عدد الابيات : 39

طباعة

قِفوا فحيّوا لِسَلمى مَنزلَ الآلِ

ثمّ اجلسوا إن كللتم بعد تسآلِ

جلستُ والصحبُ حولي كلّهم وقفوا

وعَمرُ أشوقهم إذ عامرٌ سالي

فقلتُ يا عمرو ما في الشوق منفعَةٌ

والدهرُ يا عمرو لا يبقى على حالِ

فانسَ زمانًا مضى، ما في تذكّرهِ

إلّا التشوّق والكفكاف بالشّالِ

وقلتُ للصحبِ: قوموا لا أَباً لكمُ

ما في البكاءِ على الأطلالِ من فالِ

أنا ابنُ عنترَ، ما دمعي لغانيةٍ

نجلِ العيونِ، ولا دمعي لأطلالِ

لكنّما دمعتي إن كنتُ ذارفها

ودمعُ مثلي على بلوائه غالِ

على المخاليقِ إذ ضلّت مسالكُهم

ظنًّا بأنّهمُ في المسلكِ الدّالِ

من أشعريٍّ، وجهميٍّ، ومعتزلٍ،

ومن روافضَ ضلّوا أيَّ تضلالِ

وشيعةٍ، وإباضيّين ما فلحوا

قالوا اقاويل لم تُسبقْ بقوالِ

لكنّنا قد نجونا من مهالكِهم

بالهدي، هدي النبيِّ الطاهرِ العالي

هدي ابنِ تيميّةَ المهديّ مرشدُنا

إن مالَ من مال، من ذامٍ ومن غالي

عقيدةُ السلفِ الناجي قد اعتقدت

ألا نعارضَ تنزيلًا بأقوالِ

ألا نؤوّلَ آياتِ الكتابِ بما

نهوى، فنجمَعَ أهواءً بإنزالِ

ألا نقولَ إذا ما آيةٌ تُليت

سوى: سمعنا، أطعنا، ما تلى تالي

فقلْ لمن يبتغي في ديننا عوجًا:

غُلّت يداكَ لما تسعى بأغلالِ

ومُهمِهٌ كجدارِ الحبسِ منقفرٌ

موعرٌ بينَ أشجارٍ وأجبالِ

معسرُ القطعِ، لا ماءٌ ولا ثمرٌ

مدكدكٌ، نازحٌ، مستوحشٌ، خالِ

ما فيه من أحدٍ أدعو فيسمعُني

إلا الوحوش، وإلاّ الجنَّ أحوالي

تسمعْ تزقاء بومٍ في سباسبِه

وللغَمامِ ارتعادٌ غيرُ هطّالِ

قطعْتُهُ، وصحابي في الغداةِ على

أقدامِ سيرًا، ولم نرتبْ بأوجالِ

حتى وصلنا إلى سلمى نواصلُها

إني لوصال أحبالٍ بأحبالِ

بلغت سلمى، عليّ اليومَ غاضبةٌ

روحي ونفسي لذاك الغاضبِ الغالي

تقول: قد غبتَ عنّي لا تزاورُني

بعدًا لوجهِك، يا كذّابُ يا قالي

يا سلمُ! مهلًا، دعيني أَحكِ ما سببي،

فدتكِ أمي وخالاتي وأخوالي

يا راحةَ الروحِ، يا دمعَ المحاجرِ، يا

خفّاقةَ القلبِ، يا وسواسةَ البالِ

إني شُغلتُ، وما أشغلتُ في لعبٍ

وإنّما شُغلي في نيلِ المنوالِ

لنيلِ حكمٍ، وسلطانٍ، ومنزلةٍ،

ونيلِ عزٍّ، وإكرامٍ، وإجلالِ

نيلِ العُلى في الملا والمجدِ أجمعِه

وقد ينالُ العلا والمجدَ أمثالي

إذ غفوتي مثلُ رشفِ الطيرِ هاجرةً

وعيشتي بين ترحالٍ لترحالِ

فهذه حجّتي إن كنتِ عاذرتي

أو كنتِ عاذلتي، يا عذلَ عذّالي

لذا، فاعذريني على طولِ الغيابِ، وإن

لم تعذريني، فأنتِ الحاكمُ الوالي

وخمرةٌ كشؤونِ الديكِ مسكرةٌ،

شربتُها، وندامى الكأسِ أحوالي

صهباءُ، شقراءُ، تُلهي بالَ شاربِها

عن الهمومِ، فيمسي خالي البالِ

لا زلتُ أشربُها والناسُ تعذلُني

معاندًا كلَّ نصّاحٍ وعذّالِ

حتى صحوتُ، فأدركتُ الذي فعلَت

نفسي، وتبتُ إلى الرحمنِ في الحالِ:

دعوتُ ربّي، وثوبُ الليلِ منسدلٌ

أبكي، وأشكو له همّي وإعلالِي

أخلصتُ في توبتي، أن لا أعودَ لها

أخلصتُ للهِ في قولي وأفعالي

يا ربّ، فاغفر ذنوبي، أنتَ غافرُها

أنتَ الكريمُ، الرحيمُ، الغافرُ العالي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عنتر الفحل اليافعي

عنتر الفحل اليافعي

14

قصيدة

أنا شاعرٌ شاب، لا أكتب الشعر ترفًا، بل لأن في داخلي شيئًا لا يهدأ إلا حين ينسكب حبرًا على الورق. بدأت رحلتي مع الكلمة حين شعرت أن الحروف قادرة على أن تحمِل ما تعجز عن قوله الوجوه، وأن القصيدة

المزيد عن عنتر الفحل اليافعي

أضف شرح او معلومة