عدد الابيات : 51
أَلَا يَا وُجُوهَ الزَّيْفِ أَيْنَ وَفَاؤُكُمُ
وَأَيْنَ النُّقَا إِذْ صَارَ وَجْهُكُمُ بَارِعُ
تَزَيَّنْتُمُ بِالْكَذِبِ حَتَّى كَأَنَّكُمُ
نُجُومُ الدُّجَى بِاللَّيْلِ يَلْمَعُهَا صَانِعُ
إِذَا مَا تَحَدَّثْتُمْ، فَمِلْءَ كَلَامِكُمُ
مَظَاهِرُ زَيْفٍ لَا تُصَدِّقُهَا الطَّامِعُ
وَلِلْمَكْرِ فِي أَفْعَالِكُمْ أَلْفُ حِيلَةٍ
كَأَنَّ الْقُلُوبَ مِنَ الْحَقَائِقِ قَانِعُ
تَخَفَّيْتُمُ تَحْتَ الْوُجُوهِ بِزِينَةٍ
وَفِي بَاطِنِ الْأَرْوَاحِ نَصْلٌ يُقَارِعُ
إِذَا قِيلَ أَنَّ النُّورَ فِي النَّاسِ ظَاهِرٌ
فَقَدْ كَانَ وَجْهُ الْغَدْرِ فِيكُمْ مُسَارِعُ
أَرَى الْوُجُوهَ كَمَا الْمَرَايَا تُبْهِرُ
لَكِنْ وَرَاءَ الْبُهْرِ سِرٌّ يُضَارِعُ
تَخْتَالُ فِي أَلْوَانِهَا وَتَخُونُنَا
وَكُلُّ وَجْهٍ بِالنِّفَاقِ يُنَافِعُ
تَرَى ابْتِسَامَاتِ الْغَدْرِ تَرْنُو مُحِيلَةً
لِقَلْبِ مَنْ فِي الْعَيْشِ كَانُوا تَوَالِعُ
إِذَا مَا دَنَا الْوَجْهُ الَّذِي يَسْحَرُكَ
فَاحْذَرْ فَخَلْفَ السِّحْرِ مَكْرٌ يُضَايِعُ
تَرَاهُمْ يَظْهَرُونَ كَأَنَّ الطَّيِّبَ سِمَتُهُمْ
وَبِالْقَلْبِ خُبْثٌ بَيْنَ الْهُمُومِ يَسَاطِعُ
إِذَا مَا اسْتَدَارَ الزَّمَانُ عَلَيْنَا بِبُرْهَةٍ
تَرَى الْوُجُوهَ بَيْنَ الشُّرُورِ تُبَاعِعُ
وَفِي كُلِّ وَجْهٍ رَسْمُ خِدَاعٍ وَاضِحٍ
كَأَنَّ الصِّدْقَ فِي زَمَنِهِمْ قَدْ تَرَاجَعُ
يَبْتَسِمُونَ لَكَ فِي لَحَظَاتِ احْتِيَاجِهِمْ
فَمَا إِنْ تَقِفْ، يُظْهِرُونَ الْقِنَاعَ فَتُخَادِعُ
فَلَا تَأْمَنِ الْوُجُوهَ الَّتِي تُسَاوِمُ وُدَّكَ
فَبَيْنَ النِّفَاقِ وَالْخِدَاعِ طِبَاعُهُمْ تَتَشَايَعُ
وَيَا لَيْتَ فِي الدُّنْيَا قُلُوبٌ صَادِقَةٌ
لَكَانَ كُلُّ وَجْهٍ بِالْحَقِيقَةِ نَاطِعُ
تَرَاهُمْ بِأَلْوَانِ الْعُهُودِ يَسِيرُونَ
وَكَأَنَّ الْوَفَاءَ فِي دَرْبِهِمْ يَضَايِعُ
إِذَا مَا صَدَّقْتَهُمْ فِي الْوِدَادِ سَاعَةً
تَعَلَّمْتَ أَنَّ الصِّدْقَ فِيهِمْ صَرَائِعُ
وَأَضْحَى الْخِدَاعُ بَيْنَهُمْ عَادَةً
فَفِي كُلِّ حِينٍ بِالنِّفَاقِ يُرَاكِعُ
وَمَنْ خَانَ عَهْدَ الْأُخُوَّةِ يَوْمًا
فَإِنَّ الْغَدْرَ عِنْدَهُ دَائِمًا يَتَبَارَعُ
وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا أَشَدُّ مِنْ غَادِرٍ
يَبِيعُ الْكَلَامَ وَهُوَ بِالْخِيَانَةِ صَامِعُ
وَيَا لَيْتَ لُطْفَ الْوُجُوهِ كَانَ دَائِمًا
وَلَكِنَّ كُلَّ وَجْهٍ فِي الظَّلَامِ يُوَاجِعُ
وَمَنْ عَاشَ بَيْنَ وُجُوهِ الْمُنَافِقِينَ
رَأَى كُلَّ وَجْهٍ بَيْنَ الْمَكْرِ يَرَابِعُ
تَرَاهُ يُبْدِي الْوُدَّ حِينَ يُلَامِسُكَ
لَكِنْ وَرَاءَ عَيْنَيْهِ سُمٌّ يُسَافِعُ
فَيَا قَلْبَ مَنْ عَاشَ نَقِيًّا فِي دُرُوبِهِ
احْذَرْ فَخَلْفَ الِابْتِسَامِ لِسَانٌ أَفَاعِعُ
وَمَا فِي الزَّمَانِ أَسْوَأُ مِنْ قَلْبِ غَادِرٍ
