عدد الابيات : 42
يا سَائِلًا عَنِ الْهَوَى فِي طَيِّ ذَا الْكَلَفِ
أَوْ بَاحِثًا فِي دُرُوبِ الْعِشْقِ وَالْأَسَفِ
دَعْنِي أُسَطِّرُ شِعْرِي فِي مُعَلَّقَةٍ
تَهْتَزُّ مِنْهَا قُلُوبُ الشِّعْرِ وَاللَّحَفِ
عَنْ سَارَةٍ حِينَ غَابَ الْوَصْلُ وَانْكَسَرَتْ
فِي الْقَلْبِ أُغْنِيَةُ الْأَشْوَاقِ وَالْحُقُفِ
وَقَفْتُ أُبْصِرُ طَلَلَهَا بِتَلَهُّفِ
وَالْوَادِيَ الْتَفَّ الضِّيَاءُ بِأَسْحُفِ
أَيْنَ الَّذِينَ تَحَدَّثُوا بِجِوَارِهَا؟
وَغَدَوْا بِلَيْلِ نُحُولِهَا الْمُتَرَجِّفِ
سَلْقِينُ يَا دَارَ الْحَبِيبَةِ كَرِّرِي
ذِكْرَى تُعِيدُ مَوَاجِعِي وَتُؤَلِّفِ
سَارَةُ يَا نُورَ الْجَمَالِ إِذَا بَدَتْ
تَخْتَالُ فِي دُرَرِ الْهَوَى الْمُتَنَطِّفِ
مَا كَانَ أَحْلَى الْعَهْدَ إِذْ كُنَّا مَعًا
نَرْتَاحُ فِي ظِلِّ الْغَرَامِ الْمُعْشَرِفِ
تَمْضِي السِّنُونَ وَحُبُّهَا فِي خَافِقِي
نَهْرٌ تُجَدِّدُهُ الدُّمُوعُ بِمُذْرِفِ
تَرَكَتْ بَقَايَاهَا عَلَى جَبَهَاتِنَا
نَقْشًا يُطَارِدُنَا بِفِكْرٍ مُوْسِفِ
إِنْ كُنْتِ غِبْتِ فَهَلْ يُغَيِّبُنِي الْأَسَى؟
وَكَيْفَ أَنْسَى مَنْ بِهِ الْعُمْرُ مُرْهَفِ
لَمْ يَبْقَ لِي إِلَّا التَّأَوُّهُ وَالْأَسَى
وَحْدِي أُنَادِيهَا بِصَوْتٍ مُتْلَفِ
يَا لَيْتَ يَجْمَعُنَا الزَّمَانُ عَلَى اللِّقَا
وَيُعِيدُ لِي فَجْرَ الْحَبِيبِ مُؤْتَلِفِ
لَكِنَّهُ الْأَمَلُ الْمُضِيءُ لِوَجْدِنَا
إِنْ طَالَ دَهْرُ الْفُرْقَةِ الْمُتَكَلِّفِ
يَا مَنْ لَهَا فِي مُهْجَتِي أَثَرٌ جَلِيٌّ
أَحْيَا عَلَى ذِكْرَاهُ كَالْجَمْرِ الْمَخْطِفِ
قَدْ كَانَ فَجْرُكِ بَسْمَةً فِي مَقْلَتِي
وَالْيَوْمَ صِرْتُ بِهَا كَسَارِي الْمُنْكَنِفِ
كَيْفَ السُّبُلُ إِلَّا إِلَيْكِ وَقَلْبُنَا
يَشْتَاقُ رَحْمَتَهُ كَمَاءٍ مُذْرِفِ
سَارَةُ وَإِنْ غَابَ الْجَمَالُ فَطَيْفُكِ
يَسْرِي إِلَيَّ كَنَسْمَةٍ فِي الْمَسْجِفِ
تَذْكَرْتُ وَجْهَكِ وَالْعُيُونَ بِلَفْحَةٍ
وَالدَّمْعُ يَغْلِبُنِي بِوَجْدٍ مُقْطِفِ
وَسَكَبْتُ شِعْرِيَ فِي الرِّيَاحِ حَزِينَةً
تُهْدِي إِلَيْكِ صَدَايَ وَالْوَقْتُ أَعْنَفِ
إِنِّي لَأُخْفِي فِي الضُّلُوعِ مَحَابِرًا
تَرْوِي حَدِيثَكِ فِي الزَّمَانِ الْمُجْحِفِ
