عدد الابيات : 25
الْوَجْهُ بَدْرٌ تَجَلَّى فِي مُحَيَّاهُ فَرَحًا
كَأَنَّ شَمْسَ الضُّحَى أَشْرَقْنَ فِي نَاهَا
وَالشَّعْرُ نَهْرٌ مِنَ الْأَلْوَانِ قَدْ هَطَلَتْ
مَوْجَاتُهُ عَسْجَدًا تَزْهُو ثَنَايَاهَا
يَا سَارَةَ الْحُسْنِ، إِنَّ الْكَوْنَ مُنْبَهِرٌ
بِسِحْرِ عَيْنَيْكِ، وَالْأَقْدَارُ تَرْعَاهَا
إِنْ نَطَقَ الثَّغْرُ، أَفْنَى الْعَقْلَ رِقَّتُهُ
وَإِنْ تَبَسَّمَ، شَمْسُ الْكَوْنِ تَهْدَاهَا
وَالْوَرْدُ يَخْجَلُ مِنْ خَدَّيْكِ مُحْتَشِمًا
كَأَنَّ عِطْرَ النَّدَى يُسْتَوْحَى شَذَاهَا
فِي مَشْيِهَا، كُلُّ مَعْنَى الرِّفْقِ قَدْ سَطَعَ
كَأَنَّهَا فَوْقَ مَاءِ الْحُبِّ تَمْشَاهَا
يَا زَهْرَةَ الْقَلْبِ، لَوْ أُوتِيتُ أَجْنِحَتِي
لَطِرْتُ شَوْقًا، وَضَاعَ الْقَلْبُ مَغْنَاهَا
مِنْ رِقَّةِ الطَّبْعِ صَاغَ اللَّهُ صُورَتَهَا
وَاللُّطْفُ فِي كُلِّ طَبْعٍ كَانَ مَعْنَاهَا
مَا غَابَ طَيْفُكِ عَنْ عَيْنِي وَلَا سَكَنَتْ
أَشْوَاقُ قَلْبِي الَّتِي بَاتَتْ تُنَاجَاهَا
كُلُّ الْقَوَافِي أَبَتْ إِلَّا مَحَبَّتَهَا
فَغَنَّتِ الرُّوحُ شِعْرًا فِي رُبَاهَا
إِنِّي أُبَاهِي بِهَذَا الْحُسْنِ قَافِيَتِي
وَكُلُّ بَيْتٍ هُدًى، نُورًا، تَنَاهَاهَا
يَا سَارَةَ الْحُبِّ، يَا سِرَّ الْوُجُودِ هُنَا
يَا حُلْمَ عُمْرِي، وَيَا سَلْوَى مُحَيَّاهَا
هَلَّا أَتَيْتِ عَلَى ظَمْآنَ تَسْقِيهِ؟
فَالْكَأْسُ مِنْكِ شَرَابُ الْخُلْدِ قَدْ جَاهَا
إِنِّي وَهَبْتُكِ رُوحًا لَسْتُ أَمْلِكُهَا
فَهِيَ الْأَسِيرَةُ بَيْنَ الْحُبِّ تَغْشَاهَا
لَوْ أَنَّ فِي الْأَرْضِ نُطْقًا لِلْجَمَادِ غَدَا
يُنْشِدُ بِاسْمِكِ أَشْعَارًا وَيُهْدَاهَا
كَمْ ذَاقَتِ النَّفْسُ أَشْجَانًا مُبَرِّحَةً
لَكِنَّ قُرْبَكِ أَضْحَى خَيْرَ دُوَّاهَا
فِي طَلْعَةِ الْبَدْرِ يَبْدُو الْحُسْنُ مُنْبَهِرًا
لَكِنَّ طَلْعَتَكِ الْغَرَّاءَ أَفْنَاهَا
يَا مَنْ هَوَاكِ سَمَاءٌ لَا انْتِهَاءَ لَهَا
وَكُلُّ دَرْبٍ إِلَى عَيْنَيْكِ مَسْرَاهَا
وَمَا وَجَدْتُ سِوَاكِ الْحُبَّ فِي أَلَقٍ
فَكُلُّ أُنْثَى تُبَاهِيكِ تَرْعَشَاهَا
يَا حُسْنَ سَارَةَ، لَوْ تُهْدَى الْقُلُوبُ لَنَا
لَأَهْدَيْتُ رُوحِي لَكِ، عُمْرًا، وَسِيمَاهَا
يَا شَاعِرَةَ الْعِشْقِ، إِنَّ الْبَدْرَ مُفْتَتَنٌ
فِي مُقْلَتَيْكِ، وَأَضْوَاءٌ تَحَدَّاهَا
مَا خَابَ فِيكِ غَرَامٌ كُنْتُ أَرْجُوهُ
يَا قُبْلَةَ الْقَلْبِ، بَلْ أَسْمَى تَمَنَّاهَا
يَا مَنْ إِذَا مَرَّ طَيْفُ الْحُبِّ فِي حُلُمٍ
يُشْرِقُ بِهِ الْكَوْنُ مِنْ آمَالِ رُؤْيَاهَا
مَا لِلْحَيَاةِ إِذَا مَا غَابَ وَجْهُكِ عَنْ
قَلْبِي سِوَى غُرْبَةٍ ضَاعَتْ مَجْرَاهَا
كَأَنَّمَا الْكَوْنُ أَضْفَى فِيكِ مُعْجِزَةً
فَكُلُّ حَرْفٍ يُنَادِي: اللَّهُ سَوَّاهَا
407
قصيدة