عدد الابيات : 22
يَا شَامُ، يَا وَهْجَ قَلْبٍ نَابِضٍ حَلِمَا
وَفِي ثَرَاكِ شَذَا الْأَقْدَارِ قَدْ نُظِمَا
فَرَشْتُ أَجْفَانِيَ الشَّوْقَ مُتَّقِدًا
كَيْمَا أُقَبِّلَ أَرْضًا كُنْتِ لِي حَرَمَا
يَا شَامُ، فِيكِ حِكَايَاتُ الطُّفُولَةِ كَمْ
طَافَتْ بِعَيْنَيَّ مِثْلَ السِّحْرِ وَالنُّعْمَا
دُرُوبٌ مَدَارِسٌ، زَوَارِيبٌ، وَأَزِقَّتُنَا
فِيهَا تَرَكْنَا صِغَارًا ذِكْرَى وَمَغْنَمَا
جُرْحِي عَلَى ضِفَّةِ الْأَيَّامِ مُحْتَرِقٌ
كَالنَّهْرِ يَجْرِي بِدَمْعٍ صَارَ مُسْتَدْمَا
وَكَمْ تَبَعْثَرَ حُزْنٌ فِي خُطَايَ أَنَا
وَالرِّيحُ تَقْتَاتُ مِنْ أَنْفَاسِيَ أَلَمَا
دِمَشْقُ، عُودِي لِلْجَمَالِ أَلْحَانَ هَوَى
فَمِنْكِ يَنْبُعُ لِلْوِجْدَانِ مَا رُسِمَا
وَأَرْجِعِي لِي حَنِينَ الْحِبْرِ فِي قَلَمٍ
كَانَ الصَّبَاحُ بِهِ يَجْلُو الدُّجَى عَظُمَا
أَيْنَ الْمَآذِنُ؟ أَيْنَ السَّيْفُ؟ أَيْنَ رُؤَى
كَانَتْ تُعَانِقُ وَجْهَ النَّصْرِ مُبْتَسِمَا؟
غَابَ الرِّجَالُ فَمَا لِلْمَجْدِ مِنْ عَلَمٍ
إِلَّا رَمَادًا عَلَى الْأَحْقَادِ قَدْ خُتِمَا
يَا مَنْ تَرَكْتُمْ جِرَاحَ الشَّامِ نَازِفَةً
بِالْغَدْرِ تَكْتُبُ عَنْ تَارِيخِكُمْ شَتْمَا
مَتَى تَعُودُ خُيُولُ الْعِزِّ صَاهِلَةً
تُحْيِي التُّرَابَ الَّذِي قَدْ صَارَ مُنْعَدِمَا؟
فِلَسْطِينُ يَا أَمَلًا ضَاعَتْ مَلَامِحُهُ
مَا زِلْتِ فِي الْقَلْبِ رَغْمَ الْخَذْلِ وَالْأَلَمَا
كَمْ بَاعَ قَوْمٌ هَبَاءً حُلْمَ طِفْلَتِنَا
وَكَمْ سَقَوْنَا وُعُودًا صَارَتِ الْعَدَمَا
أَيْنَ الْبَنَادِقُ؟ أَيْنَ السَّيْفُ؟ أَيْنَ يَدٌ
تَرْمِي الرِّمَاحَ فَتُحْيِي الْقُدْسَ مُلْتَئِمَا؟
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ لِلْهَوَانِ مَلَامِحٌ
وَفِي الشِّفَاهِ غَدَتْ الْآهَاتُ مُنْسَجِمَا
الشِّعْرُ نَارٌ تَشُقُّ اللَّيْلَ فِي غَضَبٍ
وَتَنْسِجُ الْحَقَّ إِنْ طَالَ الْجُحُودُ دَمَا
إِنْ لَمْ يَكُنْ سَيْفَ ثُوَّارٍ يُطِيحُ بِمَا
يَجُرُّنَا نَحْوَ دَرْبِ الذُّلِّ وَالظُّلُمَا
يَا شَامُ، صَاحَتْ قَوَافِينَا لِتُوقِظَنَا
فَكَيْفَ نَهْوَى الْمَدَى إِنْ خِفْنَا الْأَلَمَا؟
إِنْ كَانَ لِلشِّعْرِ صَوْتٌ لَا يُحَرِّرُنَا
فَالشِّعْرُ عَارٌ عَلَى الْأَجْيَالِ قَدْ هُزِمَا
يَا شَامُ، يَا أَمَلًا يَرْتَدُّ فِي زَمَنِي
مَا زَالَ قَلْبِي عَلَى أَعْتَابِكِ اِنْقَسَمَا
رُدِّي لَنَا عِزَّةَ الْأَيَّامِ مُزْهِرَةً
لَعَلَّ رُوحَ الْأَمَانِي تَغْسِلُ السَّقَمَا
385
قصيدة