عدد الابيات : 102
" ملحمة "شعلتي من رمادٍ قديم
من يمضي… أنا أم أحلام قلبي؟
أم الكلُّ واقفٌ والدهرُ يسري؟
يخيفني صمتُ ربي
المطلعُ على أسراري
أأنَا عبدٌ أم وهمٌ؟
صدى فكرٍ ضليلي؟
أدعوه… لا يجيب
تسيرُ النارُ في فؤادي
أم أنا الغافلُ؟
أتمزّقُ في ظلمِ الليالي
هل الترجي سكوني؟
أم مجهولٌ داخل ذاتي؟
يئستُ…
فإذا بانبثاق نور العلى يُومِضي
رغم انكسار الصوت في مسمعي
واختناق النور بين ظلمِ ضلوعي
بُعثَتْ أنفاسُ ربي في داخلي
فانجلى السّقْطُ عن أفقٍ تأمّلي
كالصوت النبيل المُغرّد في قلبي
ترنّ في سمعي همساتُ التأني
ليصيرَ الخشوعُ والابتهالُ سبيلي
هدأتُ… فلا سؤالٌ أصبحَ يحيرني
مزجتُ حلم يقيني الثابت ببصيرتي
نادى القلبُ التائهُ والهدى رضِي
في هواجسي، الافتراضات تجول
تطوقني الجُدرانُ الخافياتُ في أعماقي
أرى أشباحًا حولي…
تطاردني، تلتهمُ وعيي
هواجسي تعبثُ
تتغلغل كتيارٍ في أعماقي
أرتشفُ آمال أقداري
أبحثُ عن نور فؤادي
أرفع كفّي وأناجي الرجاء المتلاشي
أغرس في الأوان بذور السلام بيقيني
فُجَاءة، يلمعُ برقٌ في دجى روحي
أرسم به حلم دربي المحتار
سَكيني… إن خانني الوقتُ والمكان
لا أرتوي، ففي صمتي العميق
ألف نشيدٍ دفين
أُصغي لصوتٍ في أعماق ذاتي
يُرتّل صبرًا ومهلًا على شرفاتي
إن هشّت خطايا…
أقف وأمضي على جَمر دربي الحارق
فذا اختياري
إنْ نضبَ الجمرُ من تحت قدمي
أصنعُ من رماده من جديد
مسار دَربي…
يُذيب ظلام الكون
ويُحيي قدومي
"بُعثتُ من رمادي… غيّرتُ النُّطْق"
أُحلّقُ فوقَ جناحِ الرِّفق، أسبحُ في الأُفُق
أشقُّ الشُّروق
أَخُطُّ على شجرةِ الخَلْق
ذات النموّ
على ساقٍ أكلُ ثِمارَها المخلوق
أشربُ من العُروق، يحملني الرِّيقُ
لعمقِ الحَذُوق
أُكملُ السيرَ على الطرق
أناجي القدر بالشوق
أبحثُ عن الحقِّ بينَ النُّسُوق
أصبحَ القلبُ محروق
قيّدوا الإنسانَ بالطُّوق
في زمانٍ النفوق
نسوا عظمةَ الخالق…
ساروا في دربٍ مغلوق
النفاقُ يُقايضُ الصدوق
يُغرّبُ حقَّ المخلوق
يسقطُ الفجرُ
يُصبحُ النورُ سؤالًا… منطوق
تخرجُ الكلمة من رحمِ المهجة
تتمخّض، تولّدُ نغمةً مرصّعة
تخترقُ الحلم
تحملُ عِبرة
ترتّبُ النبض
تنسجُ جملةً
تحكي شعورًا
تغزلُ فكرة
من عمق الذكرى
تولدُ القصيدة…
لا للجوائزِ
لا للجنة
بل للصدق، والنفس الحرّة
حين يبكي الحرف…
وتكتب اليد المسرّة
تُمحى الزخرفة
وتخرجُ القصيدة بالبهجة
تنيرُ الطريق، وتُلقي الفرجة
تسري كالنور، وتبقى الشرارة
تُصغي لها القلوب
في دفءِ اللحظة
لا تُرى… تُشعَر
لا بالصوت… بل بالهمسة
تعودُ للروح مثل الصلاة
بلا رُتبة
فيها صدقٌ
لا خداعٌ ولا خُطبة
ليست مدحًا، ولا هجاءً، ولا خدعة
بل أثرٌ
يبقى حين تنام القصة
ويبقى المعنى
كالبذرة في التربة الخُضراء
حين تُقالُ… لا تُقالُ بلهجة
تبكي صدقًا
تسيل دمعة المنهمرة
تفيضُ مشاعري كالنهرِ متدفقة
أشتاقُ، أحلمُ، أذوبُ في الحرية
أجدُ نفسي بين دفءِ القيود
وبرودة الحدود
التي تحاصر المُهْج
هي نفسُها… ترفعني كالأجنحة
فلا أملك سوى الكلمات
مرساةً
ألقي بها في البحار اللامتناهية
مشاعري كالريح العاتية
صامتةٌ سنين
فانفجرت هادرة
تكتب بالأحزان
على جبين الحقبة
سطرًا من النور…
ثم تغيب فجأة!
كطيرٍ يحطُّ على أغصان الذاكرة
أرشفُ من نبعِ الماضي جرعةً مُرّة
فيعود إليّ زمن العاقبة
يلمعُ… ثم يذوب
كالضباب على المرآة
أراني شهبًا في الليل
ساقطةً
أحترق بلا أثر
وأُضيء لحظة
لكنّ قلبي يرفض أن يكون مناسبة
كنتُ رمادًا غامضًا
صرتُ شعلةً مضيئة
كلاهما نورٌ
يذوبُ ليُنيرَ المعمورة
أجوب مسحورًا في أقطارها
أتنفّس أبهى عطرٍ من فطرتها
أُحاكي الدهرَ بمقام جمالها
الكونُ يُصغي لنغمات أنفاسها
يحملني الشوقُ لسحرِ فضائلها
حيثما كنتُ… أعزفُ ألحان روعتها
أَهيم بشغفٍ في رياض طبيعتها
القمرُ أبهى وأرقى في حضرتها
أصبحتُ أسيرًا في عشقها
لأكون اليقين
الذي يصنع فرحتها
حياةُ الدنيا زينةٌ في ابتهاجها
أنينٌ يُذيب في صمتٍ احتياجها
تغفو الأحلام الدجناء في كنفها
يستيقظُ الآمال حين يبتسمُ مساءها
سرورٌ بعيدٌ… وهمٌ جارٍ
عيشٌ يُقاسُ بدمعٍ يُصهر
لوحةٌ يرسمها الليل والنهار
بألوانٍ من الفرح والكآبة
تُثار في الليلة العتماءِ
يُفتقد البدر
إن طالتِ الأيام… وإن فسح العمر
يذرُو النورُ، ويبزغ السحر
يلتقطُ نجومَ الأمل في بحر الأنوار
ينظر إلى الأفقِ الممتد بلا أطوار
يسيرُ في الدجى كالنهر
في قلبه حاملٌ ضياءَ السهر
يتلألأ شعاعًا… كنجوم السمر
الدنيا تحدٍّ
والبقاء للأحرار
حين تفيضُ عيون كتابِ الشعر
تُنادي الريشةُ من قلب الإنهار
تُلقّن سرَّ القصيدةِ في انبهار
✍️تأليف: إدريس هواري
تاريخ النشر: يوليوز2025
جميع الحقوق محفوظة
1
قصيدة