عدد الابيات : 24
عَبِيرُكِ يَا سَارَةُ يُسْحِرُ أَنْفَاسِي
كَأَنَّ الْهَوَى فِي عِطْرِكِ يُبَاسِي
تُضَافِرُ فِي أَنْفَاسِكِ كُلُّ زَهْرَةٍ
وَفِي نَسَمَاتِكِ الطُّهْرُ يُنَاسِي
كَأَنَّ النَّسِيمَ مِنْ ثَغْرِكِ وُلِدَتْهُ
رِيَاضُ الْهَوَى إِذْ يَغِيبُ عَنِ الْبَاسِي
رَحِيقُكِ فِي الْفَجْرِ يَزْهَرُ بَلْسَمًا
يُحْيِي الْقُلُوبَ إِذِ اشْتَدَّتِ الْمَآسِي
إِذَا مَرَّ عِطْرُكِ فِي الْأَجْوَاءِ سَارِحًا
تَزَاحَمَتِ الْأَرْوَاحُ عِنْدَ الْمَقَاسِي
وَفِي كُلِّ شَذًى مِنْكِ نَفْحَةُ جَنَّةٍ
تُعِيدُ إِلَى الْقَلْبِ مَا ضَاعَ بِالنَّاسِي
تُقَبِّلُنِي نَسَمَاتُكِ فِي كُلِّ لَمْحَةٍ
كَأَنَّ الْهُدَى فِي رُوحِكِ سِرٌّ خَفَاسِي
وَفِي عِطْرِكِ السِّحْرِيِّ تَتْهَاوَى أَحْرُفِي
كَأَنِّي فِي بَحْرٍ مِنَ الْعِشْقِ تَنَاسِي
وَفِي لَيْلِكِ الْعَطِرِ إِذَا جَاءَ طَيْفُهُ
تُضِيءُ بِهِ أَنْفَاسُكِ بَيْنَ النَّوَاسِي
فَيَا سَارَةُ، الْعِطْرُ الَّذِي مِنْكِ عَابِقٌ
يُسَامِرُ نُجُومَ اللَّيْلِ وَيُشْعِلُ حَوَاسِي
يُدَاعِبُ فِي أَعْطَافِ الرُّوحِ مَسْرَحًا
كَأَنَّهُ فِي خَبَايَا الْوَقْتِ طِيبُ الْكَرَاسِي
إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ بِعِطْرِكِ زَائِرًا
تَرَاقَصَتِ الْأَكْوَانُ كُلُّ الْمَجَاسِي
أَيَا سَارَةُ، عَبِيرُكِ يَسْرِي فِي الْهَوَى
كَأَنَّ السُّحُبَ بِالْأُفُقِ تُحْيِي الْقَوَاسِي
إِذَا اقْتَرَبَتْ مِنِّي نَسَائِمُ عِطْرِكِ
أَضَاءَتْ عَلَى قَلْبِي بِنُورٍ خَفَاسِي
وَفِي كُلِّ أَنْفَاسٍ تَمُرُّ عَلَى الْهَوَى
يَرْفَرِفُ قَلْبِي حِينَ يَعْبَقُ بِالنَّاسِي
أَرَاهَا بِعِطْرِكِ طِيبًا مُؤَبَّدًا كَأَنَّ
الْخُلُودَ فِي رُوحِكِ غُصْنُ الْأَغَاسِي
عِطْرُكِ إِذَا جَاءَ ارْتَوَى الْقَلْبُ مِنْهُ
كَأَنَّهُ يَسْقِي الرُّوحَ مَاءَ الْكَرَاسِي
تُزَاحِمُهُ الْأَطْيَابُ فِي كُلِّ نَسْمَةٍ
كَأَنَّ الْأَزْهَارَ فِي خُطَاكِ تُبَاسِي
وَفِي عِطْرِكِ الْفَوَّاحِ لَحْنٌ مُؤَنَّقٌ
يُدَاعِبُ قُلُوبَ الْعَاشِقِينَ بِجُرَاسِي
وَفِي كُلِّ لَمْسَةٍ مِنْ شَذَاكِ جَمَالُهَا
يُحْيِي الْهَوَى أَنْفَاسِي، وَيُجْدِي الْأَحَاسِي
فَيَا سَارَةُ، الْعِطْرُ الَّذِي مِنْكِ سَاحِرٌ
يُضَافِرُ فِي الرُّوحِ مَا ضَاعَ فِي النَّاسِي
وَفِي كُلِّ عَبِيرٍ يُلَامِسُ قَلْبَنَا
تَزَادُ السَّعَادَةُ فِي شَذَاكِ الْمُنَاسِي
فَأَنْتِ الْهَوَى، وَأَنْتِ الْعَبِيرُ إِذَا أَتَى
وَفِي رَائِحَتِكِ سِرُّ الْجَمَالِ لَا يُقَاسِي
وَيَا لَيْتَنِي أُحْيِي عَبِيرَكِ دَوْمًا
فَأَنْتِ الرَّحِيقُ فِي الْكَوْنِ يَفَاسِي
387
قصيدة