عدد الابيات : 32
طَافَ الْخَيَالُ فَكَانَ الْحُسْنُ مِيعَادَا
وَسَارَ قَلْبِي إِلَى الْآمَالِ مُنْقَادَا
يَا سَارَةَ الْحُسْنِ، يَا أُفُقًا لَهُ عَلَمٌ
يَجْلُو الظَّلَامَ وَيُبْدِي النُّورَ إِسْعَادَا
يَا دُرَّةَ الشَّرْقِ، يَا تَاجَ الْمَدَى شَرَفًا
مَنْ ذَا يُضَاهِي جَمَالًا كَانَ مِيعَادَا؟
وَجْهٌ كَأَنَّ الصَّبَاحَ الطَّلْقَ زِينَتُهُ
وَالْبَدْرُ فِي وَجْنَتَيْهِ بَاتَ مُعْتَادَا
قَدْ أَبْدَعَتْكِ يَدُ الرَّحْمَنِ فِي عَجَبٍ
حَتَّى غَدَوْتِ عَلَى الْأَكْوَانِ إِفْرَادَا
شِعْرِي عَلَيْكِ، وَهَلْ لِلْقَوْلِ مِنْ غَزَلٍ
إِلَّا وَكَانَ لِأَجْلِكِ الْحَرْفُ مَيَّادَا؟
رُحْتُ أُنَاجِيكِ وَالْأَفْلَاكُ سَامِعَةٌ
وَالنَّجْمُ يُرْسِلُ مِنْ إِشْرَاقِهِ زَادَا
يَا سَارَةَ الْحُسْنِ، يَا أُنْسَ الْوُجُودِ
مَتَى تَمْنَحِينَ الْهَوَى حُبًّا وَإِسْعَادَا؟
هَامَ الْفُؤَادُ بِرُؤْيَاكِ الَّتِي سَكَنَتْ
رُوحِي وَأَشْعَلَتِ الْإِحْسَاسَ وَقَّادَا
إِنِّي إِذَا مَا نَظَرْتُ الْوَجْهَ مُنْبَسِطًا
أَرَى الْبَسِيطَةَ فِي عَيْنَيْكِ أَعْيَادَا
فَالْعَيْنُ كَالشَّمْسِ إِنْ أَشْرَقْتِ فِي دَعَةٍ
وَالثَّغْرُ كَالْغَيْثِ إِذْ أَعْطَى لَنَا الرَّشَادَا
يَا زَهْرَةً عَانَقَتْ عَرْشَ السَّمَا طَرَبًا
وَفِي عُطُورِكِ قَدْ أَعْطَيْتِ أَوْرَادَا
إِنْ كُنْتِ تَسْأَلِينَ الْقَلْبَ عَنْ وَلَهٍ
فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى فِي حُبِّكِ إِنْشَادَا
مَا كُنْتُ أُدْرِكُ أَنَّ الْعِشْقَ يَبْلُغُنِي
حَتَّى لَقِيتُكِ، فَاسْتَحَالَتِ الْأَبْعَادَا
إِنَّ الْغَرَامَ إِذَا مَا جِئْتِ يَرْفَعُهُ
كَأَنَّهُ فَوْقَ أَكْتَافِ الْعُلَى سَادَا
يَا حُورِيَّةَ الْأَرْضِ، مَنْ يُبْدِيكِ عَاطِرَةً
غَيْرُ السَّمَاءِ الَّتِي قَدْ زَيَّنَتْ وَادَا؟
إِنِّي أُحِبُّكِ حُبًّا لَا انْتِهَاءَ لَهُ
حَتَّى إِذَا مَا انْتَهَى الْعُمْرُ زَادَ ازْدِيَادَا
يَا قِبْلَةَ الرُّوحِ، إِنِّي الْيَوْمَ مُتَّصِلٌ
بِالْحُسْنِ مِنْكِ، فَكَانَ الْقَلْبُ مُعْقَادَا
يَا أَكْرَمَ النَّاسِ، إِنَّ الْحُبَّ فِي خَلَدِي
زَادَ عَلَى كُلِّ إِحْسَاسٍ وَأَعْدَادَا
فَكَيْفَ أَصْبِرُ وَالْقَلْبُ الَّذِي هَلَكَا
بَاتَ الْأَسِيرَ، وَفِي حُبِّكِ اسْتِعْبَادَا؟
يَا سَارَةَ الْحُسْنِ، لَوْ تَدْرِي الْمَدَى لَجَرَتْ
أَنْهَارُ شَوْقٍ إِلَى بَحْرٍ لَهُ عَادَا
فَالْحُبُّ فِيكِ سَمَاوِيٌّ يُعَانِقُهُ
كُلُّ الشُّعُورِ الَّذِي فِي الْقَلْبِ قَدْ شَادَا
أَنْتِ الْمُعَلَّقَةُ الْعُلْيَا الَّتِي رَسَمَتْ
لِلْحُسْنِ مَعْنًى، وَخَلَّدَتِ الْأَجْيَادَا
قَدْ قُلْتُ شِعْرِي، فَهَلْ بَعْدِي تَرَى أَحَدًا
يَنْسُجُ الْحُبَّ إِبْدَاعًا وَإِرْشَادَا؟
إِنِّي إِذَا قُلْتُ، كَانَتِ الْأَرْضُ سَامِعَةً
وَالدَّهْرُ فِي حَضْرَتِي يَشْهَدُ الْإِيجَادَا
فَاسْمَعِي الْقَوْلَ، يَا مَعْشُوقَتِي، فَغَدًا
يُصْبِحُ اسْمُكِ فَوْقَ الدَّهْرِ مُنْقَادَا
يَا سَارَةَ الْحُسْنِ، إِنَّ الْحَرْفَ فِي طَرَبٍ
وَالْقَلْبَ فِي حُبِّكِ بَاتَ مُعْتَادَا
لَوْ أَنَّ عُبَيْدًا رَأَى شِعْرِي لَقَالَ هُنَا
شِعْرٌ تَفَوَّقَ بِالْأَوْزَانِ إِمْدَادَا
قَدْ عُلِّقَتْ فَوْقَ أَبْوَابِ الْعُلَى فَخَرًا
وَخَلَّدَتْ كُلَّ إِحْسَاسٍ وَإِرْشَادَا
أَقْسَمْتُ بِالْحُبِّ، إِنَّ الشِّعْرَ مَنْبَعُهُ
رُوحٌ تُنَاجِي جَمَالًا مِنْكِ مُرْصَادَا
يَا زَهْرَةَ الْعُمْرِ، يَا مَنْ كُنْتِ فَاتِنَتِي
فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَفِي أَحْلَامِنَا زَادَا
خَتَمْتُ قَوْلِي، وَهَلْ لِلْخَتْمِ مِنْ عَجَبٍ
إِذْ كُنْتِ أَنْتِ الْمَدَى وَالْعُمْرُ مِيعَادَا
385
قصيدة