عدد الابيات : 20
دِمَشْقُ، يَا نَبْضَ قَلْبِ الْكَوْنِ يَا أَلَقَا
يَا بَسْمَةَ الْفَجْرِ فَوْقَ اللَّيْلِ إِذْ غَسَقَا
يَا زَهْرَةَ الشَّرْقِ، يَا عِطْرًا يَفُوحُ لَنَا
مِنْ كُلِّ جُرْحٍ تَجَلَّى فِيكِ وَاحْتَرَقَا
أَنْتِ الَّتِي صُغْتِ مِنْ أَحْلَامِنَا أَمَلًا
وَمِنْ رَمَادِ الْأَسَى إِيمَانَ مَنْ وَثِقَا
يَا شَامُ، يَا لَوْحَةَ التَّارِيخِ، يَا وَطَنًا
خَطَّ الزَّمَانُ بِهِ الْأَحْرَارَ وَالنَّسَقَا
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْ رُبَاكِ قِصَّةُ مَجْدٍ
تُعِيدُ فِينَا اعْتِزَازَ الرُّوحِ إِذْا سَبَّقَا
هُنَا صَلَاحُ الدِّينِ فِي سَاحَاتِ عِزَّتِهِ
هُنَا الشَّهِيدُ الَّذِي لِلْقُدْسِ قَدْ عَشِقَا
هُنَا دِمَشْقُ، وَهَذَا الْمَجْدُ فِي دَمِهَا
يُحْيِي الصَّبَاحَ إِذَا مَا اللَّيْلُ قَدْ خَفَقَا
لَكِنَّكِ الْيَوْمَ فِي نَارِ الْأَسَى وَقَعْتِ
فَكَيْفَ يَهْدَأُ فِينَا الْقَلْبُ إِذِ احْتَرَقَا؟
رَأَيْتُ دَمْعَكِ، دَمْعَ الْوَرْدِ فِي جَذَلٍ
مَا عَادَ يَزْهَرُ إِلَّا حِينَمَا اخْتَنَقَا
وَسِرْتُ بَيْنَ شَوَارِعِ الْحُزْنِ أَحْمِلُهَا
عَلَى ذِرَاعَيْكِ عِشْقًا طَاهِرًا صَدَقَا
كَمْ قُلْتُ لِلنَّهْرِ: خَفِّفْ سَيْرَ هَمْسِهِ
لَعَلَّهُ يُطْفِئُ الْأَوْجَاعَ وَالْأَرَقَا
دِمَشْقُ، يَا أُمَّ أَرْضٍ مَا وَهَبْتِ لَنَا
إِلَّا الْحَيَاةَ، فَنَحْنُ الْحُبَّ قَدْ خَلَقَا
سَنُطْفِئُ النَّارَ فِي جُرْحٍ يُؤَرِّقُنَا
وَنَغْرِسُ الْعِيدَ فِي الْآهَاتِ وَالْقَلَقَا
مَا مَاتَ فِينَا وَفَاءُ الْأَرْضِ يَا حُلْمِي
وَإِنْ تَجَمَّعَ فَوْقَ الْحَقِّ مَنْ سَرَقَا
نَعُودُ يَا شَامُ، خَيْلُ الْمَجْدِ تَسْبِقُنَا
كَمَا أَتَيْنَاكِ فِي عِزِّ الْفِدَا فَرَقَا
يَا شَامُ، كُونِي لِعَيْنِي الْبَدْرَ مُبْتَسِمًا
وَكُونِي الْحُبَّ إِنْ جَفَّ الْهَوَى وَرَقَا
وَسَوْفَ تَبْقَيْنَ فِي التَّارِيخِ شَامِخَةً
كَالسِّنْدِيَانِ، عَزِيزًا جَذْرُهُ عَتِقَا
دِمَشْقُ، قُومِي، فَهَذَا الْكَوْنُ يَنْتَظِرُ
أَنْ تُشْرِقَ الشَّمْسُ مِنْ أَحْضَانِكِ حَدَقَا
وَفِي الْخِتَامِ أَقُولُ الشِّعْرَ مُعْتَذِرًا
فَمَا بَلَغْنَاكِ إِلَّا حِينَمَا الشَّوْقُ غَرِقَا
يَا شَامُ، هَذِي الْقَوَافِي بَعْضُ أَسْرَارِكِ
فَامْنَحِينِي عُمْرًا كَيْ أَزِيدَ شِعْرِي رَمَقَا
380
قصيدة