عدد الابيات : 20
هَاكَ شِعْرِي يَا زَمَانُ فَأَشْعِلَا
نِيرَانَ فِكْرِي فِي الظَّلَامِ الْمُسْبَلَا
الْبَيْنُ أَلْهَبَ مُهْجَتِي فَأَذَابَهَا
وَتَشَعَّبَتْ رُوحِي كَصُبْحٍ مُرْسَلَا
لَيْتَ الْفِرَاقَ يُمِيتُ شَوْقِيَ لَحْظَةً
وَلَكِنَّهُ يُحْيِيهِ ضِعْفًا مُتَرَحِّلَا
نَقِّلْ فُؤَادَكَ كَيْفَ شِئْتَ فَلَنْ تَرَى
قَلْبًا يُبَدِّلُ حُبَّهُ وَإِنْ تَعَاقَلَا
لَا تَجُبْ أَرْضًا فَلَيْسَتْ مِثْلَهَا
دَارٌ تُعِيدُ لَكَ الْهَوَى مُكْتَمِلَا
مَا الْعُمْرُ إِلَّا وَحْشَةُ مُهْجَتِي
وَالنَّفْسُ تَرْجِعُ لِلْمَكَانِ الْأَوَّلَا
يَا رَاحِلًا وَالنُّورُ يَبْكِي خَلْفَهُ
وَاللَّيْلُ يَنْشُدُ أَدْمُعًا أَمَاثِلَا
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ ظِلَّكَ زَائِلٌ
حَتَّى غَدَوْتُ بِفَقْدِهِ مُتَمَاثِلَا
لَا الْعَيْنُ تَنْسَى فِي الْمَسَاءِ خَيَالَهُ
لَا الْقَلْبُ يُمْحَى طَيْفُهُ مُتَنَقِّلَا
أَأَقُولُ مَاتَ الْحُبُّ؟ كُفْرٌ قَوْلُهَا
إِنَّ الْفُؤَادَ عَلَى الْهَوَى مُرْسَلَا
إِنْ يَرْحَلِ الْعُشَّاقُ فَالْحُبُّ بِهِ
خَطَّ الْقُلُوبَ يَظَلُّ نُورًا مُقْبِلَا
يَا نَجْمَ لَيْلٍ فِي سَمَاءِ حَنِينِنَا
هَلْ تُدْرِكُ الْقَلْبَ الْمُعَنَّى مُنْقَلَا؟
سَافَرْتَ عَنِّي وَالْفُؤَادُ كَأَنَّهُ
وَتَرٌ تَكَسَّرَ فِي الظَّلَامِ وَتَمَيَّلَا
كَمْ مِنْ طُيُوفٍ بِالْمَسَاءِ تُطِلُّ بِي
كَيْ تَسْتَحِيلَ عَلَى الْمَدَى مُتَخَيَّلَا
يَا أَوَّلَ الْعُشَّاقِ، قُلْتُ مُتَيَّمًا:
مَا الْعُمْرُ إِلَّا أَنْ أُحِبَّ الْأَوَّلَا
رَحَلَتْ خُطَاكَ، وَلَمْ تَزَلْ بِخَافِقِي
نَارٌ تُعِيدُكَ فِي الْجَوَانِحِ مُشْعَلَا
مَا زِلْتُ أَرْسُمُ فِي الدُّرُوبِ مَلَامِحًا
يَا ضِيَاءَ الْعُمْرِ، يَا أَغْلَى مَأْمَلَا
وَكَأَنَّ صَوْتَكَ فِي الدُّجَى أُغْنِيَةٌ
تُلْقِي عَلَى رُوحِي الْحَنِينَ مُهَلِّلَا
يَا زَهْرَةً نَمَتْ بِقَلْبِي وَلَمْ تَزَلْ
حَتَّى وَإِنْ جَفَّتْ عُرُوقُ الْجَدْوَلَا
إِنْ كَانَ يُمْحَى الْعِشْقُ بَعْدَ فِرَاقِهِ
فَالْمَوْتُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمَوْصِلَا
375
قصيدة