عدد الابيات : 35
سَرَى إِلَيَّ ضِيَاءُ الْبَدْرِ يَزْدَهِرُ
وَهَلْ يُضِيءُ إِذَا مَا لَاحَ مُحْتَجِرُ؟
أَمْ أَنَّهُ مِنْ سَنَا عَيْنَيْكِ مُنْبَعِثٌ
كَالنُّورِ يَسْطَعُ أَوْ كَالْمَاءِ يَنْهَمِرُ؟
وَيَا نَسِيمَ الصَّبَا إِنْ جِئْتَ زَوْرَتَهَا
فَاحْمِلْ سَلَامِي، فَلِلْأَشْوَاقِ مُزْدَجَرُ
هَلَّا بَصُرْتَ بِهَا وَاللَّيْلُ مُعْتَكِرٌ
كَالْبَدْرِ إِنْ لَاحَ وَالْأَفْلَاكُ تَسْتَطِرُ؟
مُزْجَى الْقَوَامِ كَغُصْنِ الْبَانِ مُنْتَصِبٌ
إِذَا تَمَايَلَ هَزَّ السِّحْرَ وَالنَّظَرُ
تَهْتَزُّ شَوْقًا رُبَى الْوَجْدِ الَّتِي سَكَنَتْ
وَهَلْ تَسَكَّنُ نَارُ الْحُبِّ إِذْ سَعَرُوا؟
يَا سَارَةَ الْحُسْنِ قَدْ أَضْرَمْتِ فِي كَبِدِي
نَارًا يُشَبِّبُهَا التَّشْبِيبُ وَالذِّكْرُ
إِنِّي أُحَدِّثُ نَجْمَ اللَّيْلِ عَنْكِ سِرًّا
وَالدَّمْعُ يَنْثُرُهُ التَّسْهِيدُ وَالسَّهَرُ
تَجْرِي السَّحَائِبُ دَمْعًا لَا فُصُولَ لَهُ
كَأَنَّهَا أَبْحُرٌ طَامَتْ بِهَا الْغِيَرُ
إِنْ كَانَ وَصْلُكِ فِي الْآمَالِ يَبْعَثُنِي
فَكَيْفَ يَنْجُو مِنَ الْآلَامِ مَنْ صَبَرُوا؟
فَلَا تَقُولُوا جَفَاهُ الْحُبُّ، إِنَّ دَمِي
سَيْفُ الْهَوَى فِيهِ مَسْلُولٌ وَمُحْتَضَرُ
أُخْبِرُ الدَّهْرَ عَنْ شَوْقِي وَمَا صَنَعَتْ
أَيَّامُ هَجْرٍ بِهَا آهَاتُ الْأَحْزَانِ تَتَفَّجَرُ
لَوْ كَانَ فِي الْحُبِّ إِنْصَافٌ لَمَا وَهَنَتْ
قُوَى الْمُتَيَّمِ، بَلْ لِلْحُبِّ مُنْتَصِرُ
لَكِنَّهُ الدَّهْرُ لَا يُبْقِي لِمُغْتَرِبٍ
إِلَّا الدُّمُوعَ، فَلَا خُلْدٌ وَلَا وَطَرُ
يَا لَيْتَنِي زَهْرُ رَوْضٍ عِنْدَ نَافِذَةٍ
تَرَاهُ عَيْنُكِ أَوْ مِسْكٌ بِهِ الْعِطْرُ
إِنْ مَرَّتِ الرِّيحُ مِنْ كَفَّيْكِ تَحْمِلُنِي
إِلَى مَرَايَاكِ، عُدْتُ الطِّفْلَ مُنْبَهِرُ
إِنْ قُلْتِ: عُدْ، عَادَ فِي رُوحِي تَصَاعُدُهَا
وَإِنْ صَدَدْتِ، غَدَا الْوِجْدَانُ يَعْتَصِرُ
إِنِّي أُبَاهِلُ أَهْلَ الشِّعْرِ إِنْ وُجِدُوا
