عدد الابيات : 20
أَيَا طَيْفَ شِعْرٍ فِي الْخَوَاطِرِ يُرْتَجَى
تَلُوحُ كَوَمِيضِ الْبَرْقِ فِي اللَّيْلِ مُرْتَلِ
حُرُوفُكَ تَنْسَابُ انْسِيَابَ السَّحَائِبِ
وَتَجْرِي كَأَوْدِيَةٍ بِفَيْضٍ بِهِ يَمْتَلِي
عَشِقْتُ الْقَوَافِي فَهِيَ لِلْقَلْبِ مَسْكَنٌ
وَأَنْفَاسُهَا فِي الرُّوحِ زَهْرٌ يَنْجَلِي
إِذَا مَا نَظَمْتُ الشِّعْرَ، هَاجَتْ عَوَاطِفِي
وَخَالَطَ نَبْضِي مَا تَهَادَى وَمَا عَلِي
أُنَاجِي الْكَوَاكِبَ فِي اللَّيَالِي كَعَاشِقٍ
وَأَسْأَلُهَا: هَلْ فِي الْقَصِيدِ لَكَ مَأْمَلِي؟
أَيَا قَلْبَ عَاشِقٍ، أَضْنَاكَ شَوْقُهُ
وَحَاصَرَتْهُ الذِّكْرَى وَأَضْحَى بِهَا مُبْتَلِي
إِذَا مَا جَرَى الدَّمْعُ، انْسَابَتْ مَلَامِحُهُ
كَأَنَّهُ نَهْرُ الْوَجْدِ مِنْ عَيْنِ مَنْ سُلِي
تَئِنُّ الْمَشَاعِرُ مِنْ لَوْعَةٍ أَضْرَمَتْ
فُؤَادًا كَسِيرًا بَيْنَ جُرْحٍ وَمَا يَنْدَلِي
فَيَا حُبَّ قَلْبِي، هَلْ أَجَدْتَ بِمَا جَرَى؟
أَمْ كُنْتَ سَيْفًا لِلْهَوَى حِينَمَا يَعْتَلِي؟
أَلَا فَاهْدَأُوا، إِنَّ الْهَوَى حُلْمُ شَاعِرٍ
يُصَارِعُهُ الدَّهْرُ إِذَا شَطَّ أَوْ يُوَلِّي
أَنَا ابْنُ الْقَوَافِي، فِي رِحَابِ مَجْدِهَا
تَرَعْرَعْتُ طِفْلًا فِي مَآقِيهَا مُعْتَلِي
رَفَعْتُ لِوَاءَ الشِّعْرِ فِي كُلِّ مَشْرِقٍ
وَفِي غَرْبِهِ صَوْتِي يُعَانِقُ مَنْ عَلِي
كَأَنِّي رَسُولُ الْحَرْفِ بَيْنَ مَلَائِكٍ
يُقَدِّسُ حَرْفِي إِذْ سَمَا وَصَعَّدَ سُبُلِ
إِذَا مَا تَسَاءَلْتُمْ: مَنْ ذَا يُطَاوِلُنِي؟
فَشِعْرِي عُبَابٌ كُلُّ نَجْمٍ بِهِ يَعْتَلِي
وَأَبْنِي بُيُوتَ الشِّعْرِ كَالنَّجْمِ سَامِقًا
وَأُعْلِي صُرُوحَ الْمَجْدِ فِي سَهْلٍ وَجَبَلِ
أَيَا دُرَيْدَ الْقَوْمِ، هَا قَدْ أَتَيْتُكُمُ
بِقَافٍ كَسَيْفِ الْحَرْبِ بِالْعِزِّ يَصْطَلِي
وَمَا كُنْتُ أُبْدِي قَوْلِي إِلَّا بِبَلَاغَةٍ
كَأَنَّ حُرُوفِي سَيْفُ صِدْقٍ يَتَسَقَّلِ
فَمَا الْمَالُ إِلَّا عَابِرٌ نَحْوَ سُؤْدَدٍ
وَمَا الْمَجْدُ إِلَّا فِعْلُ مَنْ صَالَ وَجَالِ
فَإِنْ كُنْتَ بَحْرًا فِي الْكَرَامَةِ وَالرُّؤَى
فَأَنَا الْمَدَى الْمُمْتَدُّ وَالرِّيحُ وَالْحُلِي
فَيَا سَادَةَ الْقَوْمِ، اقْرَؤُوا شِعْرِي وَاذْكُرُوا
بِأَنِّي أَتَيْتُ الشِّعْرَ فِي صَرْحِهِ جَلِي
374
قصيدة