لماذا تزعجكم لهجتي؟ ولوني، وشعري، وتراب الحقولِ على معصمي والجبالُ التي حملتني كأمٍّ وخبزُ التنورِ حينا، وأغنيةٌ في (سنينِ) تُغنّى بأصواتِ أمي وأختي وأجدادنا في الزمنْ؟
لما ياترى تكرهونَ اليمنْ؟
لماذا تلاحقُني سخرَياتُكُم حين أمشي على رئتيّ إلى سوقِ (يَفْرُسْ) أو أبيعُ الفُخارَ لأحيا؟ وتضحكونَ إذا ما كتبتُ القصائدَ من لهفةٍ أو وجعْ أو محنْ؟
لما ياترى تكرهونَ اليمنْ؟
أنا لستُ إلا فقيراً ولكنني كلّما نمُتُّ، قُمتُ، وكلّ الحروبِ التي شنّها الطامعونَ عليَّ انهزمتْ وكلُّ الذين رموني بليلِ الشتاتِ تبدّدَ زيفُهم في العلنْ
لما ياترى تكرهونَ اليمنْ؟
أيحزنُكم أن أُحبَّ الترابَ؟ وأجمعَ أطفالي عند الغروبِ لأروي لهم عن بلادي، عن قحطان وبلقيس عن ذو يَزَنِ عن البُنِّ، والعطرِ، والقاتِ، والسدِّ والعائشينَ في أعالي القمم أنجبوا المجدَ دونَ ثمنْ؟
لما ياترى تكرهونَ اليمنْ؟
لقد علّمتكم بلادي السلامَ وقد علّمَتْكم معنى الفداءْ ونزفتم دماً كي تصونوا الحمى فكنتم على العهدِ ثم انتكسْتم فهل هكذا يُكونُ الوفاءْ؟ وهل يُطعَنُ القلبُ بعدَ العطاءِ ويُحرقُ بيتُ الدعاءْ؟
لما ياترى تكرهونَ اليمنْ؟
أليس لنا ما لكم من حقوقْ؟ أليس لنا من حنينِ البلادِ ومن حصةٍ في الرغيفِ، وفي دفءِ بيتٍ وفي بسمةٍ من رفاقِ الطفولةِ تدفعُنا للحياةِ رُغم العناءْ؟
أجيبوا.. لما تكرهونَ اليمنْ؟
لقد أنجبتكم بلادي رجالا وقامت على أكتافكمُ مدنٌ وممالكُ ثم مضَوا كالنجومِ على خطِّها فلما تُحبونَ نشر الفتنْ؟ وتشعلون الخرابَ في كلّ دارِ كأنَّ الرحيلَ منه وطنْ؟
لما ياترى تكرهونَ اليمنْ؟
لنمُتْ مثلما ماتَ أبطالُنا واقفينْ ونبعثُ كالعودِ بعد احتراقِ الجراحِ بعطرٍ يفوح على نخلِنا وماء يسيلُ بودياننا من دِمانا.. وسعدٌ يحلُ بديل المحنْ؟
لما ياترى تكرهونَ اليمنْ؟
سنقفُ، رغم الخرابِ الذي حولنا مثل (صَبر) ومثل (شِبام) ومثلِ الصخورِ التي لا تُهانُ ومثلِ النقوشِ على الحجرِ اليمنيِّ القديمِ الذي لم يَهُنْ