عدد الابيات : 100
طباعةآذَنَتْنِي بِنَأْيِهَا ذَاتُ حُسْنٍ
كَسَنَا الْبَدْرِ إِنْ تَجَلَّى وَضَاءُ
ثُمَّ وَلَّتْ كَأَنَّهَا فَجْرُ نُورٍ
فِي سُرَادِيبِ لَيْلِهَا الْإِطْفَاءُ
خَلَّفَتْنِي كَأَنَّنِي بَيْتُ وَجْدٍ
فَغَدَا الْقَلْبُ مِنْهُ فِيهِ الْخَلَاءُ
أَيْنَ أَيَّامُهَا؟ وَأَيْنَ صِبَاهَا؟
سِحْرُ عَيْنٍ وَخَصْرُهَا النَّعْمَاءُ
أَيْنَ عَهْدُ الْغَرَامِ فِي ضَوْءِ نَجْمٍ
وَرُبُوعٌ كَأَنَّهَا الْغَنَّاءُ؟
أَيْنَ نَفْحُ الرُّبَى؟ وَأَيْنَ الْوُعُودُ؟
قَدْ تَبَدَّتْ لَنَا وَخَابَ الرَّجَاءُ
لَيْتَ شِعْرِي، أَأَنْتِ تَدْرِينَ حُزْنِي؟
أَمْ تَرَاكِ لِدَمْعَتِي سُمَحَاءُ؟
غَابَتِ الْأُنْسُ وَاللَّيَالِي غُرُوبٌ
وَالْمُنَى فِي جَوَانِحِي جَوْفَاءُ
فَتَنَوَّرْتُ نُورَهَا مِنْ بَعِيدٍ
لَكِنِ النُّورُ كِذْبَةٌ خَضْرَاءُ
وَأَضَأْتِ الْفُؤَادَ شَوْقًا وَلَكِنْ
كَيْفَ تُشْفِي لِلْوَجْدِ الْأَضْوَاءُ؟
كُنْتُ أَهْوَى الثَّرَى لِأَجْلِكِ عِطْرًا
فَأَضْحَى التُّرَابُ فِيهِ الدُّهَاءُ
إِنْ تَبَسَّمْتِ زَلْزَلَ الْبَأْسُ قَلْبِي
وَاسْتَبَاحَ الْفُؤَادَ فِيهِ الْحَيَاءُ
وَإِذَا جِئْتِ خَافِتَ الْخُطُوَاتِ
رَجَفَتْ فِي صُدُورِنَا الْأَهْوَاءُ
آهِ يَا قَلْبُ، هَلْ سَتَرْجِعُ يَوْمًا
ذِكْرَةٌ لِلْهَوَى بِهَا إِحْيَاءُ؟
كُنْتِ دَارِي وَرَوْضَتِي وَصَفَائِي
وَأَنَا فِي رُبُوعِكِ الرُّوَّاءُ
كُنْتُ سَيْفًا بِكَفِّكِ الْمُسْتَبِينَا
وَأَنَا فِي جِوَارِكِ الدِّرْعَاءُ
مَا الَّذِي بَدَّلَ الْوِدَادَ نُفُورًا
وَسِلَاحُ الْمُحِبِّ فِيهِ دَوَاءُ؟
هَلْ أَدَارَ الزَّمَانُ ظَهْرَ تَصَابِي
فَأَتَى مَا أَتَى وَهَذَا الْجَزَاءُ؟
كُنْتِ نَجْمًا وَضَعْتُهُ فِي فُؤَادِي
فَبَدَا النَّجْمُ حِينَ بَانَ افْتِرَاءُ
كُنْتِ تَخْتَالُ كَالْأَيَائِلِ مَشْيًا
فَغَدَتْ خُطْوَتُكِ الْإِذْلَاءُ
قَدْ عَلِمْنَا لَدَى اللِّقَاءِ صُدُودًا
وَجَفَاءً يَحْكِي الْوَصْلَ وَهْوَ جَفَاءُ
فَتَغَافَلْتُ عَنْ مَلَامِحِهَا لَمْ
يَكُ يُغْنِي تَغَافُلٌ وَالدَّهَاءُ
كَيْفَ أَنْسَى وِصَالَهَا وَأَنَا
قَدْ بَنَيْتُ الْقُصُورَ وَهْيَ الْهَبَاءُ؟
كَانَ فِي صَوْتِهَا دُعَاءُ فُؤَادٍ
ثُمَّ غَابَتْ، فَضَجَّ فِيهِ الدُّعَاءُ
أَيُّهَا الْبَائِسُ الْمُهَاجِرُ فِي الْوَجْ
دِ كَفَاكَ النَّوَى، وَهَلْ يُرْضِي الْعَنَاءُ؟
كَمْ أُرَجِّي اللِّقَاءَ بَيْنَ خُمُولٍ
