عدد الابيات : 16
لَقَدْ صَفَعْتُ جَبِينَ الدَّهْرِ بِالْعَجَبِ
إِذْ طَاحَ صَرْحُ الْمُنَى فِي قَبْضَةِ النَّوَبِ
وَجَفَّتِ الدَّارُ مِنْ صَوْتِ الَّذِي نَطَقَتْ
بِاسْمِ الْحَبِيبِ، وَفَاضَ الْحُزْنُ بِالطُّنُبِ
يَا نَجْمَةَ الْعُمْرِ، أَيْنَ النُّورُ مِنْ أَمَلِي؟
قَدْ غَابَ كُلُّ بَرِيقٍ مِنْكِ فِي الْغِيَبِ
كَمْ كُنْتِ تَرْقِينَ أَحْلَامِي بِأُغْنِيَةٍ
وَالْآنَ غَادَرَنِي صَوْتٌ مِنَ الطَّرَبِ
أَبْكَيْتِ لَيْلِي، وَعَيْنِي لَا تُفَارِقُهُ
سِرْبُ الدُّمُوعِ، وَقَلْبِي وَهْوَ فِي حَرَبِ
كَمْ كَانَ يَسْهَرُ فِي شَوْقٍ لِطَلْعَتِكِ
وَالْيَوْمَ يَسْهَرُ فِي جُرْحٍ مِنَ النَّكَبِ
يَا مَنْ تَوَارَى، فَمَا أَبْقَى لَنَا أَثَرًا
إِلَّا الصَّدَى وَوُجُوهَ الْحُزْنِ وَالنَّصَبِ
هَلْ تَسْمَعِينَ نِدَائِي مِنْ مُهَاجَرِكِ؟
أَمْ زَارَ صَمْتُ الثَّرَى صَوْتِي بِمُغْتَرَبِ؟
مَا زِلْتُ أَذْكُرُ أَيَّامَ الْمَوَدَّةِ فِي
كَنَفِ الرَّبِيعِ وَمَزْهُوًّا بِذَا الْحَبَبِ
حَتَّى دَنَا الْمَوْتُ فَارْتَجَّتْ جَوَارِحُنَا
وَأَوْجَعَ الْعُمْرَ فَقْدٌ مُرُّهُ لَجِبِ
يَا دَمْعَةً فِي شُقُوقِ اللَّيْلِ زَائِغَةً
هَلْ مِنْ رُجُوعٍ لِمَنْ فَارَقْتُهُ قُرَبِي؟
لَا بَلْ سَأَرْتَحِلُ الْآنَ إِلَيْكِ، وَبِي
شَوْقٌ يُنَازِعُنِي فِي كُلِّ مُنْقَلَبِ
إِنْ كَانَ فِي الْمَوْتِ بُعْدٌ، لَسْتُ أَعْرِفُهُ
مَا دُمْتِ تَسْكُنُ عَيْنِي فِي دُجَى التَّعَبِ
هَيْهَاتَ، لَا الْعُمْرُ يَبْقَى لِي وَلَا أَمَلِي
وَلَا لِشَمْلِ الْهَوَى مِنْ بَعْدِكِ اقْتِرَبِ
مَرَّ الزَّمَانُ، وَنَفْسِي فِي غِيَابَتِهِ
مَا زَالَ يَحْمِلُهَا وَجْدٌ مِنَ الْعَجَبِ
إِنْ كَانَ فِي الصَّبْرِ جَبْرٌ لِلْفُؤَادِ
فَلَا أَرْجُو سِوَى الْمَوْتِ شِفْيًا مِنَ الْكُرَبِ
380
قصيدة