عدد الابيات : 17
أَيَا غُرْبَةَ الرُّوحِ الَّتِي قَدْ غَدَتْ هَوًى
تُسَافِرُ بِي فِي لُجَّةِ الْحُزْنِ وَالْبُعْدِ
أَرَى فِي مَرَايَا النَّفْسِ وَجْهًا مُكَدَّرًا
تُكَالِبُهُ الذِّكْرَى بِأَنْفَاسِهَا الْرَعْدِ
فَمَا زَالَ قَلْبِي فِي هَوَاكِ مُشَرَّدًا
تُقَلِّبُهُ الْأَشْوَاقُ مِثْلَ السُّحُبِ النَّدِّ
إِذَا مَا الْهَوَى صَاحَتْ بِهِ الرِّيحُ خَافِقًا
أَجَابَ بِأَنَّ الْقَلْبَ يَحْتَضِنُ الْوَرْدِّ
أَرَى الدَّهْرَ فِي لُجٍّ مِنَ الْوَحْشَةِ الَّتِي
تُبَدِّدُ أَحْلَامِي وَتَنْسِجُ لِي السُّهْدِ
وَمَا لِي إِلَى طَيْفِ الْوِصَالِ سَبِيلَةٌ
سِوَى أَنْ أَصُوغَ الشِّعْرَ أَنْدَاحُ بِالْحَدِّ
أُحَدِّثُ أَيَّامِي الَّتِي قَدْ تَكَسَّرَتْ
وَأَشْكُو لَهَا أَوْجَاعَ أَشْوَاقِهَا الْوَجْدِ
فَمَا كَانَ إِلَّا طَيْفَ حُلْمٍ مُشَرَّدٍ
تَبَاعَدَ عَنِّي حِينَ أَدْنَيْتُهُ الْوُدِّ
أَيَا غُرْبَتِي، لَا تَطْوِ ظِلَّكِ عَنْ دَمِي
فَفِي نَبْضِهِ مَا زِلْتُ أَحْتَمِلُ الصَّدِّ
أَذَاقَتْنِي الْأَيَّامُ طَعْمَ غَرَامِهَا
فَكَانَ كَسَمٍّ قَدْ تَدَثَّرَ بِالْعَهْدِ
أُرَاوِدُ نَفْسِي عَنْ لُقَاكِ، فَمَا أَرَى
النَّفْسِ تَحْكِي مَرَارَةَ هَذَا الْعَدَدِ
إِذَ جَفَّ نَبْضُ الْحُبِّ، قُلْتُ لِرُوحِيَ:
ارْتَوِي مِنْ مَاءِ صَبْرِي عَلَى الْوَأْدِ
فَمَا الْحُبُّ إِلَّا غُرْبَةٌ تُطْفِئُ الْمُنَى
وَتَسْكُنُ فِي الْأَحْلَامِ كَالنُّورِ فِي السَّدِّ
أَيَا نَفْسُ، إِنْ لَمْ تَصْبِرِي عَلَى الْجَوَى
فَإِنَّ الشَّجَا يَجْثُو عَلَى مَنْ يُرِيدُ الْجَدِّ
أُقَلِّبُ صَفْحَاتِ الزَّمَانِ، فَمَا أَرَى
سِوَى حُلُمٍ بَاتَتْ تُدَاعِبُنِي بِالْسُهْدِّ
أَيَا لَيْتَ طَيْفَ الْحُبِّ يَرْجِعُ بَعْدَمَا
تَبَدَّدَ فِي صَحْرَاءِ أَحْلَامِي وَالصَّدِّ
وَمَا زِلْتُ أَرْجُو أَنْ أُقَبِّلَ ظِلَّكِ
مُقَدَّسَاً إِنَّ الْحُبَّ يَحْتَرِقُ بِالْوَعْدِّ
417
قصيدة