وَطُيُوفٍ تُرِيكَ فِيهَا السَّمَاءُ
فَإِذَا بِالْعِشْقِ الْقَدِيمِ نُفَاثٌ
كَالْبَرَاقِ يُخَالُهُ الشُّهَبَاءُ
فَصَحَوْتُ، وَكَيْفَ تَصْحُو وَقَدْ كَانَ
بَيْنَ الْجُفُونِ لَيْلٌ وَبَلَاءُ؟
كَمْ بَكَتْنِي الرِّيَاحُ يَوْمَ تَجَلَّتْ
صُورَةٌ فِي الْغُيُوبِ وَهْيَ جَلَاءُ
يَا لِقَلْبٍ يَهِيمُ فِي كُلِّ بَيْتٍ
كَاتَبَتْهُ الْأَحْزَانُ وَالشُّكْرَاءُ
قَدْ غَدَوْنَا وَفِي اللُّجُونِ طُيُوفٌ
تَرْسُمُ اللَّوْنَ وَالدُّمُوعُ دِمَاءُ
كُلُّ شَيْءٍ يُشِيرُ إِنِّي غَرِيبٌ
رَغْمَ أَنِّي أُقِيمُ وَفِيَّ رَجَاءُ
أَتَرَانِي فِي الْغَادِيَاتِ فَتًى قَدْ
خَانَهُ الدَّهْرُ وَالْأَسَى وَالضَّنَاءُ؟
قَدْ بَنَيْنَا عَلَى الْفُؤَادِ عُيُونًا
فَأَبَتْ أَنْ تَرَى وَهَلْ تَسْتَحْيِي الْعَمَاءُ؟
نَحْنُ أَبْنَاءُ شِعْرِ قَيْسٍ وَفِينَا
مِنْ هَوَانِ الْوُجُودِ أَلْفُ عَزَاءُ
نَنْحَتُ الصَّبْرَ فِي الْجِبَالِ فَيُغْنِي
نَفْسَنَا، وَالضِّرَاغِمُ الْغَضْبَاءُ
إِنْ غَزَوْنَا فَفِي الْوَغَى نَحْنُ بَأْسٌ
لَا يُطِيقُ الْكِفَاحَ فِيهِ الْعَدَاءُ
وَإِذَا مَا رَكِبْنَا ضَافِيَاتٍ
فَالْمَدَى جُنْحُهُ لَنَا وَالدُّهَاءُ
نُعْجِزُ اللَّيْلَ بِالْهِجَاءِ، وَفِينَا
لِلضُّحَى جُنْدُهُ وَفِيهِ الْعَلَاءُ
كُنْ كَمَنْ صَاغَ مِنْ جِرَاحِ الزَّمَانِ
أُرْجُوْنَاً يَسْمُو بِهِ الْإِبَاءُ
سِرْ بِنَا لَا تُبَالِ فِينَا، فَقَدْ أَمْـ
ـسَكَتِ الْأَرْضُ عَنْ سُرَاتِكَ مَاءُ
وَتَوَانَى الزَّمَانُ عَنْ خَطْوِنَا لَمَّـ
ـا رَأَى سَيْفَنَا وَفِيهِ الشِّفَاءُ
نَحْنُ جُرْحُ الْمَدَى، وَلَكِنَّ فِينَا
عَزْمُ فَهْرٍ، وَفَخْرُنَا وَضَّاءُ
حِينَ تَرْجُو الْكُمَاةُ سَيْفًا نَبِيلًا
نُشْرِقُ السَّيْفَ إِنْ دَعَتْنَا النِّدَاءُ
نَتَّقِي اللَّيْلَ بِالْقُلُوبِ، فَإِنَّا
قَوْمُ شَمْسٍ، وَقَلْبُنَا الْوَضَّاءُ
مَا وَطِئْنَا الثَّرَى لِنَعْنُو، وَلَكِنْ
كَانَ فَوْقَ الثَّرَى لَنَا الْإِعْلَاءُ
رُبَّ قَوْمٍ جَرُّوا عَلَيْنَا فِعَالًا
فَسَقَيْنَاهُمُ كَمَا شَاءَ الْجَزَاءُ
لَمْ نُطِقْ ظُلْمَهُمْ، وَمَنْ كَانَ فِينَا
رَاضِيًا ظُلْمَهُمْ، فَهُوَ الْعَفَاءُ
وَصَبَبْنَا عَلَيْهِمُ كُلَّ دَمْعٍ
ثُمَّ جَفَّتْ مِنَ الْعُيُونِ الْبُكَاءُ
سَفَهٌ أَنْ تَظُنَّنَا فِي مَقَامٍ
تَرْتَضِيهِ اللِّئَامُ وَالْبُغَضَاءُ
مَا بَنَيْنَا الْعُلَا لِتَأْوِي إِلَيْهَا
