُوفَ بِهَا
تَحَجَّبَ فِي صَوْتِهَا الْمُنَظَّمِ
تُبَارِكُهَا الْأَرْضُ إِنْ وَطِئَتْ
وَتَمْنَحُهَا الْحُسْنَ فِي الْحُرُمِ
إِذَا مَا تَكَلَّمْتَ عَنْ مِثْلِهَا
صَمَتَّ الْبَيَانَ، وَذَلَّ الْفَمِ
تَحِنُّ إِلَى كُلِّ مَنْ ضَاعَ فِي
خُطَى الْحُبِّ، أَوْ بَاتَ فِي أَسَمِ
تُعِيدُ الَّذِي قَدْ تَنَاسَاهُ حُسْنٌ
وَتَكْشِفُ لِلْغَيْبِ مَا انْحَزَمِ
تَسِيرُ عَلَى عِطْرِهَا الْأُمْنِيَاتُ
وَيَصْحُو بِهَا الزَّمَنُ النَّائِمِ
وَإِنْ جَاءَ صُبْحٌ بِلَا وَجْهِهَا
أَغَارَ الضِّيَاءُ مِنَ الْعَدَمِ
تُسَامِحُ إِنْ جَارَ مَنْ حَوْلَهَا
وَتُخْفِي الْأَسَى تَحْتَ سِتْرِ الْكَرَمْ
وَتَبْكِي إِذَا مَا جَفَتْهَا الدُّنَا
كَأَنَّ دُمُوعَ الْمَلَاكِ سُجِمْ
وَفِيهَا مِنَ الرِّقَّةِ الْمُشْبَعَةْ
حَنَانٌ يُدَاوِي جِرَاحَ الْأُمَمْ
وَلَا تَكْسِرُ الْقَلْبَ، بَلْ تَمْسَحُهُ
وَتَشْدُو لَهُ لَحْنَ عَزْفِ النَّغَمْ
وَفَوْقَ الْجَمَالِ لَهَا سِتْرُهَا
كَمَا الْبَرْقُ يَلْمَعُ خَلْفَ الْغَمَمْ
إِذَا مَا تَكَلَّمَتِ الْفِطْرَةُ
فَفِي نُطْقِهَا كُلُّ ضَوْءٍ لَمَمْ
وَفِي صَمْتِهَا مَغْزَلٌ لِلنَّدَى
وَفِي سَهْدِهَا حُلْمُنَا الْمُنْهَزِمْ
تُحِبُّ الْأَنَامَ، وَتُبْقِي لَهُمْ
مَكَانًا بِأَعْمَاقِهَا لَمْ يُلَمْ
هِيَ النَّارُ، وَالثَّلْجُ، وَالرِّيحُ، وَالْـ
ـهُدُوءُ، وَعَاصِفَةٌ مِنْ نَغَمْ
تُسَافِرُ فِي الْقَلْبِ رُوحًا بِهَا
يُرَى الْحُلْمُ يَمْشِي عَلَى الْقِدَمْ
146
قصيدة