يُرَائِيكَ حَتَّى حِينَ الْمَكْرُ يُسَارِعُ
إِذَا كَانَتِ الْوُجُوهُ تَصْفُو ظَاهِرًا
فَإِنَّ الْقُلُوبَ فِي الْغَدْرِ دَوْمًا تُطَامِعُ
وَيَا لَيْتَ فِي الدُّنْيَا تُزْرَعُ مَوَدَّةٌ
فَلَا يَخْدَعُ الْإِنْسَانَ مَنْ كَانَ يُشَايِعُ
وَفِي كُلِّ وَجْهٍ قَدْ تَجِدُ سِمَاتَ خَيْرٍ
لَكِنَّ قَلْبَ الْغَدْرِ بِالْخَدِيعَةِ يَتَوَاعِعُ
فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ اصْحُوا لِلنِّفَاقِ دَائِمًا
فَبَيْنَكُمْ مَنْ فِي الْغَدْرِ دَوْمًا يُبَازِعُ
النِّفَاقُ وَالْغَدْرُ فِي الْأَقْنِعَةِ
وَكَمْ مِنْ صَدِيقٍ قَدْ لَبِسْتَ قِنَاعَهُ
وَفِي ظَنِّهِ أَنَّ الْخِدَاعَ مُقَاطِعُ
فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ احْذَرُوا وَجْهَ زَائِفٍ
إِذَا مَا بَدَا صَفْوُ الْحَيَاةِ مُطَايِعُ
تَخُونُونَ عَهْدَ الْمَوَدَّةِ خِلْسَةً
وَتَغْدُرُ أَرْوَاحٌ بِظَنٍّ وَشَائِعُ
وَيَا لَيْتَ نُورَ الْحَقِّ يَجْلُو سَرَائِرًا
لَنَرْعَى بِهَا خَيْرَ الصِّحَابِ نُبَارِعُ
فَإِنَّ الْحَيَاةَ قَدْ تَرَاءَتْ مَسَالِكُ
يَمُرُّ بِهَا زَيْفٌ كَمَا الزَّهْرُ نَاصِعُ
أَيَا لَيْتَ مَنْ غَدَرُوا بِأَخْلَاقِهِمْ لَهُمْ
مَرَايَا صِدْقٍ، فَالسَّرَابُ يُخَادِعُ
وَيَا لَيْتَ فِي قُلُوبِهِمْ نُورُ عَاقِلٍ
يُمَيِّزُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْخُدَعِ الْفَاجِعُ
وَمَهْمَا تَزَيَّنَتِ الْوُجُوهُ بِبَاطِلٍ
فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ لِلْقَرِيبِ تُجَامِعُ
وَأَمَّا الْمُنَافِقُ فِي السَّرَابِ يَسِيرُهُ
كَأَنَّ الْحَيَاةَ فِي عُيُونِهِ مَضَائِعُ
تَغَيَّرَتِ الْأَقْنِعَةُ فَوْقَ وُجُوهِهِمْ
وَفِي كُلِّ حِينٍ وَجْهُ زَيْفٍ يُرَاقِعُ
غَدَرْتُمْ بِقَلْبِي فِي طَرِيقِ مَوَدَّةٍ
وَظَنَنْتُ أَنَّ الْحُبَّ فِيكُمْ مُصَارِعُ
فَيَا مَنْ تَغْدُرُونَ بِقُلُوبٍ نَقِيَّةٍ
وَيَا لَيْتَ فِيكُمْ كُلُّ صِدْقٍ يُطَامِعُ
غَدَرْتُمْ بِأَخْلَاقٍ كَرِيمَةٍ، وَمَا
بَقِيَ بَيْنَكُمْ غَيْرُ الْوَهْمِ يُخَادِعُ
وَمَهْمَا بَدَا فِي وَجْهِكُمْ نُورُ مَكْرِكُمْ
فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ مِنْ قَرِيبٍ تُنَازِعُ
أَيَا لَيْتَ عَهْدَ النُّورِ يُشْرِقُ مِنْكُمُ
وَيَعْلُو بِهِ خَيْرٌ وَطَبْعٌ نُفَاضِعُ
وَفِي كُلِّ وَجْهٍ زَائِفٍ قَدْ لَبِسْتُمُ
مَظَاهِرَ خَدَّاعٍ، إِذَا ضَاقَ وَاسِعُ
وَمَهْمَا تَغَيَّرَتِ الْوُجُوهُ بِزِينَةٍ
فَإِنَّ السَّرَائِرَ لِلنَّقَاءِ تَنَازَعُ
فَيَا لَيْتَ بَيْنَ النَّاسِ وَجْهًا صَرِيحَهُمْ
يُبَاهِي بِهِ صِدْقُ الْحَيَاةِ وَيُنَاجِعُ
وَيَا لَيْتَ مَنْ غَدَرُوا بِدَرْبِ وِدَادِهِمْ
يَرَوْنَ الْحَقَائِقَ لَا السَّرَابَ يُزَامِعُ
فَإِنَّ الْغَدْرَ مَكْرٌ لَهُ أَلْفُ خُدْعَةٍ
وَمَهْمَا كَثُرَتْ، فَالْحَقُّ دَوْمًا يُنَاصِعُ
401
قصيدة