"أنا المُعلّقُ بيني"
أمضي جُرحاً قديماً… تعصرني الأزمنة،
آهاتي تهلهل، وتسودُّ ناصيةَ مسراتي.
محجوبٌ بين ذراعي مُرٍ… يمرُّ بين روعاتي،
تجزُّ الأحزانُ عنقي كأُضحيةِ الأعيادِ
بين ليلٍ قديمٍ يترقّبني… وشوقٍ عميقٍ يقتلني،
أُصلّي آخرَ صلواتي، كي أعبُرَ ذاتي لذاتي.
أوَهمٌ أعيشُ؟ أم صدى صوتي أثقل أنفاسي؟
أُبعثِرُ ما حولي مِن شموسٍ ونجومٍ غائبات
ألتقي بها في نفسي… وأنا الغريبُ عن ذاتي،
تمزقت أحشائي، واندثر فيضُ الوقارِ عني
تكوّرَ الكونُ المنتفِضُ يحومُ في خواطري،
وأنا بضعُ أوقياتٍ شاردةٌ عن مَن هم مِنِّي
بعيداً… حيث العُتمةُ، والوجودُ يتبعني،
أُصغي لصوتٍ عميقٍ يختزلُ مناجاتي
أَقِفُ وحيداً… لكني أسمعهم،
همسُهم أعاد بصيرتي… رغم فنائاتي
أُحاورُ ظلِّي في مرايا الوقتِ مُنكسِرًا
فلا الزمانُ يجيبُ، لا المعنى ولا ذاتي
أُفكّكُ الأحرُفَ من روحي، وأنسجهُ
وشاحَ وهمٍ، يُغطّي صدقَ دمعاتي
تركتُ قلبي على الأشواكِ منزلقًا
كأنني كنتُ من صلصالِ آهاتِ
كأنّني فكرةٌ هربتْ من السربِ
ضاعتْ، تجرُّ وراءَ الغيبِ خطواتي
أُراوغُ الصمتَ في فكري، وأسألُهُ:
أفيك موتي؟ أم الآتي من وحي النُبواءاتِ ؟
أنا المُعلّقُ بين الحرفِ والحَدَثِ
لا الأرضُ أرضي، ولا الأقمارُ مرساتي
أُطالعُ النجمَ في عينيّ، منهزمًا
كأنّه الحارسُ المصلوبُ في ذاتي
أُناجـي الريحَ: هل منّي بقايا صدى
أم أنّها تَـعبـتْ من كَـثرةِ الآهاتِ؟
أنا السُؤالُ الذي جفّتْ حناجرُهُ
أكُتبْتُ بالحُزنِ في ألواحِ السماواتِ؟
أنامُ كي أستريحَ الآن من جسدي
لكنّ نومي صحوُ الذكرى بسُباتي
تركتني خلفَ ظلّي، وكأني أعرِفُ الطريق
وأنا لستُ سوى غيمـةٍ تاهتْ بمجرّاتِ
فهل أعودُ؟ وهل للماءِ ذاكرةٌ
كي يحتويني إذا عدتُ لقطراتي؟
إذا عُدتُ لإسوءِ وأجملِ لحظاتي!
الأصل في الحقوق هي أنها محفوظة
رجاءا عدم النشر والمشاركة إلا بإذن الكاتب
ماهر كمال خليل
15
قصيدة