عدد الابيات : 24
يا شامُ، أنتِ العزُّ في أوتارِنا
وصهيلُ مجدٍ خالدٍ بِنُضارِها
ما زلتِ في فجرِ البطولةِ منبعًا
تهدينَنا للنورِ في إصرارِها
ثَارَتْ شَآمُ العِزِّ تَحْمِلُ حُلمَهَا
وَتُقَاوِمُ الطُّغْيَانَ تَرْفُضُ ذُلَّهَا
تَسْتَقْبِلُ المَوْتَ الجَلِيلَ بِعِزَّةٍ
وَتُطِيلُ فِي لَيْلِ العِدَا مَهَلَتَهَا
فِي الأُفْقِ نَجْمٌ لا يُغَطِّيهِ الْبِلَى
وَالْحَقُّ يَسْبِقُ لَيْلَهَا وَصَبَاحَهَا
يَا شَامُ، صَبْرُكِ شَاهِدٌ لِقَصِيدَةٍ
تُزْهِرُ الرُّوحَ وَتُذِيبُ أَتْرَاحَهَا
أَبْنَاؤُكِ الأَسْيَادُ فِي مِضْمَارِهِمْ
إِنْ أَقْبَلُوا، طَابَ الزَّمَانُ بِنَبْلِهَا
كُتِبَتْ دِمَاؤُهُمُ الحَيَاةَ بِفَضْلِهِمْ
وَنَمَا الْخُلُودُ يُزَاحِمُ أَرْوَاحَهَا
لَا تَحْسَبُوا أَنَّ الرِّيَاحَ تُطِيعُكُمْ
فَالرِّيحُ تَخْشَى شُمُوخِ صِفَاحِهَا
هَذِي الشَّآمُ، تَحُوطُهَا أَكْفَافُهَا
وَغَدًا تُضِيءُ الدَّرْبَ فِي أَفْرَاحِهَا
تَسْقِي المَآذِنَ مِنْ دِمَاءِ أُسُودِهَا
وَتُعِيدُ فِي الآيَاتِ نَبْضَ سِلاحِهَا
فِي كُلِّ حَارَةِ صَامِدٍ قَدْ شَيَّدَتْ
قِيمَ الوَفَاءِ وَأَشْرَقَتْ أَرْوَاحُهَا
تَتَسَتَّرُ الأَسْطُورَةُ الْخَجْلَى إِذَا
مَرَّتْ بِأَسْمَاءِ الْكِبَارِ وَجَاهِهَا
هِيَ لِلْعَدَا قَبْرٌ وَمَهْدٌ لِلْأُولَى
رَفَعُوا الرَّايَاتِ بَيْنَ رِمَاحِهَا
مَا ضَاعَ حَقٌّ فِي يَدِ الشُّهَدَاءِ إِنْ
عَرَفُوا الطَّرِيقَ وَسَارَ فِي أَتْبَاحِهَا
تَرْقَى الشَّهَامَةُ فِي دِمَاءِ أَبِيهِمُ
وَتَزِيدُ فِي أَجْيَالِهَا وَصِلَاحِهَا
بَاتَتْ عُيُونُ الْمُجْهِدِينَ نُجُومَهَا
وَتَوَهَّجَتْ فِي الدَّرْبِ حِينَ كِفَاحِهَا
مَنْ قَالَ إِنَّ الشَّامَ تُطفَأُ شَمْعَةٌ؟
فَالشَّمْسُ تُخْفِقُ إِنْ غَفَتْ مِصْبَاحَهَا
فِي جَبَلِ الزَّيْتُونِ يَهْتِفُ سَاكِنٌ:
هَذِي شَآمِي، لَا تَلِنْ فِي رَاحِهَا
تَسْقِيكِ أُمُّ الْمَجْدِ مِنْ عِرْقِ النَّدَى
وَتَغُوصُ فِي الإِيمَانِ عِنْدَ نَجَاحِهَا
مِنْ صَدْرِهَا، وَقَعَتْ عَلَى قَافِيَتِي
أَزْهَارُهَا تُزْهِرْ وَأَرْجُو فَلَاحِهَا
مَا ضَاعَ شِعْرٌ قِيلَ فِي أَسْيَادِهَا
إِنْ كَانَ صِدْقًا، بَاتَ فِي أَلْوَاحِهَا
يا شامُ، في عينيكِ فجرٌ صاعدٌ
وَبِكَ الشُّعُوبُ تَعَلَّمَتْ أَصْلَ سَّنَاها
هَذِي حُرُوفِي إنْ خَسِرْتُ جُلَادَتِي
فَالنُّورُ مِنْ خُطْوَاكِ يَحْفَظُ مَضَاها
374
قصيدة