عدد الابيات : 20
أَثَائِرُ، هَلْ تُجْدِي دُمُوعِي فِي خَطَبِ؟
وَهَلْ يَنْفَعُ الْحُزْنَ فِي ظُلَمِ النَّوَبِ؟
رَحَلْتَ كَأَنَّ الرِّيحَ سَاقَتْكَ عَاصِفًا
وَتَرَكْتَ لِي جُرْحًا يُكَابِدُ الْغَضَبِ
بَكَتْكَ الدِّيَارُ الْقَفْرُ حُزْنًا، وَإِنَّمَا
تُبَكِّي الْجِبَالُ رَاسِيَاتٌ بِالنُّجُبِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلِ الْأَرْضُ بَعْدَكُمْ
تَطِيبُ، وَيُجْدِي الصُّرَاخُ بِالْحَبَبِ؟
تَقُولُ الرِّيَاحُ الْعَاصِفَاتُ بِثَائِرٍ:
تَرَكْتَ الدُّمُوعَ تَنْسَكِبُ بِالسُّحُبِ
كَأَنَّكَ فَجْرٌ أُطْفِئَتْ نَارُ أَنْوَارِهِ
فَغَابَ وَلَمْ يُخْلِفْ لِأَمْثَالِهِ شُهُبِ
رَحَلْتَ كَرِيمًا شَامِخًا لَمْ تَكُنْ تُرَى
سِوَى جَبَلٍ بِالنَّاسِ، رَاهِبٍ مُنْتَصِبِ
وَكَمْ فَارِسٍ بِالْحَرْبِ بَاتَ حُسَامَهُ
فَخَرَّ عَلَى رُمْحِ الْوَفَاءِ وَلَمْ يَهِبِ
أَثَائِرُ، هَذِي الْأَرْضُ ظَمْأَى لِصَوْتِكَ
وَإِنْ طَالَتِ الْأَيَّامُ، وَبَادَ الطَّلَبِ
وَلَوْلَا الْقَدَرُ كَانَتْ يَدُنَا عَصِيَّةً
وَلَكِنَّهُ حُكْمُ الْمَوْتِ عَلَى الْعَرَبِ
مَا مَاتَ مَنْ أَبْقَى الْمَكَارِمَ نُورَهَا
وَلَا غَابَ مَنْ يَحْيَا بِفِعْلِهِ الطَّيِّبِ
وَإِنْ سَأَلُوا عَنْكَ الرِّيَاحَ وَجَدْنَهَا
تُنَادِي بِمَجْدٍ لَا يُسَاوَى وَيُجْتَبِ
فَلَا تَسْأَلُوا عَنْ بُكَائِي وَحُزْنِي
فَقَدْ صِرْتُ جُرْحًا لَا يُدَاوَى مُحْتَسِبِ
إِذَا جَاشَ قَلْبِي قُلْتُ صَبْرًا لَعَلَّهُ
يَكُونُ لِجُرْحِ الْفَقْدِ تَسْكِينُ مُغْتَرِبِ
وَلَكِنَّ حُزْنِي لَا يُغَيِّرُهُ الدُّجَى
وَلَا يُطْفِئُ الْحَرَّى فِي خَافِقِي شُهُبِ
أَثَائِرُ، كَمْ كَانَتْ يَدَاكَ مُسَابِقًا
لِعَافٍ، وَكَمْ جُدْتَ الْعَطَايَا لِلرُّحُبِ
وَكَمْ كُنْتَ دِرْعًا لِلْكِرَامِ إِذَا نَأَتْ
بِهِمْ عَنْ لِقَاءِ النَّائِبَاتِ يَدُ النَّكَبِ
سَلُوا عَنْكَ أَرْضَ الْمَجْدِ كَيْفَ رَعَيْتَهَا
وَكَيْفَ غَدَوْتَ الْعِزَّ فِي شَرَفِ النَّسَبِ
وَإِنْ كُنْتَ تَحْتَ التُّرْبِ حَيًّا، فَإِنَّنَا
نُكَابِدُ هَذَا الْحُزْنَ فِي مُهْجَةٍ تَذِبِ
فَسِرْ فَقِيدَ الْمَجْدِ بِالْخُلْدِ وَاثِقًا
فَإِنَّكَ نُجُومٌ لَا تُدَانَى بِالْعَرَبِ
375
قصيدة