عدد الابيات : 18
صَحَا الْقَلْبُ لِلذِّكْرَى وَأَنْجَدَ فِي الطَّلَبِ
يُرَجِّعُ صَوْتَ الشَّوْقِ مِنْ مُهْجَةِ الْحَدَقِ
فَيَا أُمَّ رُوحِي، يَا مَلَاذِي وَمُلْجَأَ قَلْبِي
إِلَيْكِ حَنِينِي فِي الصَّبَاحِ وَفِي الْغَسَقِ
سَقَتْنِي يَدَاكِ الْعَذْبَ مَنْهَلَ رِقَّةٍ
وَأَطْعَمْتِنِي بِالرِّفْقِ مِنْ سُنَّةِ الْعَبَقِ
وَأَلْبَسْتِنِي ثَوْبَ الْكَرَامَةِ مُوَشَّقًا
بِخَيْطِ الْمُحَبَّةِ وَالتُّقَى فَيْضَ مُعْتَنَقِ
تَمَايَلَ دَهْرِي فِي جَحِيمِ مُلِمَّةٍ
وَكُنْتِ لِي النُّورَ الْمُؤَثَّلَ فِي الْأُفُقِ
إِذَا مَا خَطَتْ فِي الدَّارِ يَزْهُو مَحِلُّهَا
وَإِنْ غَابَتِ الْأَنْوَارُ مِنْ جَانِبِ الطُّرُقِ
لَهَا صِفَةُ صَبْرِ أَيُّوبٍ وَحِلْمُ مُحَمَّدٍ
وَعِلْمُ نَبِيٍّ وَخِضْرٍ وَالْحِجَا بَلَغَ الْعُنُقِ
وَكَمْ شَقَّقَتْ فِي اللَّيْلِ خَيْطًا مِنَ الدُّعَا
فَأَفْضَى جَنَاحُ الْخَيْرِ فِي سَاحَةِ الْأُفُقِ
وَكَمْ مَسَحَتْ كَفًّا تَلَظَّتْ حَسْرَتِي
فَأَبْرَأَتِ النَّفْسَ الَّتِي حَارَتِ الْفِرَقِ
إِذَا قِيلَ مَنْ أَوْفَى وَمَنْ بَرَّ فِي الْوَرَى
فَأُمِّي لَهَا السَّبْقُ الْمُؤَثَّلُ بِالرُّتَقِ
وَإِنْ قِيلَ مَنْ مِسْكُ النَّدَى وَنَدَاهُ لَا
يُضَاهَى فَتِلْكَ الْأُمُّ ذُخْرُ الْعُلَا السَّبِقِ
إِلَيْكِ أُزَفُّ الشِّعْرَ مُنْسَكِبَ الدُّجَى
وَأَنْسُجُ مِنْ وَرْدِ الْقَوَافِي رُذَاذَ فُقِ
بِعِيدِكِ أُهْدِيكِ الثَّنَاءَ مُوَشَّحًا
وَأُكْرِمُ حَرْفِي بِالْمَدِيحِ لِمَنْ سَبَقِ
لِأُمِّي الَّتِي أَسْقَتْ جُرُوحِي مَحَبَّةً
وَرَطَّبَتِ الرُّوحَ الْعَطُوفَةَ بِالرَّشَقِ
إِلَيْكِ أُقَبِّلُ كَفَّكِ الطَّاهِرَةَ الَّتِي
جُبِلَتْ عَلَى الْخَيْرِ الْمُؤَثَّلِ بِالْحَقِ
فَسُبْحَانَ مَنْ أَوْلَاكِ صَبْرًا وَرَحْمَةً
وَحُسْنَ بَيَانٍ فِي الصِّفَاتِ بِلَا رَهَقِ
سَلَامٌ عَلَيْكِ الطُّهْرُ يَشْهَدُ لَكِ الْعُلَا
وَيَسْجُدُ فَوْقَ الْأَرْضِ حُبًّا لَكِ الْعِرْقِ
فَإِنِّي أَفِيكِ الْحُبَّ مَا عِشْتُ صَادِقًا
وَأَحْمِلُ فِي عَيْنَيَّ طُهْرَكِ كَالزُّهُقِ
385
قصيدة