أَيْدِ غَدْرٍ وَفِي قُلُوبٍ جَفَاءُ
نَحْنُ وَقْفٌ لِكُلِّ مَجْدٍ، وَمَا زِلْـ
ـنَا وُقُوفًا تَشُدُّنَا الْعَلْيَاءُ
إِنْ شَكَوْا مِنْ سُيُوفِنَا، قُلْتُ: هَذِي
سُنَنُ الْعَدْلِ، مَا لَهُنَّ ادِّعَاءُ
فَلْيَعُدْ مَنْ تَنَكَّرَ الْيَوْمَ، إِنَّا
فِيهِ لِلْمُنْكَرِينَ وَالْآوَاءُ
مَا تَوَانَتْ يَدٌ عَنِ الطَّعْنِ فِينَا
إِلَّا وَالْبَتْرُ حِينَهَا الْإِغْرَاءُ
وَإِذَا خُيِّرْتَ الْمَنُونُ، تَمَنَّتْ
رَجُلًا فِي يَدَيْهِ فَاضَ الْبَقَاءُ
أَيْنَ مَنْ كَانَ بِالْأَمَانِيِّ يَغْدُو؟
هَا هُمُ، لَا نَدَى، وَلَا أَسْمَاءُ
مَنْ يَكُنْ سَيِّدًا وَيَهْوَى الْمَعَالِي
فَلْيَكُنْ فِي الشَّقَاءِ لَهُ رِجْلَاءُ
نَحْنُ أَحْفَادُ كُلِّ طَوْدٍ شَدِيدٍ
وَرِجَالُ الْأُسُودِ فِي الْبَيْدَاءِ
وَلِذَاكَ الزَّمَانِ نَحْنُ نُعِيدُ الْـ
ـمَجْدَ فِينَا، وَالْمَجْدُ فِينَا يُضَاءُ
قُلْ لِمَنْ رَامَنَا بِبَأْسٍ وَغَدْرٍ
إِنَّ فِينَا الْمُهَنَّدَ الْمِضْيَاءُ
مِنْ شِفَاهِ الْمَدَى تَفَجَّرَ حَقٌّ
فَسَكَتْنَا، وَالرُّمْحُ فِيهِ الدُّعَاءُ
جَفْنُنَا لَمْ يُزَلْ عَنِ السَّهْرِ إِلَّا
لِيَنَامَ الْحِمَامُ وَهْوَ الْهَبَاءُ
نَحْنُ أَبْنَاءُ كُلِّ حُرٍّ أَبِيٍّ
كَلَّمَا ضَاقَ بِالْحِمَى الْفَحْشَاءُ
صَهْ! فَلَا تُكْثِرِ الْجِدَالَ فَإِنَّا
قَوْمُ فِعْلٍ، إِذَا تَكَلَّمَ جَاءُوا
مَنْ تَغَنَّى بِأَصْلِهِ دُونَ عَمَلٍ
غَاصَ فِي اللَّيْلِ وَانْطَوَى السَّرْجَاءُ
وَإِذَا خِفْتُمُ السُّيُوفَ فَفِينَا
حَزْمُ قَوْمٍ كَأَنَّهُمْ بُرَدَاءُ
كُلُّ طَوْدٍ لَنَا إِذَا مَا بَغَى الْقَوْ
مُ، وَالرُّمْحُ فِي يَدَيْنَا رِجَاءُ
لَمْ نُبَاهِ الزَّمَانَ بِالْأَصْلِ لَكِنْ
أَسْكَنَ الْمَجْدَ فِي دِمَانَا النِّدَاءُ
نَحْنُ وَجْهُ الْبَيَانِ، وَالدَّهْرُ طِرْسٌ
نَكْتُبُ الْفَخْرَ فِيهِ وَالْإِنْشَاءُ
كُلُّ سَيْفٍ لَنَا، وَكُلُّ سَنَاءٍ
مِنْ دِمَاءٍ، وَكُلُّنَا أُمَنَاءُ
مَا تَخَاذَلْنَا إِنْ أَقْبَلَ لَيْلٌ
وَتَنَادَتْ بِنَا الطُّلَى وَالظَّمَاءُ
بِالْمَعَالِي بَنَيْنَا قُصُورًا، وَفِيهَا
سَكَنَ الْعِزُّ، وَاسْتَرَاحَ الْحَيَاءُ
نَحْنُ صَوْتُ الْمَدَى، وَفَجْرُ الرُّؤَى، وَالْـ
ـحَدِيدُ الْمَصُوغُ فِيهِ الْبَهَاءُ
لَا يُجَارِي رِجَالُنَا خَيْلَ رُومٍ
أَوْ تُطَاوِي الْهِزَبْرَ فِيهِمْ شِفَاءُ
