عدد الابيات : 20
عُيُونُكِ، يَا لُبَانُ، سُطُورُ الْمُعْجِزَاتِ
كَأَنَّ بِهَا سِرَّ الْمَدَى وَالْكَوْنِ بَاتِ
سَوَادُ عُيُونِكِ بَحْرٌ لَا قَرَارَ لَهُ
وَمَوْجُهُ أَسْرَارُ عِشْقٍ مَاضِيَاتِ
وَفِي هَدْبِكِ، يَا سَيِّدَةَ الْجَمَالِ، بَدَا
كَنُورِ فَجْرٍ شَقَّ صَدْرَ الظُّلُمَاتِ
إِذَا رَمَقْتِ، ارْتَجَّتِ الْأَرْضُ رَهْبَةً
وَإِنْ تَبَسَّمْتِ، أَضَاءَتِ الْكَائِنَاتِ
تُسَافِرُ عَيْنِي فِي مُحَيَّاكِ دَهْشَةً
وَتَنْسَى الدُّرُوبَ مِنْ شَغَفِ النَّظَرَاتِ
كَأَنَّكِ، يَا لُبَانُ، قَمَرٌ أَضَاءَ لَنَا
دُرُوبَ الْعِشْقِ فِي أَبْهَى الرِّوَايَاتِ
تَفِرُّ النُّجُومُ إِذَا أَطَلَّتْ عَيْنَاكِ
وَتَخْشَعُ الشُّمُوسُ فِي مِحْرَابِ ذَاتِ
وَكَيْفَ لِشَاعِرٍ، مَهْمَا أَجَادَ، أَتَى
بِوَصْفٍ يُضَاهِي فِتْنَةَ الْعَبَرَاتِ؟
تَحَدَّيْتُ كُلَّ الْحُسْنِ حِينَ ذَكَرْتُهَا
وَكُلَّ بَيَانٍ زَاحَمَ الْمُعْجِزَاتِ
فَقُومِي، وَاسْمَعِي الشِّعْرَ خَاشِعًا
يُرَتِّلُ حُبَّكِ فِي أَسْمَى الْمَقَامَاتِ
إِذَا قِيلَ: لُبَانُ، قَالَ كُلُّ عَارِفٍ
بِأَنَّ الْجَمَالَ انْتَهَى عِنْدَ الصِّفَاتِ
وَمَا الْفَرَزْدَقُ، لَوْ تَغَنَّى بِعَيْنِكِ
إِلَّا كَطِفْلٍ فِي حِمَى الْكَلِمَاتِ
وَكَيْفَ يُجَارِينِي أَبُو نُوَاسٍ، لَوْ رَأَى
سَوَادَ عُيُونِكِ فِي صِدْقِ السُّبَاتِ؟
عُيُونُكِ، يَا لُبَانُ، جَنَاحَا مَلَائِكَةٍ
وَفِي بَرِيقِهَا أَسْرَارُ السَّمَاوَاتِ
وَأَنَا الَّذِي أُعْلِنُ بِجُرْأَةِ شَاعِرٍ
تَحَدِّي الزَّمَانِ وَعُظْمَ الْكَائِنَاتِ
فَإِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا بَيَانٌ يُضَاهِي
عُيُونَكِ، هَاتُوا بِهِ رَغْمَ الْفَوَاتِ
أُعَلِّقُهَا فِي صَدْرِ التَّارِيخِ عَظَمَةً
وَأُعْلِنُ أَنِّي سَيِّدُ الْمُعَلَّقَاتِ
أَلَا يَا لُبَانُ، زِيدِينِي فِتْنَةً وَسِحْرًا
فَكُلُّ بَيْتٍ يَنْحَنِي لِالْتِفَاتِ
وَهَذِي الْمُعَلَّقَةُ، مِنْ حُبِّكِ تُضَاءُ
وَتُزْهِرُ فِيهَا أَلْوَانُ الْمُعْجِزَاتِ
فَيَا شُعَرَاءَ الْكَوْنِ، أَجِيبُوا صِدْقِي
مَنْ ذَا يُنَاظِرُنِي فِي مَجْدِ الْمُفْرَدَاتِ
385
قصيدة