عدد الابيات : 26
رَأَيْتُ هَوَاهُ فِي الْفُؤَادِ كَمُلْهِمِ
فَصَارَ كَنَجْمٍ فِي الدُّجَى غَيْرِ مُعْتَمِ
وَأَغْرَقَنِي فِي بَحْرِ حُبٍّ يُحِيطُنِي
كَأَنِّي غَرِيقٌ فِي شِبَاكِ التَّأَلُّمِ
تُنَازِعُهُ نَفْسِي إِذَا مَرَّ خَاطِرٌ
وَيُشْعِلُهَا نَارًا كَصَاعِقَةِ السَّمِّ
إِذَا مَا تَكَلَّمْنَا تَهَاوَى صُمُودُهُ
كَأَنِّي بِهِ قَدْ صَارَ كَالطِّفْلِ فِي الْعَمِّ
فَيَا وَيْحَ قَلْبٍ مَا اسْتَرَاحَ لِحُبِّهِ
كَأَنَّ جِرَاحَ الشَّوْقِ دَمْعٌ مُتَرْجِمِ
غَيَارَتُهُ مِثْلُ السِّيَاطِ بِلَسْعِهَا
كَأَنَّ جَحِيمَ النَّارِ فِيهَا مُتَقَدِّمِ
إِذَا غِبْتُ عَنْهُ بَاتَ يَرْمِي مَلَامَةً
كَأَنَّ جُنُونِي صَارَ ذَنْبًا مُحَرَّمِ
وَإِنْ طُفْتُ بِالْعَيْنِ عَلَى غَيْرِ شَخْصِهِ
تَسَلْطَنَ مِثْلَ السَّيْفِ فِي صَدْرِ مُهْتَمِ
فَيَا لَيْتَ لِي قَلْبًا عَلَى غَيْرِ صَبْوَةٍ
وَيَا لَيْتَنِي لَا أَبْتَغِي غَيْرَ مُنْعِمِ
وَلَكِنَّهُ الْحُبُّ الَّذِي لَا مَفَرَّ مِنْ
مُدَامِهِ كَالْخَمْرِ يَسْرِي بِدَمِي
تَغَارُ الْعُيُونُ حِينَ أَشْدُو بِوَصْلِهِ
كَأَنَّ الْعُيُونَ الْبَحْرُ مِنْ عُمْقِ مُظْلِمِ
أَيَا بَدْرَ هَذَا الْقَلْبِ، مَا لَكَ سَاحِرٌ؟
كَأَنَّكَ فِي سِحْرِ الْجَمَالِ الْمُتَمِّمِ
إِذَا مَا نَظَرْتُ الْعَيْنَ فِي عَيْنِ غَيْرِهِ
أَتَى كَالْعَوَاصِفِ فِي هَوَاهُ لِيَفْحَمِ
وَلَوْ نَالَ مِنْ حُبِّي لَهُ مَا أَرَادَهُ
لَمَا بَاتَ يَشْكُو غَيْرَ وَهْمٍ مُبْهَمِ
فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْهَوَى لَيْسَ غَايَةً
وَلَكِنَّهُ فِينَا كَأَسْرَارِ مُعْتَصِمِ
إِذَا غِرْتَ مِنْ حُبٍّ سَكَنَّا ظِلَالَهُ
فَإِنَّ الْغَيَارَةَ مِثْلُ سَهْمٍ بِمُرْجِمِ
أَيَا حُبَّ عُمْرِي، لَا تَكُنْ لِي مُعَذِّبًا
فَإِنَّكَ فِي قَلْبِي كَنَجْمٍ مُكَرَّمِ
وَإِنَّ الَّذِي بِالْقَلْبِ مِنْكَ مُطْمَئِنٌّ
كَأَنَّكَ فِيهِ الرُّوحُ فِي الْقَلْبِ مُنْعِمِ
أَيَا قَمَرًا قَدْ ضَاءَ فِي اللَّيْلِ وَحْدَهُ
كَأَنَّكَ بَدْرٌ فِي السَّمَاءِ الْمُسَجَّمِ
إِذَا كُنْتَ تَحْيَا بِالْهَوَى مِثْلَ شَاعِرٍ
فَلَا تَسْأَلِ الدُّنْيَا عَنِ الْحُبِّ وَالْأَلَمِ
أَيَا مَنْ سَكَنَ الرُّوحَ، لَا زِلْتَ حَافِظًا
عُهُودَ الْهَوَى فِي الصَّبْرِ مِثْلَ الْمُتَيَّمِ
وَلَوْ أَنَّ قَلْبِي صَارَ مِثْلَ سَمَائِهِ
لَظَلَّ سَحَابَ الْحُبِّ فِيهَا مُتَرْجِمِ
فَيَا عَاشِقَ الْأَوْطَانِ، إِنْ كُنْتَ عَالِمًا
بِأَنَّ الْهَوَى سَهْمٌ كَضَوْءٍ بِمَقْتَمِ
فَلَا تَتْرُكِ الْقَلْبَ الَّذِي صَارَ مِنْبَرًا
لِهَوَاكَ كَيْ يَحْيَا سَعِيدًا بِمُلْهِمِ
تُحَاصِرُنِي نَارُ الْغَيَارَةِ مِثْلَمَا
تُحَاصِرُ أَمْوَاجُ الْبِحَارِ لَحَائِمِ
وَلَكِنَّنِي بِالْحُبِّ صِرْتُ أَمِيرَهُ
كَأَنَّنِي فِي الْحُبِّ بَدْرُ الْمَوَاسِمِ
407
قصيدة