وَأُجَدِّدُ الذِّكْرَى كَمَنْ بَاتَ مُتْرَعًا
حُبًّا يُنَافِسُ فِي الْمُقَامِ الْمُشْرِفِ
مَا أَحْلَمَ اللَّحْنَ الْقَدِيمَ إِذِ انْطَوَى
وَالصَّوْتُ يُرْسِلُهُ الْحَنِينُ الْمُنْصِفِ
أَهْوَاكِ وَالدُّنْيَا ظَلُومٌ بَعْدَكِ
وَتَفُوحُ مِنْ ذِكْرَاكِ نَفْحَةُ مُعْطَفِ
هَلْ كَانَ وُدِّي ذَنْبَ قَلْبٍ صَادِقٍ
أَمْ أَنَّهُ قَدْرُ الْمَصِيرِ الْمُرْجِفِ؟
إِنْ غِبْتِ عَنِّي فَالنُّجُومُ مُغَيَّبَاتٌ
وَاللَّيْلُ يَسْأَلُهُ الْوُجُودُ بِتَعَرُّفِ
حَتَّى الطُّيُورُ تَصِيحُ فِي غَابَاتِهَا
كَأَنَّهَا تَرْثِي الْغَرَامَ الْمُقْتَرِفِ
سَارَةُ سَكَنْتِ أَضْلُعِي وَعُيُونِيَ
فِي كُلِّ فَجْرٍ أَنْتِ نَبْضُ الْمُتَّلهِفِ
يَا نَفْحَةَ الْمِسْكِ الْعَتِيقِ إِذَا سَرَتْ
يَهْتَزُّ مِنْ أَشْوَاقِهَا الْمُتَعَطِّفِ
مَا كَانَ عِشْقُكِ فِي الْحَيَاةِ بِرِقْعَةٍ
بَلْ كَانَ دَفْقَةَ مُهْجَةٍ وَتَلَفُّفِ
قَدْ جَفَّنِي السُّهَادُ مِنْ شَجَنِ الْهَوَى
وَاللَّيْلُ يَشْكُو خَافِقِي الْمُتَعَجِّفِ
هَذَا الْوَفَاءُ وَكَيْفَ أَغْدِرُ وَالَّذِي
جَعَلَ الْحَنَانَ لِسَاحَتِي كَالْمُشْرِفِ؟
كُلُّ الْمَسَافَاتِ الَّتِي فَارَقْتِهَا
مَزَجَتْ جُرُوحِي بِالْوَهَنِ الْمُتَخَلِّفِ
أَهْوَاكِ وَالْقَلْبُ الْمُبَاحُ تَضَرُّعٌ
لِلَّهِ أَنْ يَجْمَعَ خُطَانَا وَيُلْطِفِ
يَا دَارَ سَارَةَ كَيْفَ تُطْفَأُ نَارُهَا؟
وَالْحُزْنُ يُشْعِلُ فِي الْحَنَايَا وَيُقْذِفِ
لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ بُعْدَكِ مُدْمِنٌ
مَا كُنْتُ أَسْكَنْتُ الْهَوَى فِي الْمَعْرِفِ
هَذِي الْقَصِيدَةُ فِي الْغَرَامِ مُعَلَّقَةٌ
بَاتَتْ تُقَبِّلُ وَجْهَكِ الْمُتَعَرِّفِ
فَاقْبَلْهَا يَا زَمَنَ الْحَبِيبِ فَإِنَّهَا
مِلْءُ الضُّلُوعِ وَرِقَّةِ الْمُتَلَطِّفِ
وَاجْمَعْ شَتَاتَ الْقَلْبِ فِي ذِكْرَاهُمُ
إِنْ كَانَ وَصْلُهُمُ لَدَيْكَ مُتَعَرَّفِ
سَارَةُ يَكْفِينِي بِأَنِّي قَائِلٌ
مَا لَمْ يَقُلْهُ الْعَاشِقُ الْمُتَلَفِّفِ
هَذَا الْوَفَاءُ سَبِيلُ قَلْبٍ مُغْرَمٍ
نَزَفَ الْحَنِينَ بِمِدْيَةِ الْمُتَكَلِّفِ
فَاخْتِمْ بِهَا يَا رَبُّ ذِكْرَى طَاهِرَةً
وَارْزُقْ قُلُوبَ الْمُحْتَرِقِينَ تَخَلُّفِ
374
قصيدة