عدد الابيات : 31
سَلُوا الْمُعَلَّقَاتِ عَنِ الْعِشْقِ الْعَتِيقِ لَنَا
وَاسْأَلُوا الشِّعْرَ عَنْ سِرِّ الْهَوَى الْفَنَنَا
رَأَيْتُ فِي عَيْنَيْكِ بَحْرَيْنِ مَوْجُهُمَا
يَسْبِي الْفُؤَادَ إِذَا مَالَتْ بِهِ السُّفُنَا
أَرَاكِ شَمْسًا، وَفِي الْأَحْدَاقِ أَشْرِعَتِي
إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهَا، ذَابَ بِيَ الزَّمَنَا
يَا مَنْ أَضَاءَتْ عُيُونُكِ الْكَوْنَ أَجْمَعَهُ
فَصَارَ صُبْحًا عَلَى قَلْبِي إِذَا سَكَنَا
فِيهَا السَّوَادُ الَّذِي قَدْ سُحِرْتُ بِهِ
وَفِي الْبَيَاضِ سَلَامٌ جَالَ وَاقْتَرَبَا
إِنِّي نَظَرْتُ إِلَيْكِ الْعِشْقَ مُمْتَزِجًا
فَمَا احْتَرَفْتُ سِوَى عَيْنَيْكِ مُرْتَكَبَا
يَا سَاحِرَةَ النَّظَرِ الْحَانِي وَقَدْ بَهَرَتْ
قَلْبِي بِنَارٍ تُذِيبُ الصَّخْرَ إِنْ وَهَنَا
قَدْ قَالَ قَيْسٌ بِأَنَّ الْحُبَّ أَحْرَقَهُ
وَأَنْتِ صِرْتِ لِكُلِّ الْعَاشِقِينَ غِنَى
لَوْ أَنَّ عَنْتَرَةً عَادَ الزَّمَانُ بِهِ
لَخَلَّدَ فِي عُيُونِكِ صَهْوَةَ الْحَسَنَا
وَفِي الْغَزَلِ إِذَا طَافَ الْجَمَالُ بِهِ
أَرَاكِ تَاجًا عَلَى الْعُشَّاقِ مُتَّزَنَا
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى عَيْنَيْكِ يَا أَمَلِي؟
وَكُلُّ دَرْبٍ إِلَيْكِ صِرْتُهُ وَهَنَا
لَوْلَا عُيُونُكِ مَا أَبْدَعْتُ قَافِيَتِي
وَلَا تَرَاقَصَ شِعْرِي فِي الْهَوَى لَحَنَا
إِنِّي عَشِقْتُ عُيُونًا لَيْسَ يُدْرِكُهَا
إِلَّا الَّذِي فِي صَمِيمِ الْعِشْقِ قَدْ سَكَنَا
عَيْنَانِ لَوْ نَظَرَتْ كَفَّ الدُّجَى صُعِقَتْ
وَلَوْ تَلُوحُ إِلَى الْأَشْوَاقِ مَا حَزِنَا
أَبْكِي عَلَيْكِ كَطِفْلٍ حِينَ أَذْكُرُهَا
وَتَضْحَكُ الْأَرْضُ إِنْ طَافَتْ بِهَا شَجَنَا
لَوْ أَنَّ لِلْوَرْدِ أَنْ يَصْفُوَ لِجَاذِبِهِ
لَاخْضَرَّ غُصْنُ الْوُرُودِ وَانْثَنَى حَسَنَا
يَا زَهْرَةَ الْعُمْرِ، فِي عَيْنَيْكِ قَافِيَةٌ
لَوْ ضَاعَتِ الْكَلِمَاتُ مِنْكِ مَا هُنَا
أَصْبَحْتُ فِيكِ أَسِيرًا لَا أَنَامُ كَمَا
يَغْفُو الطُّيُورُ عَلَى الْأَغْصَانِ إِنْ لَحَنَا
وَكُلُّ نَجْمٍ عَلَى الْأَفْلَاكِ يَشْهَدُنِي
أَنِّي أَسِيرُكِ عِشْقًا، غَارِقًا هُيَمَا
فَلَا تَسَلْنِي عَنِ الْأَسْبَابِ فِي وَجَعِي
إِنَّ الْعُيُونَ تُغَذِّي الرُّوحَ مُرْتَسَمَا
قَدْ قِيلَ عَنْكِ بِأَنِّي فِيكَ مَجْنُونٌ
وَكُلُّ مَنْ قَالَ شِعْرِي بَاتَ مُفْتَتَنَا
كَيْفَ النَّجَاةُ إِذَا أَبْحَرْتُ فِي سُفُنٍ؟
وَفِي الْعُيُونِ أَنَا الْمُخْتَارُ مَنْ فَتَنَا
أَعْشَقُكِ الْآنَ، لَا خَوْفٌ يُهَدِّدُنِي
وَفِي الْعُيُونِ يَقِينُ الْوَصْلِ قَدْ وَضَحَا
إِنْ كَانَ شِعْرِي لِأَجْلِكِ كُلَّهُ وَلَهًا
فَإِنَّ قَافِيَتِي لِلْعَيْنِ قَدْ صَرَحَا
يَا سَيِّدَةَ الْحُسْنِ إِنِّي فِيكِ عَاشِقُهُ
فَكُلُّ قَيْسٍ إِلَيْكِ صَارَ مُفْتَتَحَا
قَدْ قَالَتِ الْأَرْضُ: هَذَا النُّورُ يُبْهِرُهَا
فَصَارَتِ الشَّمْسُ تُغَنِّي حِينَ قَدْ مَزَحَا
فِي كُلِّ رَمْشَةِ عَيْنٍ أَلْفُ مَلْحَمَةٍ
وَكُلُّ سَطْرٍ لِعَيْنِكِ قَدْ تَجَمَّحَا
لَوْلَا الْعُيُونُ لَمَا صَارَ الْهَوَى أَدَبًا
وَلَا تَغَنَّى بِهِ فِي الشِّعْرِ مَنْ وَضَحَا
فَالْآنَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ بِأَنَّ
الْعُيُونَ أَجْمَلُ شِعْرٍ خَالَفَ الْمُحَنَّا
إِنِّي عَشِقْتُكِ يَا مَنْ صُغْتِ قَافِيَتِي
وَأَنْتِ لِلرُّوحِ نُورٌ حَلَّ وَافْتَتَحَا
148
قصيدة