أَنْ يَأْتُوا بَدْعًا كَهَذَا السِّحْرِ يَنْحَدِرُ
فَيَا حَبِيبَةَ رُوحِي، هَلْ سَمِعْتِ أَدْعِيَتِي؟
أَمْ أَنَّ شَوْقِي لِوَصْلِكِ الْأَيَّامُ تَعْتَذِرُ؟
هَاكِ يَا سَارَةُ الْأَشْعَارَ بِالْقَلْبِ تَبْتَدِرُ
مِنْ فِكْرِ شَاعِرِهَا بِالنُّورِ يَزْدَهِرُ
سَنَاكِ أَبْهَجَ لَيْلَ الْعِشْقِ فَانْبَلَجَتْ
أَنْوَارُهُ فَإِذَا بِضَوْءِ الْفَجْرِ يُنْتَظَرُ
كَأَنَّمَا الشَّمْسُ فِي عَيْنَيْكِ قَدْ سَطَعَتْ
وَفِي ابْتِسَامِكِ سِحْرٌ لَيْسَ يُنْحَصَرُ
وَإِنْ بَدَتْ فَالْمَنَايَا عَنْكِ قَدْ هَرَبَتْ
وَإِنْ غِبْتِ اسْوَدَّتِ الْآفَاقُ وَالدُّرَرُ
لَوْلَاكِ مَا اهْتَدَى بَدْرٌ لِمَوْطِنِهِ
وَلَا تَفَجَّرَ فِي الْأَكْوَانِ مُنْهَمِرُ
هَلَّا مَرَرْتِ عَلَى قَلْبٍ تُقِيمُ بِهِ
نِيرَانُ شَوْقٍ لَهَا الْأَكْبَادُ تَنْفَطِرُ
وَهَلْ عَلِمْتِ بِأَنِّي لَا حَيَاةَ لَنَا
إِلَّا بِوَصْلِكِ، أَوْ بِالْمَوْتِ نَعْتَذِرُ؟
إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ الدَّهْرَ يَخْدَعُنِي
وَأَنَّ فِي النَّاسِ وَاشِيًا لَا يُسْتَتَرُ
لَكِنَّ حُبَّكِ أَعْطَانِي مَنَاعَتَهُ
فَلَا أُبَالِي أَأَذْعَنُوا أَمِ إنْهَارُوا
يَا لَيْتَنِي كُنْتُ عُصْفُورًا أَطُوفُ بِكِ
أَنْسَابُ فِي شَعْرِكِ الْمَسْدُولِ أَفْتَخِرُ
أَوْ لَيْتَنِي قَطْرَةٌ فِي خَدِّكِ انْهَمَرَتْ
فَذَاكَ أَقْصَى مُنًى صَبٍّ لَهُ أَثَرُ
صَبَرْتُ لَكِنَّ صَبْرِي مَا جَرَى نَفْعًا
فَكَيْفَ أَصْبِرُ وَالْقَلْبُ الَّذِي ينْكَسِرُ؟
يَا قَمَرِي، إِنْ غَدَوْتِ الْيَوْمَ مُرْتَحِلَةً
فَامْسَحْ بَرِيقَ دُمُوعِي حَيْثُ يَنْحَسِرُ
وَقُلْ لَهَا إِنَّ هَذَا الْعَبْدَ مُنْهِكُهُ
حُزْنٌ وَأَشْوَاقُهُ فِي الصَّدْرِ تَسْتَعِرُ
وَإِنْ مَشَتْ فِي رِيَاضِ الْحُسْنِ فَلْتَدْعُ
لِي نَسْمَةً مِنْ شَذَاهَا حَيْثُ أَنْتَظِرُ
فَلَرُبَّمَا قَدْ تُعِيدُ الرُّوحَ مُبْتَهِجًا
وَلَرُبَّمَا تُطْفِئُ الْأَحْزَانَ وَالْكَدَرُ
374
قصيدة