الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » لَيْلِي طَوِيلٌ قَاسِّي

عدد الابيات : 36

طباعة

سَقَانِي الأَسَى كَأْسًا بِطَعْمِ المَآثِمِ

وَأَلْهَبَ جَوْفِي، وَالفُؤَادُ مُتَيَّمُ

أَنَاخَتْ رِيَاحُ الحُزْنِ ظِلِّي كَئِيبَةً

فَمَا عَادَ يَجْلُو اللَّيْلَ بَدْرٌ مُبَسَّمُ

وَفِي مُقْلَتِي يَسْرِي الحَنِينُ كَأَنَّهُ

سَنًا غَابَ فِي الدُّنْيَا فَرَاحَ يُحَلِّمُ

فَيَا لَيْتَ نَجْمًا يَرْوِي ظَلَامَ سَحَائِبِي

إِذَا سَجَدَتْ رُوحِي، وَآمَنَتْ تَتَرَنَّمُ

تَصَدَّى الأَسَى فِي الجَوَانِحِ نَافِرًا

كَأَنَّ الدُّجَى فِي الحُشَاشَةِ يَرْتَطِمُ

أُدَارِي جِرَاحِي مِنْ شَتَاتٍ يَزُورُنِي

تُدَاوِي الحَنَايَا حِينَ نَادَتْ تَلْتَئِمُ

يُنَادِينِيَ الحُلْمُ البَعِيدُ كَأَنَّهُ

شُعَاعٌ تُوَارِيهِ السِّنُونَ فَيُظْلِمُ

وَأَبْحَرْتُ فِي لَيْلِ الفِرَاقِ مُكَبَّلًا

تَنَاوَحَنِي أَشْوَاقٌ وَوَجْدٌ يُهَدِّمُ

إِذَا مَا تَهَاوَتْ فِي الظَّلَامِ دُمُوعُنَا

فَهَلْ يَبْعَثُ الدَّمْعُ وَضَاعَ مَغْنَمُ؟

تَرَاءَى لِيَ الدَّرْبُ البَعِيدُ مُشَوَّهًا

تَنُوءُ بِهِ الأَوْجَاعُ وَالهَمُّ مُظْلِمُ

وَكَمْ كَسَّرَتْ رِيحُ المَوَاجِعِ أَشْرِعِي

وَأَغْرَقَ فِي يَأْسِي الفُؤَادُ المُتَيَّمُ

أَنَا السَّارِحُ الوَحْدِي بِأَطْلَالِ مُهْجَتِي

أُفَتِّشُ عَنْ وَهْمٍ يُحَنِّي وَيَرْحَمُ

وَكُلَّمَا نَادَيْتُ فِي اللَّيْلِ وَحْدَتِي

تَرَدَّدَ صَوْتِي وَالمَوَاجِعُ تُبْهَمُ

كَأَنِّيَ صَوْتٌ ضَاعَ فِي صَمْتِ دَهْرِهِ

يُنَادِي وَلَكِنْ لَا يُجِيبُ المُتَكَلِّمُ

أُكَابِدُ هَذِي الرُّوحَ وَهِيَ مُثَقَّلَةٌ

وَفِي كُلِّ نَفْسٍ أَلْفُ جُرْحٍ يُؤَلِّمُ

يَشُدُّ المَدَى قَيْدِي فَأَحْبُو مُكَابِدًا

وَأُوشِكُ أَنْ أَفْنَى وَلَا يَتَبَسَّمُ

وَأُسْنِدُ هَذِي الرُّوحَ فَوْقَ جِرَاحِهَا

فَتَسْقُطُ مِنِّي وَالمَآسِي تُهَدِّمُ

أُرَاوِدُ طَيْفَ العُمْرِ وَهُوَ مُنَاثِرٌ

كَأَنَّ المَدَى فِي مُقْلَتَيَّ نَائِمُ

إِذَا مَا تَفَتَّحَ فِي الجِرَاحِ أَمَانِيٌّ

تَهَاوَتْ كَأَوْرَاقِ الخَرِيفِ وَتُعْدَمُ

أَمُدُّ لِدَرْبِ النُّورِ كَفِّي فَلَا أَرَى

سِوَى ظِلِّ أَحْزَانٍ عَلَيَّ تُجَثِّمُ

كَأَنِّيَ وَحْدِي فِي المَسَاءِ مُسَافِرٌ

يُنَادِي فَلَا صَوْتٌ يُجِيبُ وَيَرْحَمُ

سَئِمْتُ انْتِظَارَ الصُّبْحِ يَحْلُمُ بِالرُّؤَى

وَكُلُّ أَمَانِيَّ الذُّبُولُ المُتَرْجِمُ

يُطَارِدُنِي ظِلِّي وَكَأَنِّيَ تَائِهٌ هَائِمٌ

يَفِرُّ إِلَيَّ الوَجْدُ وَالوَجْدُ مُؤْلِمُ

وَكَمْ سَاءَلَتْنِي اللَّيْلَ أَعْيُنُ وَحْشَةٍ

فَمَا كَانَ إِلَّا الصَّمْتُ دَمْعًا يُتَرْجِمُ

أَمُرُّ عَلَى الذِّكْرَى فَتَجْرَحُ خَاطِرِي

كَأَنَّ الهَوَى مَاضٍ وَقَلْبِي مُتَهَيَّمُ

وَكُلُّ دُجَى عُمْرِي يُنَادِي سَنَاءَهُ

وَلَكِنَّهُ فِي المَوْجِ يَغْرَقُ مُظْلِمُ

أَلُمَلِمُ مِنْ نَفْسِي شَظَايَا تَعَثُّرِي

فَهَلْ يَجْمَعُ الْأَشْلَاءَ دَمْعٌ مُهَدَّمُ؟

وَأَسْكُبُ صَمْتِي فِي مَجَارِي تَوَجُّعِي

فَيَهْطُلُ حُزْنِي كَالغَمَامِ وَيُعْتِمُ

تَسَاقَطَ مِنِّي العُمْرُ شَوْقًا وَحَسْرَةً

وَضَاعَتْ أَمَانِيَّ الَّتِي كَانَتْ تَحْلُمُ

وَأَمْضِي إِلَى الدُّنْيَا وَفِي الكَفِّ جَمْرَةٌ

تُذِيبُ جَوَانِحِي وَالنَّوَى فِيهَا يُضْرِمُ

أُحَاوِلُ أَنْ أَرْسُوَ عَلَى ضِفَّةِ الهَنَا

فَيَرْمِينِي المَوْجُ العَتِيُّ وَيَحْطِمُ

وَكُلَّمَا حَاوَلْتُ بِالقَلْبِ نَسْجَ فَرَاحَةٍ

تَهَاوَى خُيُوطُ العُمْرِ وَالحُلْمُ يُعْدَمُ

فَهَلْ مِنْ سَنًا يُجْلِي عَتَامَةَ خَاطِرِي؟

أَمِ العُمْرُ فِي دَرْبِ الضِّيَاعِ يُخَتَّمُ؟

سَأَغْرِسُ فِي دَرْبِ المَوَاجِعِ وَرْدَةً

لَعَلَّ نَسِيمَ الرُّوحِ يَسْمُو فَيُنْعِمُ

وَأُنْشِدُ لِلْبَدْرِ الَّذِي غَابَ أُغْنِيًا

فَيُورِقُ فِي لَيْلِي وَيَسْمُو وَيَبْسِمُ

وَإِنْ رَاحَ عُمْرِي فِي الدُّجَى مُتَعَثِّرًا

فَفِي الصَّبْرِ نُورٌ، وَالمَحَبَّةُ مَحْرَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

148

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة