عدد الابيات : 22
سَقَتْنِي اللَّيَالِي مِنْ كُؤُوسِ العَذَابِ
وَأَغْرَقَتِ الرُّوحَ بِالجَرْحِ الصَّعَابِ
وَمَا زِلْتُ أَشْكُو مِنْ فِرَاقِكِ أَدْمُعًا
كَأَنِّيَ طُوفَانُ كَرْبٍ بِحُزْنٍ يُذَابِ
نَسِيتِ عُهُودَ الوُدِّ وَالوَصْلِ بَيْنَنَا
فَمَا كُنتِ إِلَّا غَادِرَ العَهْدِ كَاذِبِ
وَكَمْ كُنتُ أَرْجُو أَنْ يَطُولَ بِنَا اللِّقَا
وَلَكِنَّهُ الدَّهْرُ الخَؤُونُ الخَرَابِ
سَأُنْكِرُ فِي عَيْنِي ضِيَاءَكِ بَعْدَمَا
بَكَيْتُ عَلَيْكِ الدَّهْرَ دَمْعًا سَرَابِ
وَكَمْ نَاجَتْكِ الرُّوحُ وَالعَيْنُ تَبْتَغِي
سَبِيلًا إِلَيْكِ يَا مَنَى قَلْبِيَ الغَرَابِ
فَلَمْ تُسْمِعِي صَوْتِي وَتَرْحَمِي الدُّجَى
وَلَمْ تُدْرِكِي أَنَّ الفُؤَادَ مُصَابِ
أَرَاكِ فِي الأَحْلَامِ طَيْفًا يُبَدِّدُ
الظَّلامَ وَيَجْلُو هَاجِسِي المُضْطَرِبِ
وَإِنْ كُنتِ فِي البُعْدِ المُرِيعِ مُقِيمَةً
فَرُوحُكِ عِنْدِي فِي الفُؤَادِ تَؤُوبِ
وَكَمْ طَالَ صَبْرِي وَالمَآسِي مُلِحَّةٌ
وَلَكِنَّهُ الأَمَلُ الجَرِيحُ المُذِيبِ
وَيَا لَيْتَنِي فِي رَاحَتَيْكِ غُصْنُهُ
فَتُسْقِينَنِي شَوْقًا بِوَعْدٍ قَرِيبِ
وَلَكِنَّهُ الدَّهْرُ الجُحُودُ بِحُبِّنَا
يُبَدِّدُنِي فِي كُلِّ دَرْبٍ كَئِيبِ
فَإِنْ مُتُّ يَا مَنْ كُنْتِ نُورِي وَوَاحَتِي
فَخُذِي الرُّوحَ إِنَّ الرُّوحَ لَا تَسْتَطِيبِ
وَإِنْ زُرْتِ قَبْرِي يَوْمَ صَيْفٍ كَسَابِقٍ
فَنَادِي عَلَيْهِ: أَيُّهَا المُعَذَّبُ المُغْتَرِبِ
وَإِنْ سَاءَلُوا عَنْكِ المَسَاءَ وَبَاحَ بِالـ
ـهُمُومِ نَسِيمُ السَّحْرِ نَاجَى الغُيُوبِ
فَقُولِي لَهُمْ: قَدْ كَانَ فِي الحُبِّ مُؤْمِنًا
وَلَمْ يَرْتَضِ العَيْشَ العَزِيزَ الغَرِيبِ
فَإِنْ لَحَدُوهُ فِي الثَّرَى فَضُمِّيهِ يَا
ذُرَى الشَّوْقِ إِنَّ الشَّوْقَ نَارٌ تُذِيبِ
وَإِنْ نَادَتِ الرِّيحُ الحَزِينَةُ لَيْلَةً
فَسَوْفَ تَرِينِي بِالمَدَى المُضْطَرِبِ
وَإِنْ كُنْتُ فِي الدُّنْيَا شَقِيًّا بِبُعْدِكِ
فَفِي الأُفْقِ أَلْقَاكِ الجَنَانُ يُرِيبِ
فَسُبْحَانَ مَنْ أَجْرَى المَصَائِبَ حُكْمُهُ
وَمَا كُلُّ مَكْرُوبٍ عَلَى الحُبِّ يُثَابِ
لَوْ يَدْرِي مَا بالقُلُوبِ والأَسَى
لَأَرْقَ وَأَبْكَى قَبْلَنَا بِالرُهَابِ
يَا حُبَّ قَدْ أَبْقَيْتَنِي فِي سَرَابِ
بَيْنَ الأَمَانِي وَالْهَوَى وَالْعَذَابِ
391
قصيدة