فَإِذَا قِيلَ: مَنْ أُولُو الْعَزْمِ؟ قُلْنَا:
نَحْنُ، فَاسْأَلْ، فَكَمْ لَنَا شُهَدَاءُ
رُبَّ يَوْمٍ خَبَتْ بِهِ نَارُ قَوْمٍ
فَأَضَأْنَا الْهُدَى، وَعَادَ الضِّيَاءُ
نُدْرِكُ النَّجْمَ إِنْ طَمَحْنَا، وَإِنْ نَـ
ـزِلْ فَالْأَرْضُ لَنَا، وَفِينَا الْبَنَاءُ
لَا نُبَالِي بِكُلِّ سَهْلٍ وَصَعْبٍ
مَنْ تَعَوَّدَ الْمَجْدَ اسْتَهَانَ الْعَنَاءُ
فَانْشُرُوا اسْمَنَا عَلَى كُلِّ وَادٍ
فَبِنَا يُسْتَدَلُّ وَبِنَا الرَّجَاءُ
نَحْنُ بَحْرُ الْقَصِيدِ إِنْ جَاشَ لَيْلٌ
مُتْرَعٌ بِالْفَخَارِ وَالْإِيحَاءُ
وَإِذَا الْخَيْلُ فِي الْهِيَاجِ تَمَادَتْ
رَكِبَتْنَا الرِّيحُ، وَاسْتَطَالَ الْعَدَاءُ
مَنْ أَرَانَا الْقُصُورَ إِنَّا بُنَاةٌ
وَبَنَاتُ الْفَخَارِ فِينَا الْإِمَاءُ
كُلُّ طَيْفٍ مِنَ السُّيُوفِ نُرَاهُ
صَوْتُنَا فِيهِ، وَالْهُدَى وَالْأَدَاءُ
يَا سَلِيلَ الْهُمَامِ، قُفْ وَانْظُرَنِّي
كَيْفَ تُرْوَى بِفَخْرِنَا الرُّوَاءُ
نَحْنُ نَسْلٌ مِنَ الْكِرَامِ، وَفِينَا
طَبْعُ مَنْ لَا يَخَافُ، لَا يَجْتَبَاءُ
فِي دِمَانَا الْبَيَانُ شُعْلَةُ قَيْسٍ
وَفُؤَادُ الزَّبَاءِ وَالْأَنْبِيَاءُ
رَكِبَتْنَا الْعُلَا كَمَا رَكِبَتِ الشَّمْسُ
مَدَى الْحَقِّ، فَهْيَ لَنَا ضِيَاءُ
سُفُنُ الْمَجْدِ فِي الْمَدَى لَنَا تَجْرِي
وَالْهُدَى دُونَنَا فُقَدَ الْحُدَاءُ
لَا تُجَرِّبْ عَلَيْنَا سِحْرَ أَخْلَاقٍ
فَنُعَاقِبُ الْحُسْنَ بِالْإِبَاءِ
مَا شَهِدْنَا الدُّنَى لِنَحْنِيَ رَأْسًا
رُبَّ رَأْسٍ لَدَيْنَا يَفْنَى الْغَلَاءُ
يَا قَبَائِلَ مَجْدِنَا خَلِّدُونِي
فَكِتَابُ الزَّمَانِ فِينَا الشِّفَاءُ
مَنْ يُنَادِي بِغَيْرِنَا فَهُوَ وَهْمٌ
وَخُيُوطُ الْمَدَى لَنَا أَسْوَاءُ
كُلُّ قَلْبٍ بِفَضْلِنَا يَتَفَاخَرُ
وَكُلُّ الْأَرْضِ، فِي هَوَانَا السَّمَاءُ
يَا حَمَامَ السُّطُورِ غَرِّدْ عَلَيْنَا
فَنَحْنُ الشُّعَرَاءُ وَالْأُدَبَاءُ
نَحْنُ جَيْشٌ إِذَا سَكَتَتْ سُيُوفٌ
بَدَأَتْ مِنْ حُرُوفِنَا الْأَنْبَاءُ
كُلُّ بَيْتٍ نَقُولُهُ صَارَ طَوْدًا
وَعَلَيْهِ الشُّمُوخُ وَالْآلَاءُ
إِنْ سَكَتْ أَلْسُنُ الزَّمَانِ فَفِينَا
صَوْتُهُ الْمُعْتَقُ، وَالْإِنْصَافَاءُ
فَاكْتُبُوا فِي جَبِينِ كُلِّ مَعَانٍ
مُعَلَّقَةً: هُنَا الْكِبْرِيَاءُ
وَانْشُرُونَا فِي كُلِّ دَرْبٍ وَوَادٍ
فَبِنَا يَسْتَقِيمُ فِي الْخَلْقِ الْبَقَاءُ
374
قصيدة